حرية – (22/8/2023)
لم تعد مقاطعة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الانتخابات المحلية في العراق (مجالس المحافظات) الاتجاه السائد، فحسب، بل إن بعض الأحزاب والكتل السياسية لها تمثيل في البرلمان أعلنت انسحابها من العملية السياسية، كما دعت أخرى إلى تأجيلها، وهو ما يؤشر على أن القوى السياسية المتنفذة ستكون المستفيدة في حال إجراءها في موعدها المقرر في 18 ديسمبر المقبل، بحسب تقرير لصحيفة “العرب” اللندنية.
وفي خضم حمى الاستعدادات للانتخابات المحلية، أعلن كل من ائتلاف “الوطنية”، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، وحركة “امتداد”، التي تجمع عددا من الشخصيات والقوى المدنية مقاطعة الانتخابات، فيما دعا تحالف “المستقلين” إلى تأجيلها.
وتأتي هذه المقاطعة في ظل استمرار التيار الصدري بزعامة مقتدى مقاطعته العملية السياسية وعدم حسم مشاركته في الانتخابات المحلية حتى اليوم الثلاثاء على الرغم من تمديد المفوضية فترة تسجيل المرشحين والتحالفات والأحزاب السياسية.
والصدر الذي قرر الانسحاب من العملية السياسية في العام الماضي التزم الصمت دون الاعلان عن الموقف الرسمي بهذا الشأن، اما بالنسبة لتوقعات الاوساط السياسية فإنها تشير الى أن التيار قد يشترك في حال إجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو دمجها مع المحلية، وبخلاف ذلك فمن المستبعد المشاركة.
وهناك احتمال آخر هو الأقرب بحسب العديد من المراقبين قد تكون المشاركة لجماهير التيار فقط والتي ستدلي بأصواتها لفائدة القوى المدنية الناشئة والمستقلة المنافسة للأحزاب السياسية التقليدية.
وكانت مفوضية الانتخابات في العراق قد قررت، الأحد، تمديد فترة استلام قوائم الأحزاب والتحالفات لغاية نهاية الدوام الرسمي اليوم الثلاثاء، بعد تمديدين سابقين.
وقال ائتلاف “الوطنية”، (مقعد واحد في البرلمان) في بيان الاثنين “نؤمن بأن هذه المجالس هي حلقة زائدة في تركيبة الدولة وهي باب من أبواب الاستحواذ على مقدرات الشعب، ولكننا أردنا الاشتراك بالانتخابات كونها مجالس خدمية وعدلنا عن رأينا بعدما اتخذنا قراراً نحن وحلفاؤنا، ذلك أن حالة الفساد والنفوذ الأجنبي لا تزال مُخيمة على أجواء الانتخابات إضافة إلى المال السياسي الذي لا يزال لاعباً كبيراً وأساسياً في العملية الانتخابية والديمقراطية الزائفة”.
وأضاف أن العودة إلى الانتخابات بشكلها القديم “ما هي إلا التفاف على مطالب شعبنا الكريم وثوار تشرين التي هي مطالب الشعب العراقي، والتي يحاول دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تحقيقها لكن قوى الفساد والأعراف أقوى من إرادته”.
ومن جهتها، أعلنت حركة “امتداد” في بيان لها عن عدم مشاركتها في انتخابات مجالس المحافظات في موعدها القادم بسبب تأخرها في انعقاد مؤتمرها العام الأول لانتخاب قيادة جديدة، وقالت إنها “تتمنى التوفيق والنجاح للحركات الوطنية الناشئة المشاركة في الانتخابات”.
ويكشف انسحاب حركة “امتداد” من المشاركة في العملية السياسية، عمق الأزمة لدى بعض الأحزاب الناشئة، وعدم قدرتها على مسايرة الواقع السياسي الجديد، وعجزها عن تهيئة القضايا اللوجستية للمنافسة السياسية.
ودخلت حركة امتداد المنبثقة من ساحات الاحتجاج إلى الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021 لأول مرة، وحصدت 9 مقاعد في مجلس النواب، وكان يترأسها علاء الركابي.
وفجرت الحركة غضبا واسعا لدى قواعدها الجماهيرية، بسبب عدم جاهزيتها، حيث تساءل متابعون ومدونون عن الجهد الذي كان ينخرط فيه أعضاء الحركة خلال الفترة الماضية، وسبب عدم الاستعداد للانتخابات.
