حرية – (11/6/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
متخصصون يؤكدون بان تداول العملات المزورة يؤدي إلى التشويش على أنظمة الدفع والتجارة الشرعية، من دون التسبب في ارتفاع سعر صرف الدولار لارتباطه بعوامل أخرى كالسعر الرسمي من البنك المركزي العراقي وتهريب الدولار.
تمكنت السلطات العراقية، الثلاثاء الماضي، من اعتقال أجنبيين اثنين حاولا إدخال مبالغ مالية مزورة إلى العراق عن طريق الحدود، في خطوة تهدف إلى التأثير في الاقتصاد العراقي الذي يجرم هذه الممارسات، في حين يصف متخصصون في الشأن الاقتصاد العراقي، بأن هذه التدفقات من العملات المزيفة تعد من الجرائم الاقتصادية الكبرى التي تعود إليها عناصر الجريمة الاقتصادية المنظمة من خارج البلاد، مشددين على أنها لا تؤثر في استقرار السياسة الاقتصادية لكونها محدودة ويمكن التصدي للمتعاطين بها فوراً من جانب أجهزة حفظ القانون.
ومطلع يونيو (حزيران) الحالي، دخل قرار مجلس الوزراء العراقي الخاص بالدفع بالإلكتروني (POS) حيز التنفيذ، إذ سيتم العمل به في الأسواق والمراكز التجارية ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص في خطوة تقلل من استخدام النقود والتقليل من عمليات سرقة الأموال والحد بشكل كبير من تداول العملة المزيفة الذي يسعى إليه عناصر الجريمة الاقتصادية المنظمة.
اعتقال أجنبيين اثنين
وأعلنت قيادة قوات الحدود، الثلاثاء الماضي، اعتقال أجنبيين اثنين حاولا إدخال مبالغ مالية مزورة إلى العراق.
وقالت القيادة في بيان، إن “مفارز مركز شرطة جمرك الشلامجة التابع لمديرية شرطة جمارك المنطقة الرابعة تمكنت في عمليتين منفصلتين من إلقاء القبض على متهمين أجنبيين اثنين بحوزتهما مبالغ مالية مزورة من فئة 25 ألف دينار كانا يعتزمان إدخالها إلى الأراضي العراقية”.
وأضاف البيان “تم تنظيم محضر ضبط أصولي واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهما”.
تحذير مسبق
ويعرف البنك المركزي العراقي بحسب ما نشره على موقعه الرسمي، التزوير بأنه تغيير للحقيقة بقصد الغش بإحدى الطرق التي نص عليها القانون تغيراً من شأنه أن يسبب ضرراً.
في حين أن التزييف ينصب على التقليد مثل العملات سواء كانت ورقية أو معدنية أو الطوابع البريدية والمالية والأوراق ذات القيمة والمسكوكات.
ويكون ذلك عن طريق تقليدها بأي طريقة لتكون مشابهة للأصل، وهو يعد تعدياً على سيادة الدولة وذمتها المالية وله عديد من الآثار والمساوئ على اقتصاد الدولة وسمعتها وثقة الدول والجمهور في عملاتها.
ووضع البنك المركزي العراقي بموجب قانونه المرقم 56 لسنة 2004 القسم الحادي عشر بنود وأحكام على جريمة التزييف ومنها المادة 50 “يعتبر كل شخص يسك أو يشرع في الإعداد لسك نقود مزيفة مرتكباً لجناية يعاقب عليها القانون بدفع غرامة لا تزيد على 50 مليون دينار (38.8 ألف دولار أميركي) أو الحبس لمدة لا تزيد على 5 سنوات أو كلاهما معاً”.
بينما المادة 51 في تعريف (الحيازة) تنص “يعتبر كل شخص يقوم متعمداً الغش مع معرفته بذلك (شراء أو قبول أو عرض بشراء قبول، حيازة أو امتلاك، استجلاب إلى العراق) النقود المزيفة مرتكباً لجناية يعاقب عليها القانون بدفع غرامة لا تزيد على 50 مليون دينار (38.8 ألف دولار) أو الحبس لمدة لا تزيد على 5 سنوات أو كلاهما معاً”.
وتشير المادة 52 (ترويج النقود المزيفة) في الفقرة الأولى، إلى أن “كل شخص يقوم متعمداً الغش مع معرفته بذلك (ترويج النقود المزيفة أو إبداء استعداده لترويج نقود مزيفة أو لاستخدامها كنقود أصلية، تصدير أو إرسال أو قبول النقود المزيفة خارج العراق) يكون مرتكباً جناية يعاقب عليها القانون بدفع غرامة لا تزيد على 100 مليون دينار (75.7 ألف دولار) أو الحبس لمدة لا تزيد على 10 سنوات أو كلاهما معاً”.
غرامات قانونية
بينما المادة 53 (النقود الرمزية والرقائق المعدنية الشبيهة بالعملات) فتلفت إلى أن “كل شخص يقوم بقصد الغش مع معرفته بذلك (تصنيع أو إنتاج أو بيع أو حيازة) أي شيء يقصد استخدامه في أعمال التدليس بدلاً من العملات النقدية المعدنية أو العملات الرمزية التي صممت لتشغيل الآلات التي تعمل بمثل هذه العملات، يكون مرتكباً جناية يعاقب عليها القانون بدفع غرامة لا تزيد على 25 مليون دينار (19 ألف دولار) أو الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو كلاهما معاً”.
