حرية – (11/7/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
ربما لم تظهر فكرة أو مفهوم الأسلحة المحرمة دولياً لآلاف السنين، ولكن على سبيل المثال، تم حظر استخدام السُّم في القتال المسلح في اليونان القديمة. وما عدا ذلك في الكثير من الحروب والنزاعات حتى في اليونان نفسها، لم تكن هناك أي قواعد اشتباك إنما كان الأمر يعود لـ”أخلاق” ومعتقدات الجيوش.
فلم يمانع بعضهم قديماً تسميم مياه الشرب أو حرق المدن وقتل الحيوانات، أو حتى ما حدث في الحرب العالمية الأولى من استخدام الأسلحة الكيميائية والغازات السامة التي قتلت حتى اليوم أكثر من 100 ألف إنسان.
ولم يتم حتى القرن التاسع عشر إبرام اتفاقيات دولية لحظر بعض الأسلحة المسموح بها (والمحظورة) في الحروب حول العالم. وما دامت الأسلحة المحرمة دولياً أو الأسلحة التقليدية تقتل البشر فما الذي يجعل بعضها أسلحة محرمة دولياً وبعضها مسموح؟ وما أشهر تلك الأسلحة؟
اتفاقيات تحدد ما هي الأسلحة المحرمة دولياً ولم توقع عليها كل الدول
القوانين الرئيسية المتعلقة بالأسلحة واردة في اتفاقيات منفصلة تتناول أنواعاً معينة من الأسلحة. وهي ملزمة قانوناً بنفس القدر، ويقيد القانون الإنساني الدولي أو يحظر تطوير أسلحة معينة وحيازتها واستخدامها. يستند حظر مثل هذه الأسلحة إلى المعايير التالية:
1- أسلحة تجعل الموت حتمياً.
2- الأسلحة التي تسبب إصابات لا داعي لها أو معاناة لا داعي لها.
3- الأسلحة التي لا يمكن توجيهها ضد هدف عسكري محدد أو التي لا يمكن الحد من آثارها وفقاً لأحكام القانون الدولي الإنساني.
4- الأسلحة التي تسبب أضراراً واسعة النطاق وطويلة الأمد وشديدة بالبيئة الطبيعية.
على أساس هذه المعايير الأربعة، تم حظر عدد من الأسلحة المحددة صراحة بموجب الاتفاقيات الدولية. وتشمل اتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972، واتفاقية الأسلحة التقليدية لعام 1980، واتفاقية أوتاوا لعام 1997 بشأن الألغام الأرضية المضادة للأفراد.
وأيضاً تشمل اتفاقيات الأسلحة على سبيل المثال لا الحصر، اتفاقيات جنيف لعامي 1925 و1949، واتفاقية عام 1979، واتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1993، ومعاهدة أوتاوا لعام 1997، واتفاقية الذخائر العنقودية لعام 2008.
وبحسب تلك الاتفاقيات يمكن محاكمة من يقوم بانتهاك تلك الاتفاقيات في المحاكم الوطنية، أو أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ومع ذلك هناك العديد من الانتهاكات. خاصة وأن الكثير من الدول لم توقع على جميع الاتفاقيات.
على سبيل المثال امتنعت إسرائيل عن الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار القنابل العنقودية التي دخلت حيز التنفيذ في 2010. وتستخدم روسيا وأوكرانيا القنابل العنقودية منذ بدء المعارك بين البلدين في 2022. ولم توقع أي من البلدين على معاهدة حظرها، وهو ما لم تفعله الولايات المتحدة أيضاً. وهذه هي أشهر 7 أسلحة محرمة دولياً:
1- القنابل العنقودية
تطلق القنبلة العنقودية عدداً من المقذوفات عند الارتطام لإصابة أو إتلاف الأفراد والمركبات. حظرت اتفاقية الذخائر العنقودية لعام 2008 هذه لسببين: أولاً، لها تأثيرات واسعة النطاق وغير قادرة على التمييز بين المدنيين والمقاتلين. ثانياً، تخلف الذخائر العنقودية وراءها أعداداً كبيرة من الذخائر الخطرة غير المنفجرة.
