حرية – (23/7/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
تعقب نشطاء ملابس تم التبرع بها لشركات عاملة ببيع الملابس بالتجزئة، من أجل إعادة تدويرها، ووجدوا أنها تقطع مسافات طويلة وتجوب بلداناً حول العالم قبل أن تصل إلى وجهتها النهائية في بلدان إفريقية فقيرة، لا تمتلك القدرات على إعادة التدوير أو التخلص من الملابس، ما يخلق مشكلات لديها.
صحيفة The Sunday Times البريطانية، قالت السبت 22 يوليو/تموز 2023، إن الملابس المستعملة التي تتسلمها كبار الشركات العاملة ببيع الملابس بالتجزئة مثل شركة “إتش آند إم” السويدية، و”سي آند إيه” C&A، يتم شحنها بغرض إعادة التدوير في جميع أنحاء العالم، وتتعرض قطع الملابس التي لا يمكن بيعها للحرق أو الإرسال إلى مقالب النفايات المفتوحة.
نشطاء تعقبوا تنورة وقميصاً، وذلك من خلال العلامات الإلكترونية التي تُحاك في بطانة الملابس، سلم النشطاء الملابس إلى أحد متاجر “إتش آند إم” في شارع أكسفورد بالعاصمة البريطانية لندن، ووجدوا أنها وصلت إلى ضواحي باماكو، عاصمة مالي، الواقعة في غرب إفريقيا، في رحلة طولها 24140 كيلومتراً.
تبرَّع أصحاب القطعتين بهما في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2022، فنُقلتا إلى وارويكشاير، ثم إلى ساوثهامبتون، وأبحرتا على حدةٍ إلى الإمارات، ثم السنغال، قبل أن تُنقلا براً إلى مالي، التي يعيش ثُلثا سكانها في فقر.
تُشير الصحيفة البريطانية إلى أن الإعلان عن تفاصيل تلك الرحلة جاء بعد تحقيق استمر عاماً، وأجرته مؤسسة Changing Markets، المعنية بمناصرة حملات الاستدامة، ويقول النشطاء إن بعض البلدان الأكثر فقراً في العالم تغمرها أزياء الموضة السريعة من الغرب، لكن هذه البلدان تفتقر إلى وسائل إعادة التدوير وأدوات التخلص من القطع غير المباعة.
أشارت المؤسسة في تقرير نشرته في 22 يوليو/تموز 2023 إلى أنه “إذا كان مصير القطع التي تعقبناها عينة ممثلة لما يحدث في سوق الملابس المستعملة والمُتبرع بها، فإننا نواجه مشكلة جسيمة بالفعل”.
عمد باحثون من المجموعة إلى ربط تطبيق “فايند مي” Find My، من آيفون، بأجهزة تتبع بالملابس، ثم تعقبوها على مدار عدة أشهر، فتبيَّن لهم أن بعض هذه القطع قد تنقل في 4 مناطق زمنية مختلفة و3 قارات.
أخفت المؤسسة علامات التتبع في 10 قطع ملابس، بعد شرائها من متاجر خيرية في بريطانيا، ووضعتها في صناديق التجميع الخاصة بتجار التجزئة في الشوارع الرئيسية، وسلمت مؤسسات خيرية وشركات إعادة تدوير 11 قطعة أخرى من متاجر في بلجيكا وألمانيا وفرنسا.
تقول المؤسسة إن مالي لديها “نظام غير رسمي لإدارة النفايات ينتج عنه مدافن ومكبَّات كبيرة”. إذ تشير بيانات من الأمم المتحدة إلى أن مالي استوردت 29351 طناً من الملابس المستعملة في عام 2019.
من جهة أخرى، أطلقت مؤسسة Or، وهي مجموعة حملات بيئية مقرها في غانا، حملةً عنوانها “أوقفوا الهدر الاستعماري”، وحثَّت فيها الدول والمنتجين على إرسال الأموال بملابسهم المستعملة، حتى يتمكن المتسلّمون من إقامة البنية التحتية اللازمة للتخلص من النفايات.
يقول برانسون سكينر، الشريك المؤسس بمجموعة Or: “إنه لَأمر سخيف أن نظن أنه في الوقت الذي يشق فيه على دولة من دول مجموعة السبع، تدوير نفايات المنسوجات بها، فإن دولة من أفقر دول العالم ستكون أحسن قدرة على ذلك”.
أضاف سكينر: “كما أنه من قبيل العبث والنزعة الاستعمارية أن نعتقد أنه إذا لم يكن الثوب جيداً بما يكفي للمتبرِّع، فإنه لا بد أنه جيد بما يكفي لشخص آخر” في مكان ما بالعالم.
وفي منطقة داودابوغو في باماكو، تنسال المياه السوداء الفاحمة- التي تكاد تشبه الزيت- عبر مكبَّات الملابس، ويتصاعد الدخان من المواد المحترقة، وفي الجوار تبحث امرأة وطفلها، وأطفال آخرون، عن أشياء صالحة للبيع في كومة للملابس.
مؤسسة Changing Markets قالت إن شركات بيع الملابس بالتجزئة تحفز المستهلكين على شراء ملابس جديدة، للحفاظ على “نموذج الموضة السريعة الذي يُزيد من الاستهلاك المفرط والهدر”.
في المقابل، قالت “إتش آند إم” إنها غيرت الشركة التي تدير برنامج التدوير لديها، بعد اطِّلاعها على نتائج التحقيق، وقال ليلا إرتور: “تتعارض جهودنا وسياستنا تعارضاً حازماً [مع ما كشفته نتائج التحقيق] من إلقاء المنسوجات في الطبيعة أو في أماكن أخرى لا تنتمي إليها”.
من جانبها، قالت شركة Boohoo إنها تواصل استكشاف أكثر الطرق فاعلية لتسليم الملابس إلى مستخدمين آخرين، فيما قالت شركة Uniqlo اليابانية إنها تتعاون مع وكالة الأمم المتحدة للاجئين ومنظمات موثوقة لإعادة استخدام الملابس وتسليمها إلى المحتاجين.
من جانبه، قال جورج هاردينغ رولز، مدير الحملة في المؤسسة: “كان من الممكن إعادة استخدام الملابس في بلد المتبرع ذاتها، فقد كانت جميع الملابس في حالة ممتازة، حتى إن بعضها لا يزال يحمل الملصقات التجارية، ولذلك لم يكن هناك مبرر لإعادة تدويرها ولا شحنها لبلدان أخرى على بعد آلاف الكيلومترات”.