حرية – (19/8/2023)
تشتهر جزيرة لامبيدوزا في إيطاليا بأنها قبلة السياح الباحثين عن الهدوء والرمال البيضاء والمياه الصافية لممارسة رياضة الغطس، وأيضاً بأنها أهم محطة عبور من شمال أفريقيا إلى أوروبا بعدما تحولت في السنوات الأخيرة إلى رمز “للبؤس الجماعي للمهاجرين”.
تقع الجزيرة في وسط البحر، فرغم قربها من تونس بنحو 100 كيلو متر فقط عن مدينة صفاقص نجدها تبعد عن صقلية 205 كيلومترات، وتبدو أنها تنتمي جغرافياً إلى شمال أفريقيا، وسياسياً إلى جنوب إيطاليا، ويلعب موقع جزيرة لامبيدوزا الجغرافي دوراً في أنها أصبحت وجهة للهجرة والسياحة معاً.
جزيرة لامبيدوزا كانت تعرف سابقاً باسم لوبادوسا، كما كانت منطقة صراع تاريخي، إذ حكمها الرومان والبيزنطيون والعرب، وتركوا آثارهم التاريخية التي تميز الجزيرة حتى اليوم.
تبلغ مساحة لامبيدوزا 20 كيلومتراً مربعاً ويقطنها نحو 6 آلاف نسمة وتعد من أجمل الشواطئ في العالم وجنة شهيرة لقضاء العطلات الصيفية، ، لكنها موطن التناقضات فعندما يستمتع السياح بغروب الشمس والسهرات الصيفية، تتدفق قوارب المهاجرين القادمين من شمال أفريقيا ويقاوم بعضهم الموت غرقاً.
أغلب المهاجرين القادمين إلى جزيرة لامبيدوزا من مدينة صفاقس الساحلية التونسية، لأن العبور يستغرق بضع ساعات فقط، فعلى رغم أن 150 ألف سائح يزورها سنوياً معظمهم من مدن شمال إيطاليا مثل تورين وميلانو لأنها جزيرة الأثرياء والمشاهير الأوروبيين، إلا أنه نظراً لقربها من أفريقيا تعد واحدة من الوجهات الرئيسة لمهربي البشر واللاجئين من تونس والتي تستقبل مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين كل عام.
وتشهد الجزيرة حوادث غرق متكررة، حيث أعلن الصليب الأحمر الإيطالي استقبال مركز لامبيدوزا أكثر من 32 ألف مهاجر منذ بداية يونيو (حزيران) الماضي، تم نقل أكثر من 30 ألفاً من هؤلاء المهاجرين إلى مدن إيطالية أخرى.
ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصل 76325 شخصاً على متن قوارب إلى إيطاليا في هذا العام، مقارنة بنحو 31900 مهاجراً للفترة نفسها العام الماضي، منهم 44151 مهاجر قدموا من تونس، غرق منهم نحو 1895 شخصاً أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا هذا العام، وذلك بخلاف عدد الحالات غير المبلغ عنها.
ولمواجهة العدد المتزايد للمهاجرين تعاون الاتحاد الأوروبي وتونس لمواجهة الأزمة، حيث أعلنت رئيسة مفوضية الاتحاد أورسولا فون دير لاين ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته والرئيس التونسي قيس سعيد التوقيع على إعلان نوايا بحيث تقدم المفوضية مساعدة مالية تصل إلى 900 مليون يورو لتونس مقابل منع تدفق المهاجرين نحو إيطاليا.
سياسة الهجرة التي تتبعها دول الاتحاد الأوروبي تثير الكثير من الجدل من لدن نشطاء ومفكرين أوروبيين، الذين اعتبروا أنها تتناقض مع قيم الاتحاد الأوروبي وتدعو إلى الفكر القومي.