حرية – (29/8/2023)
يستبشر العراق كما الدول العربية المحيطة بظهور “نجم سهيل” الذي يحمل معه بشرى انتهاء الصيف وتراجع درجات الحرارة في صورة تدريجية، لا سيما خلال الليل بعد موجة حر شديد شهدتها المنطقة الأيام الماضية، حين سجلت درجات الحرارة في العراق أرقاماً قياسية تجاوزت الـ 50 درجة مئوية، في مؤشر يدل على أن صيف العراق بات لاهباً وأجبر بعض المحافظات العراقية على تعطيل الدوام الرسمي في أيام محددة من هذا الشهر.
ما هو نجم سهيل؟
ويعتبر نجم سهيل نجماً عملاقاً ساطعاً أبيض مصفر اللون يقع في كوكبة القاعدة على بعد 313 سنة ضوئية من الأرض، كما يزيد حجمه على حجم شمسنا 65 مرة، ويشع ضياء يفوق ضياء الشمس بأكثر من 15 ألف مرة، إذ تبلغ درجة حرارة سطحه 7076 درجة مئوية ويظهر نهاية شهر أغسطس (آب)، وعلى رغم أنه لا يرتبط ارتباطاً مباشراً بموسم الأمطار إلا أنه يعد مبشراً لنهاية قيظ الصيف اللاهب.
التغير الفصلي
بدورها أكدت رئيسة دار السلام الفلكية سماح فلاح أن “نجم سهيل” أو “ألفا القاعدة” واسمه اللاتيني “كانوبوس”، هو أكثر نجم لمعاناً في مجموعة النجوم المكونة لكوكبة القاعدة، وثاني ألمع نجم في السماء بعد الشعرى اليمانية، مشيرة إلى أنه لا يوجد لنجم سهيل أو أي نجم آخر أي تأثير في الطقس أو هطول الأمطار وغيرها بأي شكل من الأشكال.
ونوهت فلاح في حديثها إلى أن العرب قديماً وحتى الآن كانوا يعرفون بظهوره أنه بدأ التغير الفصلي والانتقال نحو الاعتدال الخريفي، لأن فترة ظهوره تصادف دورة الأرض السنوية حول الشمس مما يجعلها تميل بعيداً من الأفق، كون الصيف والشتاء مرتبطين بميلان الأرض وليس ببعدها وقربها من الشمس، كما أن النجم تصعب رؤيته من بغداد بسبب كروية الأرض وقربه من الأفق، وذلك لأن لكل مدينة أفقاً خاصاً بها بحسب خط عرضها.
بداية لنهاية موجات الحر
من جهته اعتبر الخبير الجوي أحمد التميمي أن بداية ظهور “نجم سهيل” تدل على انتهاء موجات الحر القوية أو بداية نهاية الصيف بشكل تدريجي، إذ يستبشر العرب به لأن رؤيته تحمل معها نهاية الصيف، فبعد رصده بـ 10 أيام نلحظ برودة الهواء والماء.
ولفت إلى أنه بعد طلوع “نجم سهيل” يبدأ موسم الأمطار، وهذه قواعد ثابتة بالنسبة إلى شبة الجزيرة العربية، لكن خلال الآونة الأخيرة وبسبب كثرة التصحر وقلة الأمطار ويباس البساتين الخضراء فقد بات الإحساس بالبرودة قليلاً، وبالكاد نلحظ انكسار درجات الحرارة نتيجة البناء الأسمنتي والأرصفة وغيرها لأنها تخزن الحرارة، مبيناً أن الشعور بانخفاض الحرارة يكون في المناطق البرية والمكشوفة والزراعية في العراق، أما باقي المناطق فبالكاد تشعر بأي تغيير في الطقس.
وزاد التميمي أنه “في السابق كان الاعتماد على الفلك من الأمور المهمة والأساس من حركة القمر وبداية شهر رمضان، وكذلك الأشهر العربية والمناسبات الدينية وغيرها”.
انكسار شدة الحرارة
وأكد الخبير الجوي لدى الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي صادق عطيه أننا “نعيش نهايات فصل الصيف وأن فصل الخريف سيبدأ بعد أيام”، لافتاً إلى أن الطقس في العراق لا يتغير خلال فصلي الخريف والربيع بحكم الأجواء الحارة التي تمتاز بها مناخات غالبية مدن العراق عدا مدن الشمال، وتابع أن “موسم الأمطار الحقيقي في العراق يبدأ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) وينتهي منتصف مايو (أيار) تقريباً”.
وأوضح عطية أن درجات الحرارة لا تزال مرتفعة وستستمر مرتفعة خلال ساعات النهار لغاية الأسبوع الأول من شهر سبتمبر (أيلول)، وبعدها نلاحظ انكسار شدة الحرارة في غالبية مدن البلاد والاعتدال خلال ساعات الليل، مبيناً أن التغيرات المناخية التي يسببها الاحتباس الحراري غيرت كثيراً من المواقيت التي كان أهلنا وأجدادنا يستخدمونها، إذ كانوا يلجأون قديماً إلى رصد النجوم لمعرفة الوقت وتحديد الفصول ومواسم الأمطار، علماً أن النجوم ليس لها علاقة أبداً بالطقس والمناخ على سطح الأرض، ولكن هي استدلال باعتبار أنه لم تكن هناك تكنولوجيا يعتمد عليها كما هو الحال الآن.
وشهد العراق خلال الشهر الحالي موجات حر في وقت اتسعت المناطق الصحراوية قياساً إلى المناطق الزراعية في بلاد الرافدين التي تعاني الجفاف نتيجة قلة الأمطار والإطلاقات المائية من دول المنبع.