وتفرض الغرامات من قبل البنك المركزي على المصارف بالتعويض خمسة أضعاف الورقة النقدية المزيفة بموجب قراره المرقم 12/1163 في 1 مارس (آذار) 2015، كما تصادر الأوراق النقدية المزيفة من قبل البنك المركزي ولا تعاد للمصارف أو الزبون بموجب إعمام البنك المرقم 12/9977 في 20 يناير (كانون الثاني) 2012.
جريمة اقتصادية كبرى
وفي هذا السياق، كشف المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن هذه التدفقات من العملات المزيفة تعد من الجرائم الاقتصادية الكبرى التي تعود إليها عناصر الجريمة الاقتصادية المنظمة من خارج البلاد.
مبيناً أنها لا تؤثر في استقرار السياسة الاقتصادية لكونها محدودة ويمكن التصدي للمتعاطين بها فوراً من جانب أجهزة حفظ القانون.
وأوضح أنه لا “تنطلي على مجتمع المتعاملين ولا سيما مع الأجهزة المصرفية الرسمية والمجازة قانونياً ولكنها تعمل على استدراج بسطاء الناس للإيقاع بهم والاستيلاء على أموالهم الشرعية والمتداولة على وفق القانون بأساليب الوهم النقدي والخداع”.
وتابع أن السلطة النقدية والجهاز المصرفي العراقي وقوة إنفاذ القانون تحذر الجمهور بتوخي الدقة من التعاطي مع المشبوهين والمعاملات النقدية المزيفة غير القانونية العابرة للحدود بالغالب ذلك حفاظاً على سلامة أموالهم وسلامة الاقتصاد الوطني.
تزوير العملات العراقية
وبدوره وصف أستاذ الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، حالات تزوير العملات العراقية قديمة وموجودة وواضحة للعيان بالفئات النقدية المختلفة.
معتبراً أنها آفة تدمر الاقتصاد العراقي بشكل كبير وبخاصة أن الاقتصاد العراقي هش نوعاً ما فوجود عملات مزورة يعني فقدان قيمة العملة وأن تداول العملات المزورة بشكل واسع يحدث زيادة في الكمية المتداولة من النقود يؤدي إلى تخفيض قيمة العملة الحقيقية.
ورأى أستاذ الاقتصاد الدولي، أن تخفيض قيمة العملة الحقيقة يؤثر في قدرة العملة على الشراء ويزيد من التضخم وانخفاض القدرة الشرائية المواطنين إضافة إلى تداول العملات المزورة يؤدي إلى تشويش على أنظمة الدفع والتجارة الشرعية.
ورجح السعدي في حديثه لـ”اندبندنت عربية”، أنه يمكن أن يتسبب تداول العملات المزورة في إنعاش السوق السوداء والتجارة غير الشرعية مما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي ويعرض النظام المالي للفوضى وعدم الاستقرار، ويؤدي ذلك إلى خسائر للشركات والأفراد ولا يكونون قادرين على تحويل العملات المزورة إلى نقود حقيقية ما يتسبب في تدهور أوضاعهم المالية.
وزاد السعد، أن استخدام خطوط وأشكال معقدة ورسومات وعلامة مائية وخيوط أمان مدمجة في كل الورقة وطبقة من الحبر الخاص وغيرها من الأجزاء الأمنية إضافة إلى استخدام تقنيات متقدمة في إنتاج العملة تجعل من الصعب تكرارها وتستخدم تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد أو الحبر المغناطيسي أو الأشعة فوق البنفسجية لإضافة عناصر أمنية إلى العملة.
وبين السعدي، استخدام أجهزة قراءة متخصصة للعملات للتحقق من صحتها ومنع العملات المزورة من الدخول إلى الدورة الاقتصادية.
مبيناً أنه، يجب أن تركز الحكومة العراقية على تعزيز الوعي العام من خلال حملات توعوية للتعريف بملامح وعلامات الأمان في العملة وذلك لزيادة وعي الجمهور وتمكينهم من التحقق من صحة العملة التي يحملونها.
وشدد السعدي، على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة تزوير العملات من خلال المشاركة في منظمات دولية مثل البنك الدولي والمنظمة الدولية لشرطة الجريمة الجنائية (الإنتربول) وتبادل المعلومات والخبرات في هذا المجال.
لا تداعيات على سعر صرف الدولار
في حين، وصف الباحث الاقتصادي، صالح لفتة، العملة المزورة أو المزيفة باعتبارها تهديداً لكل اقتصادات الدول وهي تنتشر وتهدد كل الأسواق وليس حكراً على العراق فقط، وإنما هناك دول تنتشر فيها العملة المزيفة أكثر من دول أخرى بسبب ضعف الإجراءات التي تحد من انتشار العملات المزيفة في الأسواق وصعوبة تتبع التجار والمروجين لتلك العملات أو الأشخاص الذين يدخلون تلك العملات من خارج البلد.
وأوضح أن العراق من الدول التي أبتليت في انتشار تلك العملات المزورة خصوصاً الدولار لكن الظاهرة لن تتسبب في ارتفاع أسعار الدولار في الأسواق.
عازياً ذلك، إلى ارتباطها بعوامل كالسعر الرسمي من البنك المركزي وتهريب الدولار خارج العراق والاستيراد المفرط، وتأثير انتشار المزيف على المواطنين الذين يجهلون التمييز بين العملة المزيفة والحقيقية.
وأضاف لفتة، أن العراق يمتلك قوانين رادعة تحمي المواطنين من الآثار المدمرة على تداول عملات كهذه لكن التراخي في تطبيق القوانين قد يسبب رواج للعملات وتراجع ثقة المواطن بالدولة.