حرية – (31/8/2023)
منذ القدم قام الإنسان ببناء أبنية ضخمة أو نحت تماثيل كبيرة داخل الجبال، والتي أصبحت الآن تصنف كآثار قديمة، هذه الأعمال الهندسية التي يعود معظمها إلى مئات السنين قبل الميلاد حيَّرت العلماء في طريقة بنائها في فترة زمنية قديمة تفتقر إلى المعدات الموجودة حالياً، خاصة أنها تحتاج إلى مجهود كبير وأعوام طويلة لبنائها.
من أهرمات مصر وأبو الهول إلى أحجار بوما بونكو بالولايات المتحدة وغيرها الكثير من الآثار القديمة التي لا تزال شاهدة على عظمة الشعوب القديمة التي قامت بتشييدها.
الآثار القديمة.. سر بناء أهرامات الجيزة
تعتبر أهرامات الجيزة بمصر إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة التي لم يتوصل العلماء بعد إلى كيفية بنائها، إذ يصل طول هرم خوفو الأكبر إلى قرابة 140 متراً، أي أزيد من 40 طابقاً.
حيرت التقنيات التي استُخدمت في عملية بناء الأهرامات المصرية وحير العديد من المؤرخين والعلماء لسنوات لا حصر لها. تم طرح العديد من الفرضيات المثيرة للجدل فيما يتعلق ببناء الأهرامات.
حسب موقع “britannica” البريطاني يعتبر التفسير الأكثر منطقية هو أن المصريين استخدموا جسراً مائلاً ومحاطاً من الطوب والتراب والرمل، والذي زاد ارتفاعه وطوله مع ارتفاع الهرم؛ تم نقل الكتل الحجرية إلى أعلى المنحدر بواسطة الزلاجات والبكرات والرافعات.
وفقاً للمؤرخ اليوناني القديم هيرودوت، استغرق بناء الهرم الأكبر 20 عاماً وتطلب عمل 100 ألف رجل. هذا الرقم قابل للتصديق بالنظر إلى افتراض أن هؤلاء الرجال، الذين كانوا عمالاً زراعيين، عملوا في الأهرامات فقط بينما لم يكن هناك سوى القليل من العمل الذي يمكن القيام به في الحقول.
وتقوم النظرية العامة على الاعتقاد بأن الحجارة الضخمة تم نحتها من المحاجر باستخدام أزاميل النحاس. ثم تم سحب هذه الكتل ورفعها إلى مكانها. ومع ذلك، فإن الطريقة المتعلقة بحركة هذه الحجارة ووضعها محل خلاف كبير.
الأمر المؤكد هو أن القوى العاملة كانت منظمة للغاية وتمت إدارتها على أعلى مستوى من خلال اتباع عملية منظمة ومخططة تتكون من ثلاث مراحل.
جزيرة القيامة.. التشيلي
في جزيرة منعزلة بالمحيط الهادئ، قبالة السواحل التشيلية، لا يسكنها سوى عدد قليل من السكان، تنتصب تماثيل غريبة منذ آلاف السنين. تسمى هذه المنطقة بجزيرة القيامة أو الفصح، وأكثر ما يميزها إلى جانب التماثيل، شكلها المثلثي، والتي تدخل ضمن قائمة الآثار القديمة الموجودة في عالمنا والتي لم يتوصل العلماء بعد إلى كيفية إنشائها.
تضم هذه الجزيرة مئات التماثيل على شكل وجه إنسان، وجذعه؛ أي من الرقبة حتى أسفل البطن، وبعضها له غطاء دائري حول الرأس، وبعضها الآخر له أذرع، يبلغ وزن كل تمثال 50 طناً، وطول كل تمثال 32م، وبعضها يرتفع إلى 12 متراً.
تتكون تلك المنحوتات العجيبة من الرماد البركاني المضغوط، وبعضها من البازلت، وحتى الآن لم يتمكن أحد من العلماء والباحثين في التاريخ، من التوصل إلى حقيقة هذه التماثيل، وقصة انتشارها على الساحل التشيلي في جزيرة القيامة.
