حرية – (24/7/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
تتصاعد الدعوات في الأوساط السياسية إلى تشريع قانون “تجريم الإساءة إلى مراجع الدين والرموز الدينية”، بعد تجدد الخلافات بين التيار الصدري وحزب الدعوة الإسلامية وتوجيه اتهامات مباشرة للإطار التنسيقي بمحاولة تشويه سمعة المرجع الديني الراحل محمد محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر).
واتهم الصدر، أطرافاً لم يسمها بإثارة فتنة شيعية – شيعية باستعمال العنف والسلاح، مطالباً البرلمان بسن قانون يجرم سبّ الرموز الدينية والعلماء لنزع الفتنة.
وعدّ الصدر، في تغريدة الاثنين (17 تموز 2023)، اجتماع بعض القوى السياسية البرلمانية لسنّ القانون بأنه “يعطي الأمل لنزع فتيل الفتنة بغض النظر عما يبتغونه من ذلك”، كما طالب بالدقة في صياغة بنود القانون وأن لا يكون سيفاً ذو حدين.
يأتي ذلك بعد أن أقدم أنصار التيار الصدري، الأحد (16 تموز الجاري)، على إغلاق مقار تابعة لحزب الدعوة في مناطق وسط وجنوب البلاد، وذلك تعبيراً عن احتجاجهم عما أسموه “الإساءة” التي وجهها الحزب إلى مرجعهم محمد محمد صادق الصدر.
حيث أعلن رئيس الكتلة الصدرية السابق، حسن العذاري، وجود منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي تسيء إلى سمعة وسيرة المرجع الديني الراحل محمد الصدر وتتهمه بالعلاقة مع نظام البعث، متهماً حزب الدعوة بالوقوف خلف هذه الحملة.
بدوره، حذّر حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، من “فتنة عمياء” تضرب “أبناء الساحة الواحدة” على حد وصف بيان أصدره الحزب رداً على استهداف مقراته من قبل التيار الصدري.
كما وجّه مجلس القضاء الأعلى، بتشديد الإجراءات بحق مرتكبي جرائم الإساءة إلى الرموز والمعتقدات الدينية، كون هذه الجرائم تشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة 372 من قانون العقوبات النافذ، داعياً مجلس النواب إلى ضرورة تشريع قانون الجرائم المعلوماتية لضبط وسائل التواصل الاجتماعي وعدم استخدامها كمنصات لإثارة الفتن.
وخلال الأيام الماضية، قدّمت كتل سياسية تواقيع نيابية إلى رئاسة البرلمان، منها “قادمون” 50 توقيعاً، و”سند” 72 توقيعاً، لإدراج مقترح قانون “تجريم الإساءة” وإحالته إلى اللجان النيابية المختصة لإقراره.
الجميع بلا استثناء
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس كتلة “قادمون” النيابية، كامل العكيلي، أن “كل أعضاء مجلس النواب مع تشريع القانون”، مبيناً أنه “يشمل جميع المراجع والرموز الدينية الأحياء منهم والأموات دون استثناء”، متوقعاً تشريع القانون خلال الأشهر المقبلة.
لكن عضو ائتلاف دولة القانون، وائل الركابي، يرى أن “مدة تشريع هذا القانون قد تطول، لأنه يحتاج إلى تفصيلات منها توضيح من هو المقصود بهذه الإساءة، وتحديد المرجع هل هو حي أم ميت، عراقي أم لا، تشمل رجال الدين المعممين فقط أم الرموز الوطنية أيضاً، كل هذه التفصيلات بحاجة للنقاش”.
ويشير الركابي في حديث له ، إلى أن “القانون الجديد يهدف لمنع الإساءة للرموز أو الشخصيات في الإعلام ومواقع التواصل، كونها تنعكس سلباً على واقعهم السياسي والمجتمعي عند مؤيديهم وأنصارهم، وبالتالي على تأثيرهم بالعملية السياسية”.
المادة 372
وتنص المادة 372 في القانون العراقي على: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 3 سنوات أو بغرامة لا تزيد عن 300 دينار على كل من اعتدى بإحدى طرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية، أو حقّر من شعائرها، ومن تعمد التشويش على إقامة شعائر طائفة، أو تعمد منعها أو تعطيلها، ومن خرّب أو أتلف أو دنّس بناءً مُعداً لإقامة شعائر طائفية دينية أو رمزاً له حُرمة دينية.
وفي هذا الجانب، يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، بأن “الفقرة 5 من المادة 372 توسعت كثيراً في إيقاع العقوبة وإطلاق النص على الإساءة التي تطال أشخاصاً هم موضع احترام لدى طائفة معينة، أي ممكن يكون عالم أو مُكتشف أو حتى باحث، وليس رجل دين حصراً، وإنما موضع احترام لدى طائفة معينة”.
ويتابع التميمي في حديث له أما مفهوم السخرية الوارد في النص، فهو مفهوم عام قد يدخل فيه التهكم أو التقريع أو السماجة أو النكتة أو حتى الرسوم، ومن يُقدّر ذلك هي محكمة التحقيق ومحكمة الموضوع”.
مخاوف القانون الجديد
ويثير تشريع قانون “تجريم الإساءة” رغم وجود المادة 372 النافذة حالياً في القانون العراقي، المخاوف من استغلاله أو تحريفه أثناء التنفيذ، ويتحوّل إلى سلاح لتكميم الأفواه، ويتوسع ليشمل كُتّاب الرأي والإعلاميين وحتى المواطنين الذين يعبرون عن آرائهم بوسائل التواصل الاجتماعي، وقد يكون أخطر في حال إقرار قانون الجرائم المعلوماتية، وفق مراقبين.
ومن المخاوف الأخرى التي أُثيرت عن القانون، أنه قابل للتوسع، فقد يشمل رجال الدين وغيرهم، وليس فقد المراجع، ونظراً لطبيعة المقدسات العابرة للحدود، فلا أحد يستطيع ضمان عدم شمول القانون لمراجع دين خارج العراق، سواء في إيران أو السعودية أو مصر أو غيرها من البلدان.
لذلك القانون، بحسب المراقبين، كما وصفه الصدر “سيف ذو حدين”، فقد يكون مانع للفتن، لكنه في الوقت نفسه قد يفتح أبواباً ليست بالحسبان، في حال عدم صياغته بطريقة آمنة من قبل القوى السياسية.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي، عبد القادر النايل، إن “قانون العقوبات العراقي صريح وواضح في معاقبة كل من يسيء للأديان أو رموزها ويدخل في العقوبة الجهات المروجة والناقلة لهذه الإساءات غير المبررة، وبسبب عدم تفعيل القانون وتنفيذه أصبح نفر سواء سياسي أو اجتماعي يسيء لعلماء ومراجع المسلمين والديانات الأخرى”.
ويرى النايل خلال حديثه له , أن “تشريع المزيد من القوانين الموجودة بالأصل ترهق كاهل القضاء، وتعطي تفسيرات مزاجية يستخدمها البعض بطريقة انتقائية”.
ويشدد النايل على ضرورة “التفعيل الحقيقي والعادل للقضاء والقانون ضد أي إهانة أو إساءة لمعتقد مذهب أو طائفة أو ديانة، خاصة الذين يفتعلون الإساءة لأغراض سياسية، بإضافة فقرة في القانون رقم 111 لسنة 1969، تُحرّم المسيء المشاركة في الانتخابات أو تولي أي منصب، فهذه كفيلة بردع المسيئين”.