حرية – (9/8/2023)
يعاني معظمنا من القلق الذي قد تكون له آثار مدمرة على صحتنا بلا شك، لكن هل تعلم أن القلق المحدود قد يكون مفيداً؟ وفقاً للدراسات فإن القلق لفترة بسيطة قد تكون له آثار إيجابية على حياتك بشكل عام، مع ذلك يجب التركيز على أننا نتحدث هنا عن جرعات بسيطة للغاية من القلق، فالقلق المفرط يؤدي بلا شك إلى تدمير صحتك العقلية والجسدية والعاطفية، وقد يصيبك بالصداع والاكتئاب، والتعب، وحتى مشاكل الجهاز الهضمي.
فوائد الجرعات البسيطة من القلق
إذا كنت من أولئك الذين يستطيعون التحكم بمشاعرهم وأفكارهم، فقد يكون من المفيد أن تحدد لنفسك ما يسميه الخبراء “وقت القلق”.
كما يشير الاسم، فإن “وقت القلق” يتعلق بجدولة أو تأجيل القلق إلى وقت محدد من يومك. يمكن أن يستمر هذا الوقت 10 دقائق أو 15 دقيقة أو أكثر قليلاً. وإذا استطعت أن تخصص بالفعل وقتاً للقلق يومياً فإنك تضرب عصفورين بحجر واحد، أولاً: تتحكم بمشاعر القلق لديك، وبدلاً من أن تتركها ترافقك طوال اليوم تحدد لها وقتاً معيناً فلا تسمح لها بتدمير يومك بالكامل، وثانياً تستطيع الاستفادة من بعض إيجابيات القلق، فهو يجعلك أكثر واقعية في التعامل مع ظروفك وقد يشكل لك دافعاً لحل مشاكلك.
فوائد “وقت القلق”
يعتبر “وقت القلق” استراتيجية فعالة تستخدم كجزء من العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، وهو وسيلة ناجحة للتخلص من القلق المُستهلك بالكامل.
يعاني البعض من أنهم لا يستطيعون العيش في الحاضر؛ فهم إما غارقون في مراجعة ذكريات الماضي أو قلقون للغاية بشأن المستقبل، ولكن يمكن أن يساعدك “وقت القلق” على البقاء في الحاضر ويجعل معالجة المخاوف أكثر فاعلية.
إذا كنت تريد حياة أكثر سعادة عليك تعلم العيش في الوقت الحاضر، وقد يساعدك “وقت القلق” على ذلك.
فعندما تحصر الحديث عن مخاوفك في جزء واحد من يومك، فإنك تحرر عقلك لبقية اليوم للاستمتاع بالوقت الحاضر بدلاً من العيش في الماضي أو المستقبل.
لكن “وقت القلق” لا يعني فقط أن تحدد دقائق معينة لتقلق يومياً، فالقلق وحده لن يحقق شيئاً.
تقول الأخصائية النفسية ومؤلفة كتاب “13 شيئاً لا يفعلها الأشخاص الأقوياء”،
إيمي مورين: “بدلاً من اجترار الأفكار (وهو أمر ينطوي التركيز على المشكلة)، من المرجح أنك ستبحث عن الحل عندما تعلم أن هناك حداً واضحاً لمقدار الوقت الذي يمكنك أن تقضيه في التفكير في قضية ما”. إذا كان الأمر تحت سيطرتك، فحاول أن تحل مشكلتك في الإطار الزمني الذي خصصته للقلق بدلاً من الاكتفاء بالقلق حيالها.
ومن فوائد تخصيص وقت للقلق، أن الأشياء التي قررت تأجيل القلق بشأنها قد تكون حلت من تلقاء ذاتها إلى أن يأتي موعدك المخصص للقلق.
وبالنسبة للأشخاص القلقين بشكل خاص، فإن “وقت القلق” هو تمرين في ضبط أفكارهم.
إليك كيفية تحديد “وقت القلق” في يومك
قد يبدو الأمر صعباً للغاية، إذ يصعب السيطرة على الأفكار السلبية وكبحها عادة لكن قد يصبح ذلك ممكناً مع التدريب.
على سبيل المثال إذا استيقظت صباحاً وقرأت رسالة مقلقة متعلقة بالعمل. حاول تجاهل التفكير بشأنها وقم بتعزية نفسك بأنك ستؤجل القلق بشأنها إلى “وقت القلق”، مع التدريب اليومي ستتطور قدرتك على تأجيل القلق بشأن الأمور المختلفة لوقت معين بدلاً من جعلها مرافقة لك طوال اليوم.
كل ما عليك فعله هو اختيار وقت محدد من اليوم للقلق والتفكير بالمشاكل، وتجنب مناقشة الأفكار المقلقة خلال ما تبقى من اليوم.
يوصي بعض الخبراء بفترة بعد الظهر بينما قد يوصي البعض الآخر في وقت مبكر من المساء. مهما كان اختيارك، تجنب الصباح والوقت الذي يسبق النوم مباشرة. يجب أن تبدأ يومك بشكل مثالي وأن تنهيه كذلك أيضاً.
يعد ضبط عداد الوقت – 10 أو 15 دقيقة – عندما تصل إلى “وقت القلق” أمراً بالغ الأهمية أيضاً. قد يكون من الجيد الالتزام بالوقت المخصص كل يوم، ولكن لن يضر أن يكون لديك “وقت قلق” احتياطي أيضاً، فقط في حالة فاتتك الفترة الزمنية المحددة في بعض الأيام.
من الأفضل أن يكون المكان الذي تختاره للقلق هادئاً وبعيداً عن عوامل التشتيت، لكن عالمة النفس الإكلينيكي سابرينا رومانوف أوصت أيضاً (عبر Verywell Mind) باختيار مساحة غير مريحة للقيام بالقلق، فقط حتى يكون الأمر سريعاً ولا يستغرق منك أكثر من اللازم. ونصحت بعدم الذهاب إلى الفراش أو الأريكة المفضلة لديك لأنك لا تريد إفساد الأماكن السعيدة بتجارب قد تكون مرهقة. وبمجرد الانتهاء من وقت القلق، انخرط في نشاط يجعلك سعيداً.
النصيحة التالية هي حمل “دفتر ملاحظات للقلق” معك طوال اليوم أو حتى استخدام أحد تطبيقات “وقت القلق” العديدة المتوفرة. كلما دخلت فكرة قلقة إلى ذهنك، قم بتدوينها. ثم وجه أفكارك نحو شيء أكثر سعادة أو منتج يحتاج إلى انتباهك في الوقت الحالي. وإذا وجدت نفسك قلقاً خارج الوقت المخصص لك، فذكر نفسك أنك ستقلق لاحقاً.