حرية – (23/7/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
احمد الحمــــداني
تتشكل الجيوش الإلكترونية من مجموعات مدرّبة، تعمل وفق أجندة خاصة هدفها اختراق مواقع الخصوم أو الأعداء، والترويج لوجهة نظر معينة عبر مختلف منصات الإنترنت، وإسكات وتشويه سمعة المناوئين، إلى جانب ترويج الشائعات والأكاذيب وخلق البلبلة. وقد بدأت الدول إنشاء وحدات إلكترونية داخل أجهزتها العسكرية والأمنية لحماية أمنها القومي.
العراق
يجب على العراق أن يكون له جيش “الكتروني”، وهو لا يقل أهمية عن الجيش العسكري التقليدي: هيئة أركان، عمليات من شباب وطنيين متخصصين. ومن خلال مركز المعلومات الإلكتروني وعلى العراق تطوير المنظومة الإلكترونية ومواجهة الأعداء الذين يتعمدون المساس بالأمن القومي العراقي.
ما نشاهده من حملة مبرمجة ضد العراق ونشر فيديوهات مسيئة او شائعات تأخذ مساحة لدى المتلقي، وعليه يجب ان نعرف كيف نواجه هذه الجيوش التي لديها أجندة خاصة.
خدمة رسمية
الجيوش الإلكترونية مجموعة من الأشخاص وقراصنة الإنترنت (هاكرز) تعمل لصالح أجهزة المخابرات والأمن في الغالب، تسعى لاختراق المواقع الإلكترونية الخاصة بالشخصيات والمؤسسات والدول، ولا تكاد تترك منتديات أو نقاشات أو تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع الإلكترونية إلا وتسللت إليها للدفاع عن وجهة النظر الرسمية، ومواجهة الشائعات والأكاذيب التي تربك رؤية الناس وتوجههم باتجاه معين.
انتشر المصطلح بشكل كبير عام 2011 عقب الكشف عن الجيش الإلكتروني السوري الذي نجح في اختراق مواقع أوروبية وأميركية وعربية، لتوجيه رسائل داعمة لنظام بشار الأسد، بعد اندلاع الثورة السورية في العام نفسه.
وبخصوص منطقة عمل الجيش السوري الإلكتروني نشرت صحيفة الغارديان البريطانية عام 2013 أنه غادر دمشق عام 2012 للعمل في قاعدة سرية في دولة الإمارات، وهو ما نفاه أعضاء من الجيش الإلكتروني السوري في أحاديث مع الصحف البريطانية.
ومن أشهر المؤسسات التي اخترقها الجيش الإلكتروني السوري “بي.بي.سي”، ورويترز، وأسوشيتد برس، ووكالة الأنباء الفرنسية، ونيويورك تايمز، والغارديان، وهيومن رايتس ووتش.
وتحرص الجيوش الإلكترونية ـ بشكل عام ـ على متابعة كل ما ينشر على الإنترنت، ويخص مصالح الجهات التي يعملون لصالحها. ومن خلال اختراق المواقع الشهيرة بإمكانهم بث الشائعات والأكاذيب بهدف إرباك الأوضاع، وإضعاف معنويات الطرف الآخر.
ويمكن تصور خطورة الأمر في حال نجاح هذه الجيوش في السيطرة على موقع وكالة أنباء مثلا وبث أخبار كاذبة، وذلك ما حدث فعلا مع وكالة أسوشيتد برس يوم 23 /نيسان 2013 عندما نشر مخترقو صفحة الوكالة على تويتر خبرا كاذبا عن انفجار حصل في البيت الأبيض وجرح الرئيس باراك أوباما. ورغم أن الخبر اتضحت فبركته بعد فترة قصيرة، فإن آثاره كانت خطيرة، ومنها مثلا أن مؤشر داو جونز انخفض بـ125 نقطة، قبل أن يعاود الارتفاع مجددا.
أهداف ووسائل
لا تكاد تختلف وسائل عمل الجيوش الإلكترونية بين منطقة وأخرى، إلا في ما يتعلق بالأهداف والوسائل.
فالاختراق يحتاج إلى طاقم فني مدرب ووسائل تقنية حديثة ومتطورة، حيث يتم في الغالب إرسال فيروسات تعمل على السيطرة على الموقع المستهدف بطريقة لا يمكن معها الكشف بسهولة عمن يقف وراء العملية برمتها، وهو ما يؤكد أن الجيوش الإلكترونية مرتبطة بمؤسسات الدولة الأمنية.
