حرية – (30/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
قال خبیر إيراني في الشؤون الدولية في معرض تحليله للسياسة الخارجية لحكومة “رئيسي”، إن العديد من القضايا الأساسية التي تواجه السياسة الخارجية الإيرانية أثرت إلى حد كبير على الشؤون الداخلية الإيرانية، ولعلّ قضية مناقشة دبلوماسية إيران الإقليمية، هي إحدى تلك القضايا وهي جزء يمكن الدفاع عنه، رغم أنها أتت في وقت متأخر لكنها لم تخضع للتقييم وعن ما إذا كانت مرضاً وعلّة أم لا.
وفي مقابلة مع موقع رويداد 24، صرح الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه: “أدت 7 سنوات من التوترات والضغوطات المفروضة على البلاد، فضلاً عن تداعياتها على المنطقة بأكملها، إلى إضعاف قدرة إيران على المساومة في الساحة الدولية”.
وقال: “المثير للأسف أن من كانوا صنّاع هذه القضايا يستمرون في العمل إلى اليوم كأصحاب نفوذ ومؤثرين، وفي أي لحظة ينبغي على المرء أن ينتظر حتى يتسبب تشددهم وتطرفهم في إلحاق ضرر آخر في مكان آخر”.
وأضاف فلاحت بيشه: “ما يطرح اليوم في المشهد المحلي تحت عنوان زيارة سلطان عمان لإيران، له أثر على القضايا الإقليمية والعلاقات الإقليمية بين إيران والدول العربية، أكثر مما له على الملف النووي والمفاوضات مع أمريكا”.
وأردف: “يتخلل كيان السياسة الخارجية لإيران تجاه المنطقة، نوع من الأمراض الوبائية، والذي تعد قضية أفغانستان أحدث أمثلته، حيث برز للمشهد أخيرا نوع ما من التشدد تجاه الجانب الأفغاني، بحيث أن نفس الأشخاص الذين نظروا يوم ما إلى طالبان كإخوة مجاهدين، سرعان ما اتخذوا موقفًا متشددًا ضدهم، مما يشير إلى أنه ليس لديهم موقف واضح تجاه طالبان”.
وتابع الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني: “نفس الجهات التي رحبت بإعطاء سفارة الحكومة الأفغانية الشرعية لحكومة طالبان وعلمها غير الشرعي، اتخذت الآن سياسة متطرفة تجاه هذه الخطوة. ومن المثير للاهتمام أنهم في أي وقت يكونون عاملاً مؤثراً في السياسة الخارجية”.
ويرى هذا الخبير الدولي أن إيران بحاجة إلى سياسة براغماتية تجاه أفغانستان، لأنه على الرغم من أن طالبان لديها خبرة أقل منها في إدارة الحكومة، إلا أنها تصرفت بطريقة أكثر براغماتية في الحادثة الأخيرة.
وأضاف: “حاول مسؤولو البلاد توخي الحذر في تصريحاتهم التي أدلوا بها، إلا أنهم تسببوا في الوقت نفسه في إذلال قضايا وملفات أخرى. فمنذ توليهم مناصبهم منذ عامين، حصلت إيران على 4 ملايين متر مكعب فقط من أصل 850 مليون متر مكعب من حقوقها المائية مع أفغانستان، مع العلم أن تلك الـ 4 ملايين وصلت الأراضي الإيرانية بسبب الفيضانات والتي لم يتمكن الجانب الأفغاني من إيقافها، وإلا لما سمحوا لها بالوصول”.
وشدد على أن إيران بحاجة إلى سياسة براغماتية تجاه طالبان، وقال: “يجب على إيران شل أيدي طالبان عن مصادر تهريب المخدرات الكبرى إلى إيران. فالدخل الذي يحصل عليه المهربون الأفغان وطالبان من تصدير المخدرات إلى إيران هو أكثر من إجمالي أداء قطاع البناء في إيران في عام واحد”.
وأكد هذا الخبير: “أولئك الذين يعلنون في الإحصاءات الاقتصادية أن إيران تصدر ما بين 2 إلى 3 مليار من السلع إلى أفغانستان سنويًا، وتستورد فقط أقل من 100 مليون من أفغانستان، لا يحسبون أن دخل طالبان والمهربين والأرباح التي يحصدونها من تجارة المخدرات، هي بكل بساطة عدة أضعاف الربح الذي تجنيه إيران من التصدير إلى أفغانستان”.
وقال: “وعلاوة على حقيقة معاناة الشباب والعائلات الإيرانية من قضية تهريب المخدرات، نرى أن لطالبان اليد العليا، في تخصيص جزءًا كبيرًا من حقوق إيران المائية لزراعة الخشخاش”.
وتابع: “إن أكثر صانعي السياسة الخارجية ترهيبًا هم الفاعلون في الساحة الأفغانية، الأمر الذي فرض في الواقع نوعًا من الخوف على السياسة الخارجية للبلاد تجاه أفغانستان ودفع بلدنا إلى اتخاذ إجراءات مثل تسليم السفارة وبعض الإجراءات الأخرى التي تقلل من كرامتنا وشأننا”.
وذكر خبير السياسة الخارجية هذا، أن أولئك الذين يجعلون السياسة الخارجية للبلاد إفراطية متشددة لا يخضعون أبدًا للمساءلة ولا تتم مقاضاتهم أبدًا: “تجرّم إيران الكثير من المقصرين والمهملين، إلا أنها تتجاهل قضية الإضرار بالمصالح الوطنية للبلاد وترفض تشخيصه على أنه مرض وبائي. فبعض النشطاء السياسيين لا يفقهون سوى سياسية خلق التوترات والصراعات، والجزء الأهم من سياستهم هذه هي إسقاط هذا التوتر على الداخل والخارج”.
يشار إلى أنّ العلاقات بين طهران وحركة طالبان المسيطرة على أفغانستان تشهد توتراً متزايداً، على خلفية مطالبة إيران المستمرة بحصتها من مياه نهر هيرمند (هلمند).
وفي الثامن عشر من الشهر الجاري، أطلق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تحذيراً للسلطات الأفغانية لاحترام حصة بلاده من مياه هيرمند بموجب اتفاقية عام 1972.
من جهتها، أصدرت “طالبان” بياناً انتقدت فيه تصريحات رئيسي، مؤكدة أنها تحترم الاتفاقية، لكنها قالت في الوقت ذاته إنّ المياه غير كافية لتسييرها إلى داخل الأراضي الإيرانية في محافظة سيستان وبلوشستان المهددة بالجفاف.
من جهتها، نشرت وسائل إعلام إيرانية صوراً جوية عن امتلاء السدود داخل الأراضي الأفغانية من نهر هيرمند (هلمند). ومن جهتها، تطالب السلطات الإيرانية بإرسال فريق فني إلى أفغانستان للتحقق من تصريحات سلطات كابول بشأن عدم وجود مياه كافية، لكن الطلب رفضته تلك السلطات بالقول إنّ الاتفاقية المبرمة عام 1972 لا تنصّ على ذلك.