حرية – (23/8/2023)
أعلنت شركة النفط النروجية DNO استئنافها إنتاج النفط من حقول كردستان، بعدما توقفت عن ذلك منذ شهر آذار (مارس) الفائت، إثر قرار محكمة التحكيم التجاري الدولية في باريس بـ”عدم شرعية” تصدير الإقليم للنفط المستخرج من حقوله من دون “موافقة” الحكومة المركزية.
إعلان الشركة النروجية يؤشر إلى قرب موعد عودة تصدير نفط إقليم كردستان عبر أنبوب ميناء جيهان التركي، إذ جرى تداول معلومات عن أنّ اللجان الفنية الثلاثية المشتركة، بين الحكومة المركزية العراقية وإقليم كردستان وتركيا، تعقد جلسات مكثفة للتوصل إلى توافقات في ما بينها، قبل الزيارة المتوقعة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعاصمة العراقية بغداد خلال الأيام المقبلة، لتوقيع الاتفاق وعودة التصدير.
ووفق البيانات التي أعلنتها الشركة النروجية، فإنّ إنتاجها يبلغ حوالى 40 ألف برميل يومياً من “حقل طاوكي”، بالقرب من مدينة زاخو، أقصى شمال غرب الإقليم، ويُباع نصفه مباشرة للمُشترين والمستثمرين المحليين، خصوصاً للاستخدام الصناعي، ونصفه الآخر لحكومة إقليم كردستان، التي تستخدمه لصالح مؤسساتها التشغيلية. وهو ما يشكّل قرابة 8 في المئة من مجموع الطاقة الإنتاجية للإقليم، المقدّرة بحوالى 500 ألف برميل يومياً.
كان ثمة خلاف تقليدي بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان بشأن “أحقية” استخراج واستثمار وتصدير النفط، امتد طوال الأعوام بين 2014 و 2023، إلى أن توافق الطرفان على تسليم إنتاج النفط في الإقليم لشركة ترويج المستخرجات النفطية الوطنية “سومو”، مقابل حصول الإقليم على نسبة 12.67 في المئة من الميزانية العامة، وذلك إلى حين التوصل إلى توافق بشأن “قانون النفط والغاز”، وإقراره من البرلمان العراقي، في مُدّة أقصاها آخر العام الجاري.
شروط تركية
ووفق معلومات خاصة حصل عليها “النهار العربي”، فإنّ ثمة حزمة كاملة من الشروط التركية، تقول أنقرة إنّها لن تقبل باستئناف تصدير نفط الإقليم قبل تحقيقها. فهي تطالب السلطات العراقية بسحب الدعوى التي رفعتها ضدّ تركيا في محكمة التحكيم التجاري الدولية في العاصمة الفرنسية باريس، والتي غرّمت الجانب التركي 1.5 مليار دولار.
كذلك تطالب تركيا بالحصول على خفض دائم للنفط الذي تستورده للاستخدام المحلي من نفط إقليم كردستان، إضافة إلى إلزام العراق بدفع 7 دولارات لكل برميل نفط يُصدّر عبر ميناء جيهان التركي، والتعهد بإصلاح الأنبوب النفطي، ودفع أجور الشركات التركية المُشغّلة للأنبوب، والتي تراكمت طوال الشهور الماضية، وإلى جانبها بعض الشروط السياسية، مثل التعاون بشأن الملف الأمني، والقبول بنفوذ عسكري وسياسي تركي في الداخل العراقي.
“عضّ أصابع”
الباحث والكاتب شفان رسول يُسمّي الحالة الراهنة بين تركيا والعراق بـ”استراتيجية عضّ الأصابع”، ويقول في حديث للموقع نفسه: “ظاهرياً يبدو أنّ الحكومة المركزية العراقية تتهافت لتصدير نفط إقليم كردستان عبر تركيا، وذلك بغية التغطية على العجز في الميزانية المُقرّة من البرلمان العراقي، لأنّ عدم حدوث ذلك قد يوصل العجز إلى أكثر من 30 في المئة، وهو ما يدفع تركيا لتصعيد شروطها بشكل دائم. لكن ثمة صورة أخرى للمشهد: فتركيا تشهد أزمة اقتصادية شديدة التأثير على الاستقرار الاجتماعي فيها، خصوصاً أنّ الشركات المساهمة في الملف النفطي مُقرّبة من حزب العدالة والتنمية وجزء من نفوذه الداخلي. كذلك إذا تمكن العراق من إعادة تأسيس شبكة الأنابيب المحلية القادرة على ربط حقول إقليم كردستان بنظيرتها الوطنية، وتالياً إمكان التصدير عن طريق ميناء البصرة، فإنّه يستغني تماماً عن التصدير عبر تركيا”.
حقوق الشركات الأجنبية
كانت الشركات النفطية الأجنبية المستثمرة في إقليم كردستان قد وجّهت دعوة إلى الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان لمراعاة حقوقها في “قانون النفط والغاز”، المزمع إنجازه خلال الشهور المقبلة، مذكّرة بخسائرها المالية جراء توقّف تصدير النفط من إقليم كردستان، وعدم التوافق بين حكومتي السلطة المركزية والإقليم.
كذلك كانت هذه الشركات قد ضغطت وطالبت الولايات المتحدة بالتدخّل والوساطة بين الحكومة العراقية ونظيرتها التركية، بغية استئناف تصدير نفط الإقليم، وهو ما وعدت به الإدارة الأميركية أكثر من مرّة.
لم يُحدّد أي من الطرفين موعد زيارة الرئيس التركي للعراق، لكن مصادر سياسية رفيعة تؤكّد أنّها ستكون خلال الأسبوعين المقبلين، وستركّز على ثلاثة ملفات مشتركة، في مقدمها الشراكة في مجال تصدير النفط، وإلى جانبها الوجود العسكري في المناطق الجبلية شمال العراق وضمن إقليم كردستان، إضافة إلى الوضع السياسي الداخلي في العراق.