ومع تطور دور وسائل التواصل الاجتماعي في صنع الرأي العام وترويج الأخبار، واعتماد فئات واسعة من مختلف فئات الشعب عليها كمصدر رئيسي للأخبار، نشطت الجيوش الإلكترونية في استخدامها منصة لتكذيب روايات الأطراف المناوئة، ونشر الشائعات والترويج لأكاذيب، خاصة خلال الأزمات.
ولأن منصات التواصل الاجتماعي متاحة للجميع، فإن حالة البلبلة التي تخلقها تدخلات الجيوش الإلكترونية تتعزز بمشاركة أطراف كثيرة في هذه المعارك الإلكترونية موالية للاتجاه السياسي نفسه، من خلال تبني الشائعات وإعادة نشرها في مواقع مختلفة، ويطلق على هؤلاء “الذباب الإلكتروني”.
ومن أهم خطوات الجيوش الإلكترونية ومن يتبنى طروحاتها، المشاركة بقوة في حروب التغريدات والتعليقات على تويتر وفيسبوك. ولأجل ذلك تعمل على إنشاء عدة حسابات لا تكاد تحصى بأسماء وهمية، تعمل على نشر وإعادة ترويج الأفكار المطلوب ترويجها.
ففي قضية حصار قطر، مثلا، واندلاع الأزمة الخليجية التي بدأت في الأيام الأولى من شهر رمضان الموافق 5/ حزيران 2017، حرصت كثير من المجموعات والحسابات على تويتر وفيسبوك على ترويج العديد من الشائعات ضد قطر، سرعان ما كان يتبين أن لا أساس لها من الصحة. وظهرت عدة وسومات (هاشتاغات) على تويتر تسعى إلى البلبلة وخلط الأوراق، في ظل عجز الدول المحاصِرة ـ وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر ـ عن إثبات مزاعمها بشأن قطر، والاكتفاء بتوجيه الاتهامات دون أدلة.
تعد إسرائيل من الدول الأكثر تقدما في استخدام الجيوش الإلكترونية، سواء في محاولات لا تنتهي لاختراق المقاومة وتجنيد العملاء داخل فلسطين المحتلة، أم ضد الهيئات والمؤسسات والشخصيات والدول المناهضة للتطبيع.
وقد أنشأت وحداتٍ إلكترونية داخل الجيش الإسرائيلي، ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن تل أبيب ما فتئت تحث منذ سنوات طويلة أجيال الشباب على تعلم التكنولوجيا خلال الخدمة العسكرية وفي الجامعات والمعاهد، لتحقيق أهداف إسرائيل.
وضمن هذا الإطار، أعلن في إسرائيل صيف 2017 عن تأسيس صندوق ليبرتاد، وهو صندوق استثماري إسرائيلي يختص بتكنولوجيا التجسس. أنشأه جهاز المخابرات الإسرائيلي (موساد) لبناء “قدرة ابتكارية خارقة” والحفاظ على تفوقه التقني وتعزيزه، في خطوة تعد الأولى من نوعها.
جيش إلكتروني
ان استخدام منصات التواصل الاجتماعي من طرف الجيوش الإلكترونية لا يسعى فقط للاختراق أو التشويش على آراء الخصوم وتشويه سمعتهم، بل يتجاوزه إلى التبليغ عن الحسابات والسعي لوقفها نهائيا، ودفع الخصم إلى الصمت بأي وسيلة.
وفي عصر المعلومة والحروب الإلكترونية، بدأت دول عديدة سياسة إنشاء “جيوش إلكترونية” نظامية لها ميزانية هائلة خاصة، وتسعى للدفاع عن البلاد ضد الهجمات الإلكترونية التي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ.
وأعلنت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين يوم 6/ نيسان 2017 عن تكوين جيش إلكتروني كوحدة مستقلة داخل الجيش الألماني إلى جانب القوات البرية والبحرية والجوية، حيث يمارس مهام دفاعية وهجومية على شبكة الإنترنت.
وقالت الوزيرة: إن عمل الجيش الإلكتروني لن يقتصر على صد هجمات القرصنة، بل سيرد عليها أيضا في ساحة المعركة، وهي الإنترنت.
وأضافت، “في حال تعرض شبكات الجيش الألماني للهجوم فمن حقنا أيضا أن نرد”.
المصادر: وكالات