حرية – (25/11/2023)
على رغم اهتمام المنظمات الدولية بمنح المشاهير مناصب إنسانية في زمن السلم، بينها “سفير النوايا الحسنة”، فإن المفاجأة تكون صادمة عندما يكتشف النجم أن هذا المنصب وغيره لا جدوى منها في زمن الحروب والأزمات، على رغم أنها الفترة الحرجة المنوط بها تفعيل مهام منصب كهذا، ووقت الكوارث لا يسمع أدنى استجابة لصدى صوته فيضطر إلى الانسحاب اعتراضاً على كونه مجرد صورة وواجهة لا فائدة منها على أرض الواقع.
عجز واعتراض
منذ بداية الأحداث الدموية لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) في الأراضي الفلسطينية لم تنجح مجهودات قادة العالم ومجلس الأمن في قرار وقف إطلاق النار، ولم تتوقف إسرائيل عن المضي قدماً في خطتها وأهدافها، وأمام ذلك العجز، واعتراضاً على حالة اللامبالاة التي يتلقاها النجوم تحديداً عند استخدام تلك المناصب لحل أي أزمة أعلن بعضهم الاستقالة.
الممثلة التونسية هند صبري أثارت الموضوع مجدداً بإعلان استقالتها عبر صفحتها الرسمية على منصة “إكس” من منصبها الشرفي في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة كسفيرة للنوايا الحسنة، بعد أن قضت 13 سنة فيه بسبب استخدام “التجويع والحصار كأسلحة حرب” في قطاع غزة حسب قولها.
ضغط فاشل
قالت هند، في بيان، “استقلت بعد أن فشلت كل المحاولات في الدعوة والضغط من أجل وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة، والاستفادة من نفوذ البرنامج لمنع استخدام التجويع كسلاح حرب، ومع ذلك تم ذلك وأكثر في حرب وصل مداها إلى سبعة أسابيع ضد أكثر من مليوني مدني في غزة”.
وفي تصريحات لـ”اندبندنت عربية” أضافت، “أشعر بألم كبير مثل ملايين الناس عبر العالم، فما يحدث لا يمكن أن يتحمله أي عقل أو ضمير، وقد حاوت كثيراً كسفيرة للنوايا الحسنة التواصل بأي صورة للتمكن من إيجاد أي سبيل لإيصال المساعدات الإنسانية، ولكن كل محاولاتنا باءت بالفشل، وأمام هذا العجز في استخدام منصب مفترض أنه مهم، فلا جدوى من الاستمرار فيه طالما تأكدت أنه لا يحقق هدفه الأساس”.
واختتمت “ربما من شدة العجز لم نملك إلا الاعتراض الفعلي باستقالة لعلها تشعر بأصواتنا ولو قليلاً، ولكن بالقطع هذا لا ينفي شعورنا بأننا عجزة وضعفاء أمام ما يحدث”.
غير مفعلة
وأوضح الناقد أحمد النجار أن مناصب النجوم الإنسانية في العالم لا بد أن تكون مفعلة طالما منحتها جهات رسمية، ولكن في الوطن العربي الذي دائماً يقع في مشكلات وحروب فاصلة يجد الفنان دوره ليس إلا واجهة اجتماعية ربما يكون لها فائدة في أيام عادية يعمها السلام أو المشكلات البسيطة، ولكن عند الأزمات الحقيقية ينتزع التفعيل الحقيقي لدور سفير النوايا الحسنة المنوط بالنجم، ويكتشف أن الوضع مجرد بريق زائف، فيتخذ معظم النجوم قرار الاستقالة كنوع من الموقف الوطني.
وأضاف، من المعروف أن دور سفراء النوايا الحسنة خصوصاً بالنسبة إلى مجال الغذاء أو الأغذية العالمي، هو نشر الوعي بقضايا الجوع والتغذية وهذا الحق انتزع بالكامل في أزمة غزة واستخدم سلاح التجويع.
وتابع في سياق دورهم يأتي أيضاً تعزيز مشروعات وجهود مكافحة الجوع وتحسين التغذية في البلدان النامية، ومساعدة المناطق التي تأثرت بالفقر والجوع والتحدث إلى المتضررين لفهم تحدياتهم، وأخيراً جمع التبرعات وإدخال المعونات بشكل إلزامي لمن يحتاجونها.
استقالة بوشناق
سبق هند الشهر الماضي في الاستقالة من منصب سفير النوايا الحسنة الفنان التونسي لطفي بوشناق، احتجاجاً على صمت المنظمة الدولية تجاه التطورات المؤلمة في فلسطين، وكذلك بسبب مساعدة ودعم الدول العظمى للحرب ضد المدنيين وانتهاك حقوق الإنسان.
