حرية – (24/8/2023)
لَطالما استثمرت المافيا في الأعمال التجارية الشرعية، لتصبح قاعدةً لعمليات رجالها ووسيلةً لغسيل الأموال من التجارة غير القانونية مثل تهريب المخدرات، وتجارة الأسلحة، والبغاء، والتهريب، والتزوير، والسرقة. فما هي الأعمال التجارية للمافيا والتي سيطرت عليها تاريخياً؟
تُفضّل المافيا الأعمال التجارية غير المنظمة أو القائمة على التعاملات النقدية، إذ تتطلّب قوةً وتحمُّلاً لإنجاز الأمور التي يعزف عنها أفراد المجتمع المهذب.
وصارت إدارة النفايات مثلاً مرتبطةً للغاية بالجريمة المنظمة، لدرجة أنّ مصطلح “طاقم الصرف الصحي” في بعض أجزاء أمريكا يُشير ضمنياً إلى “المافيا”.
وحتى مع اكتساب مُختلف العصابات لمكانةٍ أعلى على التلفزيون وفي الأفلام، لا يزال هناك تصوّر سائد بأنّ المافيا الحقيقية باتت أقل ظهوراً وانتشاراً مما كانت عليه في الماضي.
وفي العصر الرقمي، تُعتبر الأعمال التجارية النقدية أكثر شفافية، ما يزيد صعوبة إخضاع المنافسين. كما بات القانون أكثرَ براعةً في الإمساك بأولئك المجرمين، فضلاً عن تصدُّر أنباء اتّهام أكبر رجالهم لعناوين الأخبار -بدءاً بالقضايا الشهيرة التي تقدّم بها المحاميان رودولف جولياني في الثمانينيات، وروبرت مورغنثاو في التسعينيات، وصولاً إلى النائب العام الأمريكي الأسبق إريك هولدر الذي لمّ شمل أعضاء “العائلات الخمس” بنيويورك (بونانو، وكولومبو، وغامبينو، وجينوفيز، ولوتشيز) في قضيةٍ تاريخية العام 2011.
ويُقال إنّ عدد أعضاء المافيا الإيطالية، المعروفة باسم لا كوزا نوسترا، انخفض من 5 آلاف عضو إلى نحو 3500 عضو خلال السنوات القليلة الماضية، وانخفضت جرائم القتل أيضاً.
إذ تراجع معدل جرائم قتل المافيا في إيطاليا بنسبة 80% بين عامي 1992 و2012، كما يقول مسؤولو إنفاذ القانون إنّ الجريمة المنظمة العنيفة انخفضت داخل الولايات المتحدة أيضاً.
وبالنظر إلى تلك المعلومات من السهل أن يُصيبنا الانطباع بأنّ سطوة المافية تآكلت.
لكن ذلك الانطباع مجرد خرافة.
ففي حين تضاءلت الأنشطة الإجرامية التقليدية، تكيّفت المافيا مع العصر الجديد، وبدأت في العثور على وسائل للازدهار وسط الاقتصاد المعاصر.
وربما باتت أقل ظهوراً على الساحة، لكنَّ المافيا لا تزال محتفظةً بنفوذها في بعض الصناعات (والنقابات وغرف السياسة الخلفية).
ويتجلّى ذلك في إيطاليا، حيث تُسيطر لا كوزا نوسترا على واحدةٍ من أصل كل خمس شركات في البلاد.
أما في الولايات المتحدة، فمن السهل أن تستشعر النشاط التجاري للمافيا بفضل نفوذها داخل مدينةٍ مثل نيويورك، حيث لا تزال المسؤولة عن جمع القمامة وتشييد ناطحات السحاب.
الأعمال التجارية للمافيا
10- جمع القمامة/إدارة النفايات
تعود العلاقة بين صناعة جمع القمامة وبين الجريمة المنظمة إلى عقودٍ مضت.
ففي الولايات المتحدة، كانت لا كوزا نوسترا جزءاً من منظومة الصرف الصحي التجارية لمدينة نيويورك منذ الخمسينيات (حيث يجري جمع القمامة الشخصية بواسطة إدارة الصرف الصحي في المدينة).
إذ اعتاد جامعو القمامة على تعديل جداولهم وتبادل خطوط السير، ما جعل المنظومة أكثر عرضة لتكتيكات الإكراه.
