حرية – (4/10/2023)
أعطى البرلمان الأوروبي الضوء الأخضر الأولي اليوم الثلاثاء لقانون يهدف إلى الدفاع عن تعددية وسائل الإعلام واستقلاليتها وسرية مصادرها، وهو موضوع يقع في قلب الأحداث في فرنسا مع احتجاز صحافي أخيراً.
ويفتح التصويت، الذي نال 448 صوتاً مؤيداً (102 معارض وامتناع 75 عضواً عن التصويت)، الطريق الآن أمام المفاوضات مع الدول الأعضاء التي يتوقع أن تكون صعبة قبل التبني النهائي للقانون.
وقدمت المفوضية الأوروبية هذا “القانون الأوروبي لحرية الإعلام” في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد تدهور الوضع في دول بالاتحاد الأوروبي مثل بولندا والمجر، فهو يؤمن ضمانات لاستقلال نهج التحرير للفريق المسؤول عن ذلك في مواجهة السلطة السياسية أو الاقتصادية ويحدد التزامات الشفافية على ملكية وسائل الإعلام.
مهمة مستحيلة
وقالت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية فيرا جوروفا لأعضاء البرلمان الأوروبي خلال الجلسة العامة في ستراسبورغ، “لم يكن من السهل الوصول إلى هذه النقطة. كانت الضغوط ضد هذا القانون كبيرة، واعتقد كثيرون في البداية أنه مهمة مستحيلة”.
ويحظر النص احتجاز صحافيين وتفتيش الوثائق ودهم مكاتبهم أو منازلهم، “لا سيما عندما يؤدي ذلك إلى الوصول للمصادر الصحافية”، وتخضع الاستثناءات لهذا المبدأ إلى تنظيم صارم.
تقول جولي ماجيرزاك مديرة مكتب “مراسلون بلا حدود” في بروكسل “من الواضح أن هذه الضوابط تحمي أكثر من القانون الفرنسي، وتوفر مستوى من الحماية كان من شأنه أن يمنع وقوع حادثة كتلك التي تعرضت لها أريان لافريلو”.
ووضعت الصحافية الفرنسية، التي تتعاون مع موقع “ديسكلوز” الاستقصائي، في الحجز لدى الشرطة لمدة 39 ساعة في الـ19 والـ20 من سبتمبر، وفتش منزلها في إطار تحقيق قضائي بتهمة المساس بسرية الدفاع الوطني، عقب مقالات عن صفقات بيع أسلحة فرنسية إلى الخارج، وعن مهمة استخبارية فرنسية في مصر قد يكون هذا البلد استخدمها لاستهداف معارضين وقتلهم.
وستكون أحكام القانون المخصصة لحماية سرية المصادر والعمل الصحافي موضع نقاشات صعبة مع الدول الأعضاء التي تبنت موقفاً معارضاً لهذا النص في يونيو (حزيران)، وبناء على طلب فرنسا أصرت على استثناءات محتملة باسم “الأمن القومي”.
وينص القانون الذي صوت عليه، على أنه لا يمكن السماح باستخدام برامج التجسس من نوع “بيغاسوس” ضد الصحافيين إلا “كوسيلة أخيرة، وكل حال على حدة”. وإذا أمرت هيئة قضائية مستقلة بهذا الإجراء في إطار تحقيق في جريمة خطرة مثل الإرهاب أو الاتجار بالبشر، كما ذكر البرلمان.
برامج التجسس
وقالت النائبة الرومانية في البرلمان الأوروبي رامونا ستروغاريو، إحدى مقرري النص “يحظر استخدام برامج التجسس في التحقيقات التي تتعلق بالنشاط المهني لوسائل الإعلام وموظفيها”.
وفي رسالة مفتوحة دعت 80 منظمة ونقابة صحافية النواب الأوروبيين إلى التصويت لصالح حظر كامل على “برامج التجسس”.
نقطة أخرى أساسية في التشريع، هي مسألة إشراف منصات الإنترنت على المحتوى الصحافي، فلمنع هذه المنصات من إزالة أو فرض قيود على المقالات أو تقارير الفيديو بشكل تعسفي، ينص القانون على معاملة مختلفة لوسائل الإعلام التي تستوفي عدداً معيناً من الشروط.
على وسائل الإعلام هذه أن تكون شفافة في شأن أصحابها، ومستقلة لجهة التحرير، وأن تخضع لإشراف هيئة وطنية أو تحترم معايير التنظيم الذاتي، وألا تنتج محتوى بواسطة نظام ذكاء اصطناعي من دون أن يخضع لإشراف بشري.
وإذا رأت إحدى المنصات أن محتوى وسيلة إعلام معترف بها ينتهك قواعد الاستخدام، فعليها تحذيرها قبل 24 ساعة من الشروع في تعليق أو تقييد محتمل لمنحها الوقت للدفاع عن نفسها.
وأعرب عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي جوفروا ديدييه (حزب الشعب الأوروبي، يمين) عن سروره لأن مشروع القانون يسهم في “تعزيز حرية التعبير”، معتبراً أن “تويتر” لن تستطيع بعد الآن على سبيل المثال حذف حسابات الصحافيين.
ورحب اتحاد البث الأوروبي بـ”التحسينات” التي أدخلها النواب الأوروبيون على النص “لحماية وسائل الإعلام التي تم التحقق منها من الرقابة على المنصات”، في حين انتقدت إحدى جماعات الضغط الرئيسة لعمالقة الرقمنة هذا “الإعفاء الإعلامي”.