وأعلن بوشناق قراره في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على “فيسبوك”، حيث أعرب عن خيبته من الأمم المتحدة التي لم تتخذ إجراءات فعالة لوقف هذه الأحداث المأسوية.
وانضم لبوشناق عدد من المشاهير خلال الشهر الماضي منهم صانع المحتوى لؤي الشارني الذي أعلن أيضاً تخليه عن لقب سفير النوايا الحسنة للاتحاد الأوروبي في تونس.
فشل ذريع
استقالة النجوم من تلك المناصب تتجدد مع كل أزمة حقيقية ويأتي الانسحاب دائماً في وقت تواجه فيه الأمم المتحدة انتقادات واسعة بسبب فشلها في وقف الحروب والصراعات وانتهاكات حقوق الإنسان.
واحتجاجاً على التدخل العسكري الروسي في سوريا سبق للفنان السوري دريد لحام أن انسحب من منصب سفير النوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2011.
وكانت الفنانة اللبنانية إليسا من أوائل النجمات اللواتي تقدمن باستقالاتهن من منصب سفير النوايا الحسنة، إذ أعلنت عندما حصلت على المنصب رغبتها في زيارة بنغازي والسير على خطى أنجلينا جولي في المجال الإنساني، ولكنها فشلت بسبب تخاذل المسؤولين في الأمم المتحدة في تحقيق أي مخطط حقيقي في هذا الصدد.
ورفضت المنظمة دعم وتمويل وتأمين خططها لرعاية اللاجئين، وعلقت إليسا على استقالتها بالقول، “لا يمكن أن تقارنوني بالسفيرة أنجلينا جولي لأن التسهيلات والدعم التي تحظى بهما كانا وراء اندفاعها”.
وفي 2006، سبق إليسا الفنان السوري جمال سليمان في إعلان استقالته من متابعة عمله التطوعي كسفير نوايا حسنة لصندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا احتجاجاً على موقف الأمم المتحدة من مجريات الأحداث في لبنان، ووصف المنظمة بأنها فشلت أخلاقياً وعملياً إزاء القضايا العربية، وأعطت إسرائيل الوقت لتنفيذ جرائمها في بيروت.
وكذلك منح الفنان حسين فهمي المنصب وحاول العمل على قضايا إدمان المخدرات ومرض الإيدز في المنطقة العربية وطرق محاربتهما، ولكنه قدم استقالته اعتراضاً على الحرب الإسرائيلية ضد لبنان.
وفي عام 2006، أعلنت الفنانة الكويتية سعاد عبدالله استقالتها من منصبها كسفيرة للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة للسبب نفسه وهو الحرب الإسرائيلية على لبنان.
سفراء بارزون
ومن أبرز النجوم الذين حصلوا على منصب سفراء للنوايا الحسنة الفنان عادل إمام الذي وجه مجهوداته كسفير لمفوضية شؤون اللاجئين والقضية الفلسطينية، وأكد أنه يفضل فكرة العمل دون إعلان عن ذلك لأنه يرى أنها أعمال خيرية.
وكذلك حصلت يسرا على المنصب وساعدت في تقديم الدعم لبعض الجهات العلمية والفكرية حول مكافحة الأمراض، وتبرعت بجزء من أجور أعمالها لصالح مساعدات إنسانية أسهمت أيضاً في قضايا المرأة وقضايا الأمراض المزمنة وأمراض الأطفال.
وحصل الراحل محمود ياسين على هذا اللقب وسافر إلى سوريا في عام 2008، كما زار مشروعات البرنامج في اليمن ودارفور ومصر.
وتولى محمود قابيل منصب سفير الأمم المتحدة وركز على رسالة “اليونيسف” التي تهدف إلى ضمان حق كل طفل في الصحة والتعليم والمساواة والحماية.
كما تم تنصيب الفنان محمد صبحي سفيراً للنوايا الحسنة لصندوق مكافحة الإدمان، وعقد عديداً من المؤتمرات لمكافحة الإدمان والتدخين.
ومن نجوم سفراء النوايا الحسنة البارزين صفية العمري وكارول سماحة وماجدة الرومي ودنيا سمير غانم وراغب علامة وحسين الجسمي.
وهناك عدد كبير من النجوم حصلوا على لقب سفير النوايا الحسنة وسفير فوق العادة منهم نانسي عجرم، وعاصي الحلاني، وخالد أبو النجا، وعبد الله الرويشد.