ويُقدر معدل فشل انفجار القنابل العنقودية بـ 20% وقد تصل أحياناً لـ40%، ما يعني أن هناك أعداداً كبيرة من تلك القنابل لن تنفجر بعد إلقائها في ساحة المعركة وتشكل خطراً بالغاً لاحقاً على المدنيين وخاصة الأطفال. لأن هذه القنابل قد تشبه لعبة صغيرة يعثر عليها الطفل في منطقة سكنية أو زراعية وغالباً ما ينجذب إليها الأطفال ويمسكونها بدافع الفضول.
ومع أن أكثر من 100 دولة صادقت على الاتفاقية حتى الآن. يجدر الإشارة إلى أنه بموجب اتفاقية الأسلحة التقليدية، لا يُحظر استخدام القنابل العنقودية تماماً. ومع ذلك، فإن استخدامها وإنتاجها محظور بموجب تشريعات منفصلة تسمى اتفاقية الذخائر العنقودية (CCM).
2- الغازات السامة
هناك معاهدة دولية أخرى تهدف إلى الحد من استخدام الأسلحة الخطرة بلا داع وهي اتفاقية الأسلحة الكيميائية (CWC)، التي تحظر صنع الأسلحة الكيميائية وحيازتها وتخزينها واستخدامها من قبل الدول الأطراف.
وقعت 193 دولة طرف على اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ووقعت دولة أخرى (إسرائيل) من الناحية الفنية على الاتفاقية لكنها لم تجعلها رسمية بعد.
وقعت سوريا على الاتفاقية في عام 2013، لكن وفقاً لتقارير من محققي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة، استخدمت الحكومة السورية الأسلحة الكيميائية في مناسبات عديدة طوال حربها الأهلية المستمرة.
3- الألغام
وتشمل الألغام المضادة للأفراد، وهي ألغام مصممة خصيصاً لاستهداف البشر بدلاً من الدبابات. تم تعديل البروتوكول الثاني بشأن حظر أو تقييد استخدام الألغام و”الشراك الخداعية” في 3 مايو 1996، لتعزيز أحكامه وتوسيع نطاق التطبيق ليشمل النزاعات المسلحة الدولية والداخلية.
ويحظر على الدول استخدام الألغام المضادة للأفراد التي لا يمكن كشفها؛ كما يحظر استخدام الألغام غير ذاتية التدمير وغير ذاتية التعطيل خارج المناطق المسيجة والمراقبة والمعلمة؛ يحظر توجيه الألغام و”الشراك المفخخة” ضد المدنيين. ويطالب أطراف النزاع بإزالة الألغام و”الشراك المفخخة” عند انتهاء الحرب والنزاع.
4- شظايا غير قابلة للكشف
تحظر اتفاقية الأسلحة التقليدية استخدام الشظايا غير المعدنية في الحرب، وأسلحة مصممة خصيصاً لتتحطم إلى قطع صغيرة لا يمكن اكتشافها في جسم الإنسان. ومن الأمثلة على ذلك الرصاص المجزأ أو المقذوفات المملوءة بالزجاج المكسور.
ولأنه لا يمكن العثور عليها باستخدام الأشعة السينية. يجب على الجراحين المرور عبر الجسم باليد بحثاً عن هذه الشظايا في حين أن البلاستيك وباقي المواد المذكورة نفسها غير محظورة في إنتاج الأسلحة، فإن استخدامها بهدف توليد شظايا لا يمكن اكتشافها هو التأثير الأساسي الذي تركز عليه الاتفاقية.
5- الفسفور الأبيض والأسلحة الحارقة
يحظر البروتوكول الثالث بشأن حظر أو تقييد استخدام الأسلحة الحارقة، جعل السكان المدنيين بصفتهم هذه، هدفاً للهجوم بأي سلاح أو ذخيرة مصممة أساساً لإشعال النار في الأهداف أو التسبب في إصابة الأشخاص بالحرق من خلال تأثير اللهب أو الحرارة أو مزيج منهما الناتج عن تفاعل كيميائي لمادة يتم القائها على الهدف.
وأحد أشهر تلك القنابل هي “قنابل الفسفور الأبيض” والتي تكون سلاح يعمل عبر امتزاج الفسفور فيه مع الأوكسجين. والفسفور الأبيض عبارة عن مادة تتفاعل مع الأوكسجين بسرعة كبيرة منتجة ناراً ودخاناً أبيض كثيفاً.