ودخلت المافيا الصناعة من خلال نقابة تيمسترز، لتفرض نفوذها على بعض خطوط السير، وتستخدم التكتيكات البغيضة لإبعاد المنافسين عن الساحة.
وحين دخلت السوق شركة Browning-Ferris Industries الوطنية الرائدة في صناعة النفايات عام 1992، عثرت زوجة أحد مديريها على رأس كلبها مقطوعاً في حديقتها. وحمل الرأس داخل فمه الرسالة التالية: “أهلاً بكم في نيويورك”.
وشنّت قوات إنفاذ القانون في نيويورك مداهمات متواصلة لتنظيف الصناعة.
وكان الأمر على رأس أولويات رودي جولياني في منصبه حاكماً لمدينة نيويورك، كما أشرف هو والمحامي روبرت مورغنثاو على الاتهامات التي وُجِّهت لأفراد عائلات غامبينو وجينوفيز الإجرامية في التسعينيات.
ورغم ذلك لا يزال وجود المافيا قائماً، ففي يناير/كانون الثاني عام 2013، اتُّهِمَ 30 شخصاً بالابتزاز في مدينة نيويورك. وشملت القائمة أعضاء وشركاء في ثلاث عائلات مافيا -غامبينو وجينوفيز ولوتشيز- ترتبط جميعها بأعمال جمع القمامة.
9- القمار
يروي تاريخ المافيا واقعتين شهيرتين حدثتا داخل موقعين معروفين حالياً، بحسب ما نشره موقع HowStuffWorks.
أوّلهما في عام 1929 حين اجتمع رموز الجريمة المنظمة بمدينة أتلانتيك سيتي لنقاش الحظر المفروض على الكحوليات، تحت ستار الاحتفاء بشهر عسل زعيم المافيا ماير لانسكي.
ناقشوا على وجه التحديد كيف يُمكن للمافيا التربُّح من رفع الحظر عن طريق الاستثمار في نوادي القمار (الكازينوهات) والنوادي الليلية.
وتُشير القصة الأخرى إلى أنّ لانسكي وذراعه اليمنى بوغسي سيغل كانا يتطلّعان إلى صحراء لاس فيغاس وإمكانات أن تصير قبلةً للقمار. وتُشير الوقائع التاريخية إلى ارتباط المافيا بالكازينوهات ارتباطاً لا ينفك وثاقه.
والأمر منطقي: إذ تُصمّم الاحتمالات لتصُب في مصلحة الكازينو، ولا تُولي الجهات التنظيمية اهتماماً كبيراً لهذه الصناعة مثل الصناعات الأخرى، فضلاً عن امتلاك المافيا للقوة اللازمة من أجل إدارة تجارة القمار -المُتقلّبة أحياناً- بنوعٍ من السلاسة.
وساعدت روابط المافيا على تحويل لاس فيغاس إلى الوجهة السياحية التي هي عليها اليوم، والتي تُقدّر قيمتها بعدة مليارات من الدولارات.
لكن السياح لن يلحظوا أدلةً على وجود المافيا في لاس فيغاس هذه الأيام، باستثناء المتحف الموسمي، أو المطعم الخاص، أو عند التعرّف إلى أحد السكان المحليين. لدرجة أنّ الكازينوهات باتت تخضع لإدارة الشركات.
لكن رجال المافيا تكيّفوا مع العصر الحالي وانتقلوا إلى الإنترنت. وفي هذه الأيام بات من المرجح أن يُقبض على أحدهم بسبب أنشطة القمار عبر الإنترنت.
وفي عام 2008، وجّه نائب عام كوينز اتّهامات إلى عائلة غامبينو بإدارة عمليات قمار غير قانونية على طراز الكازينوهات، إذ كان يُسمح للاعبين باقتراض أموال للمقامرة بفائدةٍ تصل إلى 200%.
ومؤخراً، اتُّهِم أفراد عائلة جينوفيز في نيوجيرسي بجني ملايين الدولارات سنوياً من عمليات المقامرة غير الشرعية.
وفي أوروبا، يتخوّف المسؤولون من المبالغ الهائلة التي يجري غسلها بواسطة المافيا من خلال المقامرة عبر الإنترنت، وخاصةً في المواقع الإلكترونية الموجودة داخل ألمانيا، حيث لا تُفرض عقوبات على أنشطة القمار غير القانونية.
