حرية – (23/12/2023)
تستعد “نتفليكس” هذا الشهر لطرح فيلم مع أحد كبار نجوم التمثيل والذي خضع لأكثر عمليات التجميل فظاعة التي رأيتها على رجل. مرت عقود على وجود هذا الشخص في الوسط ولكن وجهه الآن يبدو كأنه حديث الولادة. تبدو وجنتاه ممتلئتين وفكه مربعاً بشكلٍ غريب وبشرته لامعة بشكلٍ مدهش ومريب. وبسبب الطريقة التي تكيفنا من خلالها على التحدث أو عدمه عن “التعديلات” التي يخضع لها المشاهير، لا يمكنني ذكر اسم ذلك الرجل أو الفيلم الذي يظهر فيه. ولكن عندما تجتمعون مع عائلاتكم حول شاشة التلفزيون خلال عطلة عيد الميلاد وتشاهدون أبرز النجوم الطامحين لنيل جوائز الأوسكار في أفلامٍ تطرحها منصة البث الشهيرة، لا شك أن البعض منكم على الأقل سيطرحون السؤال نفسه: “ألم يخضع لشيء ما؟”.
تشبه مشاهدة فيلم حديث أو برنامج تلفزيوني جديد مشاهدة مجموعة كبيرة من ملامح الوجه المتشابهة التي خضعت للسحب والتعديل والحقن. الأمر يشتت الانتباه وهو غير لائق بشكلٍ كبير ويتعارض مع ما نعرفه مسبقاً عن الشخصيات (ألن يتطرق أحد إلى بطل مارفل الخارق الذي يبدو أنه خضع لزراعة فكين ضخمين بين الجزء والآخر؟) وفي بعض الأحيان يبدو الأمر غير دقيق من الناحية التاريخية (هل كان لديهم حقن “بوتوكس” و”فيلر” في عصر أوبنهايمر؟ من يدري؟)
ولكنه ليس موضوعاً يُتداول خارج منتديات الثرثرة والإشاعات وخارج حدود مكتبك في العمل. يبدو أن هنالك قاعدة لالتزام الصمت موجودة في الحديث النقدي الحديث حيث أدرجت الجراحة التجميلية الاختيارية بشكلٍ غير عادل مع النقاشات المتعلقة بالمظهر والوزن وهما موضوعان نادراً ما يتصلان بأي نوعٍ من النقد المشروع ويصبحان في غالبية الأحيان قاسيين من دون جدوى. ولكن، عندما تقوم كمية كثيفة من “البوتوكس” بإعاقة قدرة الممثل على التفاعل وتشتت انتباه المشاهد عن الفيلم بالكامل، أليس من الصحيح توصيف ذلك بالشكل المناسب ووضع النقاط على الحروف؟
حصل اختبار حقيقي لهذا النوع من الأحاديث عام 2007 عندما شاهدت ناقدة الأفلام الشهيرة ستيفاني زاكاريك الكوميديا السوداء من إخراج نواه بومباش بعنوان “مارغو في حفل الزفاف” Margot at the Wedding وخرجت بفكرةٍ رئيسة: “ما الذي فعلته نيكول كيدمان بوجهها؟”. وفي مقال نقدها للفيلم الذي نُشر في مجلة “صالون” Salon Magazine أقرت زاكاريك بإصرار كيدمان في ذلك الوقت بأنها “طبيعية بالكامل” قبل أن تكتب “من الخداع الادعاء بعدم ملاحظة أي تغيير. إن بشرة كيدمان من دون شك جميلة ولكنها تحولت إلى أحد قيودها العظيمة وهو حاجز لم يعد بوسعها اجتيازه”. ثم خصصت عدة عبارات للتحدث عن مشهدٍ في الفيلم بذلت فيه كيدمان “جهداً كبيراً” لجعل بعض التجاعيد تظهر على جبينها”.
واليوم أيضاً، متى تفكرون بدقة نقد زاكاريك أو صحته، من الصعب عدم الدخول في جدال حول جرأة الكتابة عن هذه الأفكار. لسببٍ ما، يبدو الأمر أكثر قساوة عندما يجري التطرق إليه ببلاغة مقابل وضعه في عنوانٍ رئيس مثير للفضول في القسم المخصص للفضائح في إحدى الصحف أو صياغته من قبل أحد مستخدمي “إكس” (تويتر) العشوائيين الذي يطلق على نفسه اسم “بونر ديود92” BonerDude92.