ويسبب الفوسفور الأبيض حروقاً في جسد الإنسان لدرجة أنها قد تصل إلى العظام، كما أنه يترسب في التربة أو في قاع الأنهار والبحار، ما يؤدي إلى تلوثها الذي يسبب الضرر للإنسان. حتى دخان هذه القذيفة الفسفورية يصيب الأشخاص المتواجدين في المنطقة بحروق لاذعة في الوجه والعينين والشفتين.
وقامت أمريكا في حرب فيتنام باستخدام قنابل الهاون وبعض الصواريخ التي تحتوي على الفسفور الأبيض. واستخدمت القوات الأمريكية القنابل الفسفورية في مدينة الفلوجة العراقية عام 2004.
في عام 2009 أوردت جريدة التايمز البريطانية في تقرير لها أن الجيش الإسرائيلي يستخدم في حربه في غزة القذائف الفسفورية، واستشهدت الصحفية بدلائل عبارة عن صور فوتوغرافية، رغم نفي إسرائيل لذلك. وقالت الصحيفة إنها رصدت كميات كبيرة من قنابل الفسفور الأبيض، عبر الصور التي التقطت لوحدات الجيش الإسرائيلي على الحدود مع غزة.
وقال التقرير إن المدنيين الفلسطينيين عانوا من حروق ناتجة عن استخدام الأسلحة. وقالت الصحيفة إن “استخدام القنابل المصنوعة من الفوسفور الأبيض ضد المدنيين ممنوع وفقاً للقانون الدولي”. وذكرت أنها تحققت من قذائف لونها أزرق شاحب زرقاء اللون، ومكتوب عليها إم 825 إيه1 كذخائر فسفورية تصنيع الولايات المتحدة.
6- الرصاص والمقذوفات التي تتمدد أو تتسطح في جسم الإنسان
“الرصاص المتوسع”، المعروف أيضاً بالعامية بالرصاص الدمدم، عبارة عن مقذوفات مصممة للتوسع عند الاصطدام، ويؤدي هذا إلى زيادة قطر الرصاصة، لإنتاج جرح اختراق أكبر، وبالتالي إلحاق المزيد من الضرر لهدف حي.
ومع أنه يُحظر استخدامها بشكل عام في الحرب. لا يزال يتم استخدامها للصيد وبيعها بشكل قانوني، واستخدامها في بعض أقسام الشرطة حول العالم لأنه من غير المرجح أن تمر تلك الرصاصات عبر الشخص المشبه به، وهذا يقلل من خطر الإصابة العرضية للمارة.
وتصر الولايات المتحدة على أن استخدام تلك المقذوفات يمكن أن يكون قانونياً عندما تكون هناك ضرورة عسكرية واضحة.
7- الأسلحة البيولوجية
الأسلحة البيولوجية هي إما كائنات دقيقة مثل الفيروسات أو البكتيريا أو الفطريات أو المواد السامة التي تنتجها الكائنات الحية والتي يتم إنتاجها وإطلاقها عمداً لإحداث المرض والموت للإنسان أو الحيوان أو النباتات.
وتشمل الجمرة الخبيثة وسموم البوتولينوم والطاعون وباقي الأسلحة البيولوجية تحدياً صعباً للصحة العامة ما يتسبب في حدوث أعداد كبيرة من الوفيات في فترة زمنية قصيرة. يمكن أن تؤدي العوامل البيولوجية القادرة على الانتقال الثانوي إلى أوبئة.
تشكل الأسلحة البيولوجية مجموعة فرعية من فئة أكبر من الأسلحة يشار إليها أحياناً بالأسلحة غير التقليدية أو أسلحة الدمار الشامل، والتي تشمل أيضاً الأسلحة الكيميائية والنووية والإشعاعية. ويعد استخدام العوامل البيولوجية مصدر قلق خطير، ويُعتقد أن خطر استخدام هذه العوامل في هجوم إرهابي يتزايد.
طورت عدة دول في الحرب العالمية الأولى والثانية عدة مختبرات وبرامج لتطوير الأسلحة البيولوجية مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابان.
أدارت الوحدة السرية للجيش الإمبراطوري الياباني 731 البرنامج الأكثر شهرة في تلك الفترة أثناء الحرب، وكان مقرها في منشوريا بقيادة الجنرال شيرو إيشي. وأجرت وحدة أبحاث الحرب البيولوجية هذه في كثير من الأحيان تجارب بشرية مميتة على السجناء، وأنتجت أسلحة بيولوجية للاستخدام القتالي.