حرية – (25/10/2023)
انتقدت الملكة الأردنية رانيا العبد الله ما وصفته بـ”ازدواجية المعايير” لدى الغرب، و”الصمت المطبق” بشأن الحرب على غزة”، وذلك في لقاء مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، مساء الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيرة إلى أنه رغم المعاناة الإنسانية الكبيرة في غزة، فإن العالم لا يدعو حتى إلى وقف إطلاق النار.
وأوضحت أن “إسرائيل ترتكب أعمالاً وحشية تحت غطاء الدفاع عن النفس، وتنتهك ما لا يقل عن 30 قراراً أممياً”، كما نوّهت بأنها لم ترَ “قط مسؤولاً غربياً يقول: “للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم”، لافتة إلى أن “حرية التعبير هي قيمة عالمية، إلا عندما تُذكر فلسطين”.
وعبّرت الملكة رانيا عن “صدمة وخيبة” أمل العالم العربي من “المعايير المزدوجة الصارخة” في العالم و”الصمت الذي صمّ الآذان” في وجه الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، مؤكدة أنه بالرغم من الرواية السائدة في الإعلام الغربي، إلا أن “هذا الصراع لم يبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الأردنية “بترا”.
وفي مقابلة مباشرة مع الإعلامية كريستيان أمانبور على شبكة “سي إن إن”، أجريت عن بُعد من مكتب الملكة في عَمَّان، قالت الأخيرة إن “معظم الشبكات تغطي القصة تحت عنوان: “إسرائيل في حالة حرب”، ولكن بالنسبة للعديد من الفلسطينيين على الجانب الآخر من الجدار العازل والجانب الآخر من الأسلاك الشائكة، لم تغادر الحرب أبداً. هذه قصة عمرها 75 عاماً؛ قصة موت وتهجير للشعب الفلسطيني”.
أضافت “أغفلت الرواية إبراز تلك القوة العظمى الإقليمية المسلحة نووياً التي تحتل وتضطهد وترتكب جرائم يومية موثقة ضد الفلسطينيين”، مشيرة إلى أن الشعب الأردني متحدٌ “في الحزن والألم والصدمة” على الخسائر البشرية الكبيرة بين المدنيين خلال الأيام الـ 18 الماضية من الحرب.
وقالت الملكة: “رأينا أمهات فلسطينيات اضطررن لكتابة أسماء أطفالهن على أيديهم بسبب الاحتمالات الكبيرة لتعرضهم للقصف حتى الموت وتحول أجسادهم إلى جثث وأشلاء”.
أضافت: “أريد فقط أن أذكّر العالم بأن الأمهات الفلسطينيات يحببن أطفالهن تماماً كما تحب أي أم أخرى أطفالها في العالم. وبالنسبة لهن فإن هذه التجربة أمر لا يصدق”.
من جانب آخر، ذكّرت الملكة بموقف الأردن “الواضح في إدانة قتل أي مدني، سواء كان فلسطينياً أو إسرائيلياً”، مشيرة إلى أن “هذا هو موقف الأردن الأخلاقي والأدبي. كما أنه موقف الإسلام، فالإسلام يدين قتل المدنيين”.
كما أكدت أن الإسلام يمنع المسلمين من قتل امرأة أو طفل أو كبير في السن، أو قطع شجرة أو إيذاء كاهن، ومنوّهة بأن قواعد الاشتباك يجب أن تُطبق على الجميع، مشيرة إلى أن إسرائيل ترتكب أعمالاً وحشية تحت غطاء الدفاع عن النفس.
وقالت الملكة: “استشهد 6 آلاف مدني حتى الآن، (بينهم) 2400 طفل، كيف يمكن اعتبار ذلك دفاعاً عن النفس؟!، نرى مجازر على نطاق واسع باستخدام أسلحة عالية الدقة. لذا وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، رأينا القصف العشوائي على غزة. تمت إبادة عائلات بأكملها، وتسوية أحياء سكنية بالأرض، واستهداف المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد والعاملين في المجال الطبي والصحفيين وعمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة. كيف يعتبر هذا دفاعاً عن النفس؟!”.
وأشارت الملكة إلى أنه بالنسبة للكثيرين في المنطقة العالم الغربي متواطئ في هذه الحرب من خلال الدعم والغطاء الذي يمنحه لإسرائيل، وقالت: “هذه المرة الأولى في التاريخ الحديث التي نشهد فيها مثل هذه المعاناة الإنسانية والعالم حتى لا يدعو إلى وقف إطلاق النار”.
أضافت: “ينظر الكثيرون في العالم العربي إلى العالم الغربي ليس باعتباره متساهلاً مع هذا الأمر فحسب، بل باعتباره متعاوناً ومحرضاً”.
وفي الحديث عما يعانيه الشعب الفلسطيني، قالت الملكة: “هناك أكثر من 500 حاجز تفتيش منتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية. وهناك الجدار العازل الذي اعتبرته محكمة العدل الدولية غير قانوني، والذي قسم الأراضي إلى 200 منطقة محصورة ومنفصلة. وقد رأيتم التوسع الجائر للمستوطنات على الأراضي الفلسطينية، والتي قطّعت الاتصال الجغرافي للمناطق وجعلت من قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات حكم ذاتي أمراً غير قابل للتطبيق”.
وذكرت الملكة أن إسرائيل تنتهك ما لا يقل عن 30 قراراً أممياً “تطالبها وحدها بالعمل على الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، ووقف الاستيطان والجدار العازل وانتهاكات حقوق الإنسان”.
وأشارت إلى أن إسرائيل تم تصنيفها على أنها “نظام فصل عنصري” من قِبل منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية.
وبالإشارة إلى الحل العسكري للصراع، قالت الملكة: “النصر أسطورة يصنعها الساسة من أجل تبرير الخسائر الفادحة في الأرواح”، مضيفة: “لا يمكن التوصل إلى حل إلا حول طاولة المفاوضات. وهناك طريق واحد فقط لتحقيق ذلك، وهو إقامة دولة فلسطينية حرة وذات سيادة ومستقلة تعيش جنباً إلى جنب بسلام وأمن مع دولة إسرائيل”.
وبيَّنت ملكة الأردن أن حلفاء إسرائيل لا يقدمون خدمة لها عبر تقديم الدعم الأعمى لها، وأردفت: “إن تعجيل وتوسيع نطاق توفير الأسلحة الفتاكة لإسرائيل لن يؤدي إلا إلى توسع هذا الصراع. ولن يؤدي إلا إلى إطالة أمد المعاناة وتعميقها”.
وفي انتقاد لدور الإعلام في تغطية الصراع الحالي، أشارت الملكة إلى المعايير المزدوجة لدى المحاورين في الغرب والذين يطلبون ممن يمثلون الجانب الفلسطيني إصدار إدانات فورية، حيث “يتم امتحان إنسانيتهم في بداية المقابلة، وعليهم تقديم أوراق اعتمادهم الأخلاقية”.
أضافت: “بالمقابل لا نرى مطالبة للمسؤولين الإسرائيليين بالإدانة، وعندما يتم ذلك، يتقبل الناس بسهولة الادعاء بـ’حقنا في الدفاع عن أنفسنا’، لم أرَ مسؤولاً غربياً قط يقول هذه الجملة: “للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم”.
كما تحدثت الملكة عن قمع مظاهر التضامن الفلسطيني في الديمقراطيات الغربية، مشيرة إلى أنه “عندما يحتشد الناس لدعم إسرائيل فإنهم يمارسون حقهم في التجمع. لكن عندما يجتمعون من أجل فلسطين يعتبرون متعاطفين مع الإرهابيين أو معادين للسامية”.