8- النجارة والإنشاءات
على غرار استراتيجية التعامل مع إدارة النفايات، شقَّت المافيا طريقَها إلى تجارة البناء من خلال النقابات. وفي العادة تُقدِّم شركات الإنشاءات عطاءاتها من أجل الحصول على الوظائف التي تشمل أطقم النقابات.
ومن المعروف أنَّ شركات الإنشاءات التي تُديرها المافيا تُدرِج أسعار النقابات في عطاءاتها، وتفوز بالعقود، ثم تدفع مبالغ أقل لعامليها.
وداخل النقابة يحصل رجال المافيا على أعلى المناصب، ويبتزون الأطقم الشرعية من أجل منح العطاءات لأعلى المزايدين (بدلاً من النجارين الأكثر براعة)، فضلاً عن التهديدات بالعنف الجسدي.
كما يستثمرون في -ويمتلكون بعض- الشركات التي تُوفّر المواد مثل الفولاذ والأسمنت لطواقم الإنشاء الأخرى. وتُغالي تلك الشركات في النفقات، ما يرفع أسعار البناء بشدة.
واستغلّت المافيا العديد من الطفرات العقارية في نيويورك، وقد حاكم مكتب جولياني زعماء العائلات الخمس في عام 1986، بسبب سيطرتهم على نقابات عمال الأسمنت، ومطالبتهم برشاوى كلّفت المدينة ملايين الدولارات.
وفي عام 1990، واجهت العائلات الخمس تهماً فيدرالية في بروكلين، بسبب تقاضيهم رشاوى وتلاعبهم بعطاءات في عقدٍ بـ150 مليون دولار مع هيئة الإسكان بمدينة نيويورك.
ويبدو أنّ المافيا لا تزال جزءاً من شركات ونقابات الإنشاءات حتى يومنا هذا. إذ يُواصل المقاولون من الباطن، المرتبطون بالمافيا، بناء المشاريع في مانهاتن، مثل برج الحرية داخل مركز التجارة العالمي.
7- طاقة الرياح
يستثمر المجرمون داخل الدول الأوروبية أموالهم في مزارع الرياح وغيرها من أنواع الطاقة الخضراء لغسل أموالهم.
وفي الواقع، تستغلّ “مافيا البيئة” المتنامية في إيطاليا المنح البيئية التي تُقدّمها الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي، عن طريق دخول تجارة الرياح.
وتُعتبر طاقة الرياح جذّابة للمجرمين بفضل مجموعةٍ من العوامل، ومنها: نقص التنظيم في الصناعة، وارتفاع سعر المنتج، والتمويل المعقد، والإعانات الحكومية.
وتُباع طاقة الرياح في إيطاليا بأسعارٍ أغلى من أيّ مكان آخر في العالم، ولهذا السبب تنتشر طواحين الهواء فوق جبال صقلية.
ويُضطر مواطنو الدولة إلى التحديق في مشاهد تطغى عليها مراوح طواحين الهواء، لكنّهم يلتزمون الصمت خشية الانتقام.
6- العقارات
ربما لا تُسيطر المافيا تماماً على العقارات، لكن رجال العصابات يعشقون الاستثمار في العقارات. وحيث يسهل جني المال في مجال العقارات، يسهل أكثر العثور على فضيحةٍ لها علاقة بالمافيا.
وخلال الفترة التي سبقت الفقاعة الإسكانية عام 2008 وفي أعقاب الانهيار، كان دومينيك ديفيتو -المرتبط بعائلة جينوفيز- يعقد صفقات سيئة لأصحاب المنازل.
وحُكِمَ على ديفيتو بالسجن نحو خمس سنوات بسبب احتياله العقاري الذي تضمّن شراء منازل كبيرة في مقاطعة ويستشستر، وهي ضاحيةٌ شمال مدينة نيويورك، وبيعها مقابل أرباح باهظة.
وكذب هو وشركاؤه من أجل الحصول على الرهون العقارية، ثم استخدموا المنازل الجديدة بوصفها ضمانات من أجل الحصول على المزيد من الرهون العقارية، التي ينتهي بها المطاف إلى حبس الرهن، ولكن ليس قبل حصولهم على جزءٍ من أموال التأمين على أشياءٍ مثل الأنابيب المكسورة حديثاً وعن عمد بواسطة المافيا.