وتساءل مراقبون عن سبب عدم جاهزية الحركة، لخوض الاستحقاق الانتخابي، وتجاهل قيادتها تنظيم الأمور، والإعداد لهذا الاستحقاق المهم، على رغم طول المدة، منذ الاعلان عن موعد الانتخابات.
وشهدت قوائم مفوضية الانتخابات غياب التيار الصدري مقابل 5 تحالفات للإطار التنسيقي بأسماء: “تصحيح”، “نبني”، “الصفوة”، “القوى الوطنية”، “دولة القانون”.
واعتبر مراقبون ما حصل لحركة امتداد، يؤكد عدم جاهزية المشاريع الجديدة للتنافس السياسي، ومزاحمة الأحزاب الحالية، وإمكانية ازاحتها عن السلطة، باعتبار أن الأحزاب الناشئة ما زالت تعيش في مرحلة المعارضة الشعبية، وعدم جديتها في التنظيم السياسي، والانخراط في العمل الحزب المنظم.
وبدوره، دعا تحالف “المستقلين”، إلى تأجيل الانتخابات المحلية من أجل تحقيق ما وصفه بـ”تنافس حقيقي”.
وقال التحالف في بيان “في الوقت الذي تجتاح حمى الانتخابات عدد من الكتل السياسية التي تسعى إلى الهيمنة على مجالس المحافظات بعدما استحوذت على مقاعد البرلمان، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بتاريخ 19 أغسطس 2023، نتائج الإحصائيات المتعلقة بالانتخابات المحلية، والتي أظهرت وجود تراجع ملحوظ وكبير في أعداد المرشحين والناخبين”.
وأضاف أن “هذا التراجع يؤشر وجود تداعيات جوهرية تتطلب تقييماً دقيقاً وقرارات فاعلة لضمان نجاح وشفافية العملية الانتخابية”.
أكد البيان لهذا فإن “تحالف المستقلين، ينظر بقلق الى انخفاض عدد المرشحين، وهو يدرك أن التنافس الديمقراطي يستند إلى تقديم الخيارات المتعددة للمواطنين، غير أن هذا التراجع قد يُؤثر سلباً على طبيعة تشكيل المجالس وتنوع الأفكار والرؤى التي تمثلها، لذلك يدعو التحالف إلى تحليل أسباب هذا الانخفاض واتخاذ إجراءات محفزة تسهم في تعزيز الحضور الديمقراطي”.
وفي وقت سابق، رفضت كتلة ائتلاف دولة القانون النيابية، مساعي بعض الكتل السياسية لتأجيل انتخابات مجالس المحافظات إلى إشعار آخر، مؤكدة إصرارها على إجرائها في موعدها المحدد.
كما دعا رئيس تيار “الحكمة الوطني” المنضوي في “الإطار التنسيقي” عمار الحكيم الأحد العراقيين، إلى عدم الاستماع للأصوات الداعية إلى مقاطعة الانتخابات المحلية.
ويرى مراقبون أن تراجع نسبة المشاركين في الانتخابات المقبلة يأتي في ظل المقاطعة من قبل قوى سياسية، مشيرين إلى أن هذا التراجع سيكون في صالح القوى السياسية المتنفذة، التي ستدفع بجمهورها بقوة نحو صناديق الاقتراع.
ولا يستبعد المراقبون أن تشهد الأيام المقبلة إعلان قوى سياسية جديدة مقاطعة الانتخابات، لكونها تعلم جيدا أنها لن تحصل على أي شيء منها، خصوصا وأن قانون الانتخابات فصل بشكل كبير لصالح الكتل والأحزاب السياسية الكبيرة.
ويتنافس حتى الآن أكثر من 300 مرشحا لخوض انتخابات مجالس المحافظات المُزمع إجراءها نهاية العام الجاري.
فوفق بيانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن عدد المرشحين المسجلين للمشاركة بانتخابات مجالس المحافظات حتى نهاية الدوام الرسمي الأحد 348 مرشحاً، أما عدد الناخبين المحدثين لبياناتهم فقد بلغ 942.406 ناخب، بينهم 3331 نازحا، فيما بلغ عدد الناخبين من مواليد 2005 المسجلين الجدد 99.308 ناخبين.
وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ أبريل 2013.
وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولها صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقا للدستور العراقي.