حرية – (30/11/2023)
من ضيق وكدر الملاجئ إلى سعة وصفاء البحر، خرج أطفال فلسطينيون يمرحون على شاطئ غزة وينتزعون لحظات استراحة عزيزة في زمن الهدنة القصيرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لكن وسط المرح العابر انتحب الآباء في قهر من مصاعب الحرب والتشرد.
وفي المياه الضحلة، قفز الأطفال مع الأمواج المتكسرة على الشاطئ، وراقبهم الكبار حفاة الأقدام على رمل البر. وجلست أسماء السلطان، وهي امرأة نازحة من شمال غزة، على الرمال تطوق بذارعيها والدتها التي انهمرت الدموع من عينيها في صمت.
ويلجأ أكثر من 30 فرداً من عائلة السلطان إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة في مدينة دير البلح مع مئات النازحين الآخرين.
وقالت أسماء إنهم جاءوا إلى الشاطئ ليُموّهوا ولو قليلا عن أنفسهم وهرباً من تكدّس المدرسة والأجواء الكئيبة والملوثة هناك.
لكنها أضافت أنهم حتى بعد أن جاءوا إلى الشاطئ مازالوا يحملون في صدورهم الاكتئاب الشديد ويغلبهم البكاء.
وأخرج الهجوم العسكري الإسرائيلي مئات الآلاف من الأشخاص من ديارهم في شمال غزة الذي تركزه عليه القصف والتوغل البري. وانطلق سكان الشمال يبحثون عن ملجأ في الخيام أو المدارس أو منازل الأصدقاء والأقارب في الجزء الجنوبي من القطاع.
وواجهوا أوضاعا قاسية في الخيام والمدارس التي اكتظت باللاجئين في ظل ندرة المراحيض والحمامات، ووقوفهم في طوابير طويلة يوميا للحصول على حصص صغيرة من الطعام والمياه ليتفاقم التأثير النفسي للقصف والنزوح.
وعلى شاطئ دير البلح، ظهر صف من أكواخ الصيادين في الخلف، باتجاه أسفل منحدر تتناثر فيه القمامة. وأقام بعض النازحين في أكواخ متداعية، وكانت هناك ملابس معلقة على حبال لتجف في الخارج.
وكان وليد السلطان، أحد أقارب أسماء، يحاول إعداد شبكة للصيد بالقرب من الأكواخ قبل الخروج في قارب صغير للصيد، على أمل أن تسمح له الهدنة بالصيد في سلام.
وقال إنه لم يحمل معه شيئاً حين أخرجه القصف الإسرائيلي من منزله وظن أن بوسعه العيش على صيد الأسماك، لكن الحراس الإسرائيليين منعوه من ذلك وأطلقوا النار عليه.
وبدأت الحرب بعد هجوم نفذته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وأسفر عن مقتل 1200 شخص، من بينهم رضع وأطفال، واقتياد 240 رهينة إلى غزة.
وردّت إسرائيل بهجوم شامل على غزة أدى إلى مقتل 14800 فلسطيني، 40 بالمئة منهم دون 18 عاماً، وفقاً لمسؤولي الصحة في الأراضي التي تسيطر عليها حماس.
وانتهز بعض النازحين فرصة هدنة الأيام الأربعة التي بدأت يوم الجمعة لزيارة طلل منازلهم، لكن آخرين أقعدهم الخوف عن العودة إلى الشمال الذي تحوّل جزء كبير منه إلى خرائب.
وأعرب حازم السلطان زوج أسماء عن خوفه مما يخبئه المستقبل لهم بعد انتهاء هذه الأيام الأربعة. وقال إنه وذويه لم يجرؤوا على التوجه شمالا مخافة أن يطلق الجنود الإسرائيليون النار عليهم وعلى أطفالهم.