ويرى البعض أن صنع هذه التماثيل تم من باب تعظيم شأن أسلاف تلك الشعوب التي سكنت الجزيرة قبل 2500 سنة قبل الميلاد، رغم بساطة الأدوات المُستخدمة في النحت في ذلك الوقت، التي لا تتعدى أن تكون معاول يدويةً حجريةً.
إلا أن دقة النحت تلك التماثيل التي يتجاوز عددها 800 تمثال، تُشير إلى براعةٍ عاليةٍ في النحت، وصلابةٍ في العمل، فمعظم التماثيل ذات أوزان ثقيلة، يطلق السكان الحاليون على الجزيرة التماثيل اسم “مواي”، ولشدة غرابة هذه المنحوتات.
وبسبب هذه التماثيل الغامضة وصفت هذه الجزيرة بأنها الأغرب في العالم.
الصين.. أكبر تمثال حجري لبوذا في العالم
ليس بعيداً عن مدينة تشنغدو في مقاطعة سيتشوان بالصين، يقع تمثال بوذا العملاق ليشان. يبلغ عمر هذا التمثال الضخم المنحوت على جانب جبل لينغيون أزيد من 1300 عام، يعتبر هذا الأخير أكبر تمثال حجري لبوذا في العالم.
كما يعد أطول تمثال من عصر ما قبل الحداثة على الإطلاق. يجذب الموقع الملايين من الأشخاص كل عام، بما في ذلك الحجاج البوذيون، مما يجعلها وجهة مقدسة وإحدى عجائب العالم القديمة، من بين الآثار القديمة الموجودة في الصين.
حسب موقع “ancient-origins” يقال إن تمثال بوذا العملاق في ليشان قد تم بناؤه لتهدئة المياه المضطربة التي ابتليت بها القوارب المارة وتقتل العديد من الأشخاص كل عام. لذلك، في عهد أسرة تانغ، قرر راهب يدعى هاي تونغ، نحت تمثال عملاق بجانب النهر، على أمل أن يرضي آلهة النهر وينقذ حياة المزيد من السكان المحليين.
لا تكمن جاذبية بوذا في حجمه فحسب، بل أيضاً في براعته المعمارية. التمثال كله مصنوع من الحجر، باستثناء الأذنين التي صنعت من الخشب ثم ثبتت وغُطيت بالطين. تم ترتيب شعر بوذا في تجعيدات لولبية خاصة مع 1021 خصلة تم دمجها بمهارة في الرأس.
يبلغ ارتفاع التمثال 10 طوابق، وإذا وقف في وضع مستقيم، فإنه سيكون متطابقاً تقريباً مع تمثال الحرية. تمثال بوذا العملاق في ليشان ضخم للغاية لدرجة أنه يُزعم أن 100 راهب يمكنهم الجلوس على قدم واحدة.
لم يتوصل العلماء بعد إلى كيفية نحته في تلك الحقبة الزمنية أو الأدوات المستخدمة للحصول على هذه الروعة الهندسية في الآثار القديمة بتلك المنطقة.
تمثال أبو الهول بمصر القديمة
من بين أكثر الألغاز التي تساءل عنها الكثيرون: متى شُيد أبو الهول بمصر، أكد معظم العلماء أن أبو الهول شُيد منذ حوالي 4500 سنة، أي خلال فترة بناء الأهرامات العظيمة، مؤكدين ترابطه بالمدافن الضخمة الموجودة حوله.
رغم أن الفراعنة عظّموا الأهرامات التي تعتبر إحدى أهم الآثار القديمة في العالم، إلا أن السجلات التي توضح كيفية بنائها قليلة، الشيء الذي دفع علماء الآثار للجوء إلى أعمال المباحث، عند محاولتهم حل لغز مَن بنى تمثال أبو الهول؟
حتى الآن لم يتم العثور على دليل أو نقوش ترجعه إلى خوفو وخفرع، لكن من أكثر الفرضيات شيوعاً بين علماء الحضارة المصرية في الوقت الحالي مثل “مارك لينر” و”زاهي حواس” أن خفرع مَن أنشأ أبو الهول، وجعله جزءاً من مشاريع البناء الضخمة، بما في ذلك مكان استراحته ومجمع المعبد المحيط به، درس هؤلاء العلماء بقايا المقبرة والمباني المختلفة التي أمر بها كل ملك في تلك الحقبة.
