حرية – (28/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
ترأس نقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي اجتماع اللجنة العليا المكلفة بالتهيئة لاحتفالات العيد الوطني للصحافة العراقية في ذكراه الرابعة والخمسين بعد المائة وقد جرى خلال الاجتماع بحث كافة الاجراءات التي اتخذتها نقابة الصحفيين العراقيين وفروع النقابة في المحافظات وفق سلسلة من الفعاليات ابرزها الاعداد للاحتفال المركزي الذي سيقام في قاعة الزوراء بفندق الرشيد ومهرجان المحافظات في متنزه الزوراء والاحتفال الجماهيري في المركز الثقافي والاجتماعي الف ليلة وليلة فضلا عن استضافة اجتماعات المكتب الدائم والامانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب … كما تم بحث ما ستقدمه الجهات الساندة الممثلة من عدد من الوزارات والدوائر الاخرى التي اوعز السيد رئيس الوزراء لها بالتعاون مع نقابة الصحفيين العراقيين بتقديم كافة التسهيلات لانجاح تلك الاحتفالية الوطنية .
وضم الاجتماع رئيس شبكة الاعلام العراقي وممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والكهرباء والنقل وقيادة عمليات بغداد وامانة بغداد وسلطة الطيران المدني وجهات رسمية اخرى .
وقداعتاد الصحفيون العراقيون الاحتفال بيوم الصحافة العراقية في الخامس عشر من حزيران من كل عام باعتبار ان هذا التأريخ هو ولادة اقدم جريدة عراقية وهي / الزوراء/ صدرت في مثل هذا التاريخ من عام 1869 .
ولتسليط الضوء على نشأة وتكوين الصحافة العراقية لابد من الوقوف عند هذا التاريخ والبحث في حيثيات هذا الوليد وفي هذا الظرف الذي مر به العراق آنذاك حيث السيطرة العثمانية على البلاد واستشراء الامية بين أبنائه وحالة الفقر والحرمان الموغلة في اطناب المجتمع العراقي.
وتبدأ قصة الصحافة العراقية مع تعيين الوالي مدحت باشا على العراق حيث جلب معه مطبعة من باريس وصارت تطبع فيها الجريدة، ثم أسس بعدها مدرسة صناعية في بغداد، وكان من بين أهدافها سد حاجة المطبعة إلى العمال الفنيين والمرتبين وكان الهدف الأساسي للجريدة هو إعادة الثقة المفتقدة ما بين المواطن والسلطة. ويشكل ظهور هذه الجريدة علامة تحول بارزة وانعطافه للتحول إلى الحياة الحضارية والتقدم الذي كان يتسارع في العالم وخصوصا في أوروبا.
والزوراء صحيفة رسمية أسسها الكاتب أحمد مدحت أفندي وهو في الوقت نفسه أول من تولى رئاسة التحرير فيها. تولاها بعده عزت الفاروقي وأحمد الشاوي البغدادي وطه الشواف ومحمد شكري الآلوسي وعبد المجيد الشاوي وجميل صدقي الزهاوي. .
اهتمت الزوراء بنشر أخبار تتعلق بالشؤون الداخلية والخارجية بالدرجة الرئيسية إضافة إلى نشر الفرمانات ومقالات في الشؤون الثقافية والسياسية والصحية. كما اهتمت بانتقاد ظاهرة الفساد في أداء الإدارات الحكومية.
وتعتبر الزوراء مصدرا تاريخيا هاما لتقييم الأوضاع السياسية والاجتماعية السائدة في العراق خلال تلك الفترة.
ونشرت جريدة الزوراء البيانات الخاصة بها على صدر صفحتها الأولى نقتطف منها هذا المقطع (الجريدة) تطبع في الأسبوع مرة كل يوم ثلاثاء وهي حاوية لكل نوع من الاخبار والحوادث الداخلية والخارجية قيمتها عن مدة سنة (70) غرشا وعن مدة ستة أشهر (40) غرشا وكل نسخة منها تباع ب (40) بارة داخل الولاية ويضاف عليها إلى سائر المحال والامكنة اجرة البوستة والذي يرغب في اخذها اما سنة أو ستة أشهر فليراجع مطبعة مركز الولاية حيث تطبع).
لقد صدرت الزوراء بأربع صفحات من الحجم المتوسط على الرغم من ان بعض مؤرخي الصحافة العراقية قد ذهبوا إلى انها كانت تصدر بصفحتين أو بثماني صفحات، ولكن اعداد الجريدة الصادرة تشير وبشكل حاسم إلى ان صدورها كان باربع صفحات على الرغم من ان الزوراء قد صدرت بشكل استثنائي في بعض الفترات بأكثر من اربع صفحات. وبشكل عام، كانت صفحات الزوراء الأربع مقسمة إلى قسمين: صفحتان باللغة التركية وصفحتان باللغة العربية وكانت الصفحتان العربيتان ترجمة حرفية للصفحتين التركيتين. وكانت تصدر في بعض الأحيان باللغة التركية وحدها وربما يعود ذلك إلى عدم وجود محرر عربي في تلك الفترة أو إلى عدم اكتراث الإدارة الحاكمة بالطبعة العربية ومن ثم بالجمهور الذي ينشر له تلك الطبعة.
ولم تكن لغة الجريدة العربية على مستوى واحد من الجودة اثناء فترات صدورها اذ كانت في بعض الأحيان حسنة الأسلوب ذات لغة سليمة وواضحة وفي أحيان أخرى كانت ذات لغة سقيمة ورديئة وهذا ما كان يعكس أسلوب ومستوى مترجمها أو محررها العربي فاذا كان اديبا متمكنا من اللغة ظهر ذلك على المواد المنشورة والعكس صحيح.
وكانت الزوراء جزءا من آلية الإدارة العثمانية فهي تابعة إداريا وماليا لإدارة الولاية وكان العاملون فيها من الجهاز الوظيفي الحكومي ومن ثم كانت تعبر عن سياسة الولاية فلم يظهر في الصحيفة ما يتعارض مع السياسة العثمانية لان الزوراء لم تكن صحيفة رأي ولا كانت تنشر أفكارا لا تنسجم مع سياسة الإدارة الحاكمة وفي الواقع كانت معظم مواد الجريدة مكرسة لنشر الأنظمة والقوانين والمراسيم والاعلانات الرسمية والأهلية.
وقد جعلها والي بغداد وهو من سلطنة الدولة العثمانية حيث خضع العراق لحوالي 400 سنة من الحكم العثماني من عام 1535 وحتى عام 1917 لسان حال الولاية وقد استمرت في الصدور مدة 48 عاماً حتى بلغ مجموع ما صدر منها (2607) اعداد حيث صدر العدد الأخير في 11 / اذار / 1917 وبقيت الجريدة الوحيدة في بغداد حتى صدور الدستور العثماني سنة 1908م حيث ظهرت في العراق عدة جرائد باللغة العربية.