الحرية | 16/9/2023
حين هز زلزال مدمر جبال الأطلس الكبير بالمغرب في الثامن من سبتمبر أيلول، التمس سكان المناطق الفقيرة التي ضربها الزلزال المساعدة من الدولة والرجل الذي يقودها، الملك محمد السادس.
لكن الملك الذي يتمتع بسلطات واسعة ظل بعيدا عن الأنظار، ولم يظهر سوى ثلاث مرات منذئذ. فقد ترأس اجتماعين للاستجابة لحالات الطوارئ مع المسؤولين في الرباط، وزار مستشفى في مراكش القريبة من منطقة الكارثة وتبرع بالدم هناك بعد نداء وطني للتبرع.
ويحافظ الملك عادة على مسافة ملكية تفصله عن الجمهور وينأى بنفسه عن الخلافات السياسية. ولم يزر محمد السادس المنطقة الأكثر تضررا التي قتل فيها أكثر من 2900 شخص جراء الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة، في أكثر الكوارث حصدا للأرواح في المغرب منذ عام 1960.
وكان نهج الابتعاد عن الظهور الإعلامي هو السمة المميزة لحكمه منذ أن خلف والده على العرش وعمره 35 عاما في 1999 مضطلعا بمسؤولية المملكة الواقعة في شمال أفريقيا والتي كانت فقيرة وتعاني من الركود الاقتصادي والقمع السياسي.
وكان تعامل الملك محمد السادس مع المعارضة أكثر رفقا من تعامل والده الحسن الثاني معها، وحقق إصلاحات اقتصادية اجتذبت مستثمرين أجانب ووسعت القاعدة الصناعية مما جعل المملكة قوة اقتصادية في أفريقيا.
لكن العاهل المغربي، ومن ألقابه أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية وأمير المؤمنين، توخى الحذر تجاه التغيير السياسي، ولم يتخل إلا عن القليل من السلطة، وهو ما يقول منتقدون إنه يكبل مبادرة الحكومة حتى في الأزمات.
وقال أبو بكر الجامعي، وهو أستاذ في الكلية الأمريكية للبحر الأبيض المتوسط في فرنسا، “حين لا يكون الملك موجودا، لا تتوقف الحكومة عن العمل فحسب، لكن حتى حين يتعلق الأمر بالأزمات الكبيرة، فإن الدولة لا تقوم بعملها”.
وقال مصدر حكومي إن المغرب لديه مؤسسات وجماعات مجتمع مدني قادرة على التصرف دون أوامر من القصر.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له التحدث إلى وسائل الإعلام، إن السلطات أطلقت استجابة منسقة وسريعة في ظروف الزلزال الصعبة من الناحية اللوجيستية.
حين اندلعت احتجاجات حاشدة في تونس ومصر عام 2011، وأسقطت حاكمين مستبدين، احتشدت جماعات مؤيدة للديمقراطية في أنحاء من المغرب للمطالبة بالتغيير. وسلم العاهل المغربي حينها مزيدا من السلطات إلى البرلمان المنتخب، لكن ذلك لم يكن سوى تحول محدود.