يعتقد العلماء أن تمثال أبو الهول قد تم نحته من قطعة ضخمة من الحجر الجيري، والتي من المحتمل أن تكون مكشوفة، بينما كان العمال يحفرون قطعاً كبيرة من الصخور لبناء المعابد المجاورة.
فيما يعيد بعض العلماء تاريخ بنائه إلى تاريخ أقدم بكثير، وذلك استناداً إلى نص يعود إلى 670 قبل الميلاد، يصف الأحداث التي وقعت قبل آلاف السنين، والذي يظهر أن تمثال أبو الهول تم ترميمه خلال فترة حكم خوفو، الشيء الذي يظهر وجوده قبل كل من خوفو وخفرع، إلا أن اللوحة مليئة بالمفارقات التاريخية، الشيء الذي جعل العلماء يشككون في صحتها.
رغم وجود العديد من النصوص القديمة التي تدل على الحقبة الزمنية وفترة بناء أبو الهول فإن طريقة بنائه لا تزال مجهولة، خاصة مع وضع فرضية عدم وجود معدات متطورة للحصول على تمثال بتلك الضخامة.
المدينة الغامضة بوما بونكو
حسب موقع “aysetolga” التركي بوما بونكو هو اسم مجمع معابد كبير بالقرب من تيواناكو في بوليفيا، وهو جزء من موقع أثري أكبر يعرف باسم تياهواناكو لا يزال أصل هذا المعبد غامضاً، ولكن بناءً على التأريخ الكربوني للمواد العضوية الموجودة في الموقع، توقع العلماء أن المجمع قد تم تطويره من قِبل إمبراطورية تيواناكو، إحدى أهم الحضارات قبل إمبراطورية الإنكا، بين ثلاث مئة وألف قبل الميلاد.
الشيء الأكثر إثارة للاهتمام في بوما بونكو هو الأعمال الحجرية. كان بوما بونكو في الأصل عبارة عن تل ترابي مدرج محاط بكتل صخرية تزن عدة أطنان.
تم قطع الحجر الرملي الأحمر وأحجار انديسايت بدقة لتتناسب وتتشابك دون استخدام أي اسمنت أو شيء بينها. إن الصقل الفني والدقة المعروضة في هذه الكتل الحجرية أمر مذهل. لا يوجد حتى مساحة كافية بين الصخور لمرور شفرة حلاقة حتى.
نظراً لحجم هذه الحجارة أصبحت الطريقة التي تم نقلها إلى بوما بونكو موضوعاً آخر مثيراً للاهتمام منذ اكتشاف المعبد. يكشف التحليل الكيميائي أن كتل الحجر الرملي الأحمر تم نقلها على منحدر شديد الانحدار من محجر بالقرب من بحيرة تيتيكاكا، على بعد حوالي 10 كيلومترات من موقعها الحالي.
كما أن الموقع الحالي جد مرتفع في أعلى قمة في المنطقة ما وضع تساؤلات العلماء حول كيفية نقلها على طول 10 كيلومترات وبارتفاعات شاهقة دون وجود أي معدات حديثة.
ربط بعض العلماء إمكانية نقل الأحجار من موقعها بوجود كائنات فضائية أو قوى خارجية ساعدت في حملها بشكل أسرع. فيما رجح البعض الآخر أن شعوب هذا المنطقة وضعوا طريقاً من جذوع الأشجار لسحب هذه الأحجار، إلا أن معظم العلماء لم يستطيعوا الجزم بها لعدم وجود أشجار كبيرة تستطيع المساعدة في هذه المهام في المنطقة.