وحين انهار سوق الإسكان، كان فريق جينوفيز متواجداً للتلاعب بالأسعار بنفس الطريقة.
وفي تطوُّرٍ آخر غير متوقع، أدّت ممارسات الإقراض المُيسّر من البنوك الكبرى وشركات الرهن العقاري قبل الانهيار دوراً ساعد تجارة القروض باهظة الفائدة.
ولجأ الناس إلى قروض الأصول العقارية من أجل تسديد ديونهم للمافيا.
5- المطاعم ومحلات البيتزا
لطالما كانت المافيا على علاقة بمجموعةٍ من المطاعم اللذيذة، منها مثلاً مطعم PortuCale Restaurant & Bar في نيوجيرسي، الذي يُزعم أنّه كان القاعدة السابقة لعمليات غسيل الأموال التي شملت أكثر 400 مليون دولار جمعتها عائلة جينوفيز.
واليوم، تنتشر محلات البيتزا والمطاعم والمقاهي التي تُديرها المافيا في كل مكان. إذ أسفرت حملةٌ شُنَّت في روما مؤخراً عن مصادرة 27 مطعماً ومقهى، إلى جانب أصول تصل قيمتها إلى 283 مليون دولار.
وشملت القائمة مطعم Pizza Ciro الشهير للغاية، الذي افتُتح قبل أكثر من 10 سنوات ويُشاع أنّه كان يُستخدم لغسيل أموال المخدرات والقروض باهظة الفائدة والإتاوة.
ويُعتقد أنّ نحو 70% من مطاعم وحانات وسط روما مملوكةٌ للجريمة المنظمة، وتُدِرُّ أكثر من 1.53 مليار دولار سنوياً.
وليس من السهل دائماً أن تلحظ أنّك وسط مؤسسةٍ تُديرها العصابات، لأّن تلك المطاعم تتمتّع بمعايير عالية وسمعة جيدة.
4- الحانات
في وقتٍ مُبكّر من الثلاثينيات، حين كانت المثلية الجنسية مخالفةً للقانون داخل الولايات المتحدة، زوّدت المؤسسات المرتبطة بالمافيا العملاء المثليين بمكانٍ للاجتماع والاختلاط وإنفاق المال.
وفي وقتٍ من الأوقات، كانت المافيا تحتكر حانات المثليين في مدينة نيويورك، وغيرها من المُدن حول البلاد على الأرجح.
ورغم أنّ مالك الحانة توني السمين -من عائلة جينوفيز- كان يدفع لرجال الشرطة نحو 1200 دولار شهرياً ليبتعدوا عن حانته، فإنه كان يجني أرباحاً كبيرة عن طريق استغلال الزبائن مقابل غض الطرف عن سلوكهم غير القانوني.
في حين كان فردٌ آخر من عائلة جينوفيز، هو ماثيو لانييلو (ماتي الحصان)، مسؤولاً عن إدارة أكثر من 80 حانة ومطعماً ومرقصاً في السبعينيات، كانت غالبية محلاته تخدم مجتمع المثليين أيضاً.
3- المواد الجنسية
لطالما ارتبط اسم المافيا بإنتاج وتوزيع الأفلام، والكتب، والمجلات الجنسية. وفي الستينيات والسبعينيات، كانت التقارير تُشير إلى أنّ عائلة كولومبو تُدير آلات تعمل بالنقود المعدنية لعرض الأفلام في ميدان تايمز سكوير بنيويورك.
وفي العصر ذاته، كان رجال المافيا يمتلكون ويُسيطرون على غالبية دور السينما المخصصة لأفلام البالغين فقط، ومُوزّعي الأفلام الجنسية، ومعامل معالجة شرائط الأفلام.
ومؤخراً، اكتُشِفت روابط كبيرة بين الجريمة المنظمة وبين عالم المواد الجنسية على الإنترنت. ففي عام 2005، قُدِّم أفراد عائلة غامبينو إلى المحكامة بتهمة الاحتيال لعرضهم جولات مجانية في مواقع البالغين الإلكترونية، قبل أن يسحبوا رسوماً باهظة الثمن من بطاقات ائتمان العملاء.
