حرية – (27/11/2023)
حدد معهد أمريكي، عناصر “ضغط ميداني” تمارسه فصائل مسلحة مدعومة من إيران، ضد الولايات المتحدة واسرائيل، عبر الساحتين السورية والعراقية لإجبار واشنطن على مراجعة جدوى وجودها في كلا البلدين، فيما أكد أن هذا الوضع سيستمر حتى “إدراك” الولايات المتحدة أن “ردة الفعل” لم يعد صالحاً وستحتاج لاستعادة زمام المبادرة بخطوات “جريئة واستباقية”.
وذكّر معهد “منتدى الشرق الاوسط” بتقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان، المرتبط بالمعارضة السورية، والذي تحدث مؤخراً عن “نشر 700 مقاتل موال لإيران في المناطق المجاورة لمرتفعات الجولان السورية وريف دمشق الغربي واجزاء من ريف درعا الغربي، وهم من جنسيات سورية وعراقية وفلسطينية وجنسيات اخرى”.
واعتبر التقرير الأمريكي أن “تمركز المقاتلين الموالين لإيران في هذه المناطق، يمثل أحدث مؤشر على أن سوريا أصبحت جبهة نشطة في الحرب الدائرة حاليا في الشرق الأوسط، ما يعني أن الصورة القائمة في وسائل الإعلام الغربية والاسرائيلية حول ان الصراع الحالي هو بين اسرائيل وحركة حماس، يجب أن يتم النظر اليه الان على قاعدة ان هناك أحداث جانبية تتداخل عبر اماكن اخرى، وهي أحداث في حال اخذت مجتمعة، فإنها لا تكون بسيطة، وربما تحتم ان يتم تعديل وجهة النظر القائمة حول هذا للصراع”.
واشار التقرير الى ان “العناصر المختلفة لهذا التحالف الاقليمي الموالي لايران لم تعمد حتى الآن الى شن هجوم شامل متعدد الجبهات على اسرائيل والولايات المتحدة، الا أن الوضع القائم فعليا هو ان عناصر عديدة من هذا التحالف منخرطة بشكل شبه يومي الان في المواجهة مع هذين البلدين، وذلك في كافة انحاء المنطقة، من اليمن، وسوريا، الى العراق، ولبنان، والضفة الغربية، وكذلك من غزة”.
وبحسب معلومات مرصد المعارضة السورية، فإن المقاتلين الـ700 هم من “قوات النخبة وتلقوا تدريبات من الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني، وخصوصا في معسكر الديماس بالقرب من دمشق، وفي مواقع اخرى في منطقة مدينة الميادين القريبة من الحدود السورية-العراقية”، مشيراً إلى ان “بعض المجموعات تلقت تدريبات على شن هجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ، بينما تلقت مجموعات اخرى تدريبات امنية وتقنية على جمع المعلومات”.
ولفت التقرير إلى أن “المثير للاهتمام هو ان انتشار هذه القوات جرى دون اي تنسيق مع القيادة العسكرية للنظام السوري، وانه استناداً الى العديد من التقارير فقد أصدر نظام الرئيس بشار الأسد أوامر لقواته بعدم إطلاق النار على الجولان، وهو ما ادى الى اثارة مشاعر الإحباط والانزعاج بين ضباط النظام الميدانيين، ولكنهم خضعوا للأوامر”.
وبرغم ذلك، أشار التقرير إلى أن “تمركز هذه الميليشيات قرب الحدود، لم يؤد حتى الآن سوى الى هجمات متفرقة على إسرائيل، وأبرزها الطائرة المسيرة التي ضربت مدرسة تسيليم في إيلات في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، والتي أطلقها لواء الامام الحسين المرتبط بحزب الله من سوريا”.