أثار مقال زاكاريك نقاشاً حاداً ومحموماً في وقت نشره وما زال حتى يومنا هذا مرتبطاً – كما حصل في إعادة تقييم لمسيرة كيدمان نُشرت في موقع “بازفيد” عام 2017 – بسلسلة من الانتقادات الوحشية على الإنترنت خلال العقد الأول من القرن الحادي عشر والتي يبدو أننا تخلصنا منها الآن. لن تروا ما يشبه ذلك في المراجعات النقدية العصرية لأحدث الإصدارات. ولكن أرادت زاكاريك إيصال فكرة ما، إن لم يكن مع كيدمان، التي تُعتبر ممتازة في ما تفعله وقادرة على التمثيل من تحت كتلة جامدة من الشمع والبقاء معها بكل صدق رائعة – أقله مع التوقع السائد أنه يجب علينا أن نعتاد على ممثلين يؤدون أدوارهم وهم “محنطين” بشكلٍ أو بآخر.
لا شك أن هنالك أسباباً مفهومة لقيام نجوم الأفلام بالخضوع للعلاجات التجميلية. فهوليوود مكان قاسٍ وهي عبارة عن نظامٍ مبني على الخوف من التقدم في السن والتحيز الجنسي وجنون العظمة المتفشي حيث يكون من هو أصغر وأجمل ينتظر دائماً الفرصة المناسبة ليحل مكانكم. ولكن، لا بد من وجود حل وسطي حيث يكون بوسع الممثلين حقن أنفسهم موقتاً بما يريدون لإطلالات السجادة الحمراء وجلسات التصوير، ولكن السماح بعد ذلك للتأثيرات بأن تهدأ أو تتحلل قبل أن يحين موعد تصوير الفيلم التالي. فما من شيء أكثر إفساداً لمصداقية فيلم ما – وغالباً لموهبة الممثل – من وجود نجم يحارب عبر طبقاتٍ من الحقن لإظهار تعابيره التي اختفت. وعلى الأقل، كونوا منفتحين على الإقرار بالخطأ في حال حدوثه.
على سبيل المثال، تفاجأت بشكلٍ إيجابي عندما أقرت نجمة مسلسل “الجنس والمدينة” Sex and the City كريستين دافيس في مطلع الأسبوع الجاري بأنها خضعت لبعض الجراحات مما قلل من إشكالية تحدثنا كلنا عن الموضوع. أمضيت الكثير من الوقت خلال مشاهدة الموسم الأول من تتمة (سيكويل) السلسلة تحت عنوان “وهكذا ببساطة” And Just Like That مشتتاً بوجه دافيس الذي بدا مختلفاً واصطناعياً بطريقةٍ لم أستطع فقهها. تُعتبر دافيس ممثلة لامعة وشعرت بالحزن لرؤية التغيرات على وجهها والتي أثرت أيضاً بمرونتها الهزلية وراحتها الواضحة على الشاشة. وفي حديثٍ مع صحيفة “ذا تلغراف” The telegraph، أقرت دافيس أنه توجب عليها تذويب “الفيلر” بعد أن تلقت حقناً بطريقة سيئة وقالت: “لقد تعرضت لسخرية كبيرة وذرفت الدموع بسبب ذلك. إنه أمر مرهق للغاية”. واعتبرت أن أحداً لم يخبرها بأن حقن شفتيها “لا يبدو جيداً… لحسن الحظ لدي أصدقاء حقيقيون أخبروني بذلك في نهاية المطاف”.
عندما قرأت مقابلة دافيس وبدأت بمشاهدة الموسم الثاني من “وهكذا ببساطة”، توقفت عن ملاحظة التعديلات التي خضعت لها لأنني حصلت على تفسير لما حصل وعلمت بأن ذلك لم يكن متعمداً وبأن دافيس أدركت أنه حصل بطريقة خاطئة وأشعرها بالسوء حيال ذلك، ولهذا لم يعد يزعجني. لم تعد تبدو كمشكلة يجري تجاهلها ولا يود أحد التطرق إليها. وجعلني ذلك أدرك أيضاً أن المشكلة في الجراحات التجميلية للمشاهير تكمن في عدم الوضوح أي الشعور باختلاف شيء ما في وجه شخص كنتم تشاهدونه على مر سنوات، ولكن من دون القدرة على تحديده.
ليست الجراحة التجميلية أو الأنواع الأخرى من التدخلات التجميلية أموراً تدعو إلى الخجل والإقرار بأن وجهك لم يُنحت من قبل الآلهة بل على يد دكتور شد العينين لا يزيل سحر هوليوود. ولكن السياق مهم! إن كنتم تمثلون في فيلمٍ مترف مرشح لجوائز الأوسكار وتدور أحداثه قبل عقود، تجنبوا أن تظهروا كما لو أنكم تستخدمون فيلتر مباشر من تطبيق “إنستغرام”. أو على الأقل اعترفوا بذلك لكي نتمكن جميعاً من تجنب تلك النقاشات المطولة حول ما هي الأجزاء الطبيعية من وجه الممثل وأي منها خضعت للحقن بالمواد السامة.