وأدرت عليهم الخطة أموالاً طائلة استثمروا أرباحها في شركة اتصالات، ومصرف، وأكثر من 64 شركة وهمية، إلى جانب الحسابات البنكية خارج البلاد.
ورغم أنّ اعتقالات عام 2005 كانت آخر قضيةٍ كبيرة تتعلّق بالمواد الجنسية عبر الإنترنت، فإنه يُفترض أنّ العديد من عائلات المافيا متورّطةٌ في الاتجار بالجنس الذي يُسفر عن إنتاج المواد الجنسية.
2- تسجيل الموسيقى
لا شكّ أنك ستعرف الكثير عن تاريخ المافيا في صناعة التسجيلات الموسيقية إن شاهدت فيلم Jersey Boys. إذ يروي قصة فرانكي فالي وفرقة Four Seasons وعلاقتهم بجيب ديكارلو، رجل العصابات المرتبط بعائلة جينوفيز من نيوجيرسي.
وقبل سنوات قليلة، كان ويلي موريتي -من عائلة جينوفيز أيضاً- هو المسؤول عن بناء الحياة المهنية لفرانك سيناترا. ويُشاع أنّ مشهد فيلم The Godfather، حيث يُوجّه لوكا براسي مسدسه إلى رأس قائد فرقة موسيقية لإقناعه بالتخلّي عن عقد مُغني، مُستقى من قصةٍ حقيقية حدثت عام 1943 حين وضع موريتي مسدسه على رأس تومي دورسي نيابةً عن سيناترا.
وكانت المافيا هي القوة المُحرّكة وراء مجموعةٍ من أفضل الأغاني والمغنين في التاريخ. ورغم وعودها بحماية الفنانين، فإن المافيا كانت تُرهبهم وتبتزهم في نهاية المطاف.
وفي الثمانينيات، اشترى زعماء الجريمة المنظمة مصانع إنتاج الشرائط، وهو ما سمح لهم بإنتاج نسخ مُقلّدة من التسجيلات الأصلية وإغراق السوق بنسخ أقل سعراً.
لكن الصناعة تحوّلت إلى الشركات وصارت أقل ربحية منذ ذلك، لذا انخفض صوت موسيقى المافيا بالتبعية.
1- الأسماك
تناولك السمك في أيّ مكان بطول الساحل الشرقي للولايات المتحدة كان يعني على الأرجح أنّك دفعت نسبةً لعائلة جينوفيز الإجرامية أو شركائها.
ومنذ الثلاثينيات، أدار رجال المافيا بعائلة جينوفيز سوق سمك Fulton Fish، أحد أقدم وأهم مواقع تجارة جملة الأسماك في البلاد.
وحتى يومنا هذا، لا يزال السوق يُوفّر المأكولات البحرية الطازجة لغالبية أجزاء الساحل الشرقي.
واعتبرت المافيا هذا السوق الذي يتعامل بالنقود السائلة بمثابة موقعٍ مناسب لغسيل الأموال، والإقراض بفوائد باهظة، وتوظيف رجالها دون أن يضطروا للحضور.
وكشف نائب عام مدينة نيويورك رودي جولياني تلك العملية في الثمانينيات، واقترح أن تستحوذ الحكومة على السوق في التسعينيات. وحينها كان السوق يبيع نحو 56 مليون كغم من الأسماك الطازجة سنوياً، بقيمةٍ تتجاوز المليار دولار.
وانتقل سوق سمك Fulton Fish بعدها إلى برونكس، مع تواصل الجهود لإبقائه بعيداً عن أيدي الجريمة المنظمة، لكنّنا لا نعلم إن كانت الأوضاع قد تغيّرت فعلياً أم لا.
ومؤخراً في عام 2014، تبيّن أنّ أفراد عائلتي غامبينو وبونانو كانوا ضالعين في مخططٍ لشحن الكوكايين إلى نيويورك داخل علب الأسماك المُجمّدة للبيع بالجملة.
ولكن الخطة لم تكُن متعلقة بالأسماك على الإطلاق. في الواقع، توقّفوا عن استخدام معلبات الأسماك واستخدموا معلبات الأناناس المجمد وفق ما نشرته صحيفة NY Daily News.