وتابع التقرير أن “الدور الرئيسي الذي تشارك فيه الميليشيات التي تقودها إيران في الوقت الحالي هو التضييق المستمر ضد القوات الامريكية المتمركزة في سوريا”، مضيفاً أن “هذه الحملة موجهة من داخل المنطقة الخاضعة للسيطرة الايرانية الحصرية في سوريا، وأنها تتم من دون مشاركة نظام الاسد، وربما من دون التشاور المسبق معه، وهي استهدفت حتى الآن حقل غاز كونوكو وحقل العمر النفطي في محافظة دير الزور، ومواقع في الشدادي وتل بيدر وخراب الجير في محافظة الحسكة، بالاضافة الى قاعدة التنف على الحدود السورية الاردنية”.
ونقل الموقع انه “جرت اقامة مركز عمليات مشترك في البوكمال بالقرب من الحدود السورية-العراقية، لتنسيق المواجهة ضد الولايات المتحدة”، مضيفاً أن “البو كمال تقع في عمق منطقة السيطرة الايرانية، والممتدة من الحدود العراقية- السورية الى الحدود مع اسرائيل”.
وأوضح الموقع أن “المركز يضم ممثلين لفصائل عديدة مرتبطة بإيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني وفصائل عراقية عديدة مرتبطة بالحشد الشعبي، الى جانب ميليشيات (زينبيون)، و(فاطميون)، اللذين يضمان مقاتلين مجندين من باكستان وافغان، في حين انه على الجانب العراقي، هناك تنظيم كتائب حزب الله الذي يعتبر الأكثر أهمية وفعالية بين الفصائل المتحالفة مع ايران”.
وبحسب التقرير فإن “أهداف مركز البوكمال هو ادارة هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة على المواقع الامريكية شرق الفرات، وشن عمليات مشابهة ضد قاعدة التنف، بالاضافة الى القيام بمهمات المراقبة السرية والانشطة الاخرى التي تتم على الارض شرق الفرات، أي في منطقة سيطرة الكورد في قوات سوريا الديمقراطية، الحليف للولايات المتحدة”.
واضاف التقرير ان “مهمة المراقبة وغيرها في شرق الفرات تعتمد على وجود ميليشيات موالية لايران في اثنتين من مدن المنطقة، وهما الحسكة والقامشلي، وهي مهمات تقوم بها عناصر من الحشد الشعبي العراقي والمسلحين تحت إشراف حزب الله اللبناني، بقيادة شخص يطلق عليه (الحاج مهدي)، وهو قائد حزب الله في منطقة القامشلي”.
وتابع التقرير أن “هذه القوات تُستخدم من أجل مضايقة القوات الامريكية في سوريا، بشكل منخفض وإنما مستمر، الى جانب وجود جهدٍ موازٍ يجري في العراق، عوضا عن إطلاق تمرد شامل”، مضيفا ان “الهدف من هذه النشاطات هو أن يفرض على الولايات المتحدة إعادة النظر في جدوى وقيمة الحفاظ على وجودها في كل من العراق وسوريا”، مشيرا الى ان “الانسحاب العسكري الامريكي من سوريا، سيعيد ما نسبته 30% من الاراضي السورية الى سيطرة نظام الأسد رسميا، والقوات المدعومة من ايران بشكل فعلي”.
وختم التقرير الأمريكي بالقول إن “الوضع في سوريا، مثلما هو الحال في العراق واليمن والممرات المائية المحيطة بها، وفي غزة ايضاً، يشير الى الميزة التي يتمتع بها الطرف المهاجم، بأنه من خلال استراتيجية حرب طويلة ومدروسة بعناية، فإن الهدف هو انهاء العدو أو طرده بالكامل، في حين ان هذا العدو يرغب ببساطة في الاحتفاظ بالوضع الراهن وعدم التعرض له، وهو ما يعني المبادرة ستبقى في أيدي الطرف المهاجم”.
وخلص التقرير الى القول ان “هذا الوضع سيستمر على الاقل الى ان يستنتج الطرف المتعرض للهجوم (اي الولايات المتحدة)، أن ردة الفعل والدفاع لم يعودا صالحين بشكل كاف في مواجهة خطورة التهديد القائم. عند تلك النقطة ولهذا فإن الطرف المتعرض للهجوم، سيحتاج إلى استعادة زمام المبادرة من خلال خطوات جريئة واستباقية من جانبه”.