حرية – (4/1/2024)
في الأيّام القليلة الماضية، طرأت تطوّرات تلمّح إلى بداية تحوّل في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لعلّ سحب واشنطن مجموعة “يو أس أس جيرالد فورد” الهجوميّة من البحر المتوسّط من أبرزها. التصريحات الصادرة من الولايات المتّحدة تشير إلى أنّ القرار روتينيّ. التحليلات الإسرائيليّة غير مقتنعة تماماً.
قال الأسطول السادس في البحريّة إنّ حاملة الطائرات ستعود إلى فرجينيا حيث “تواصل وزارة الدفاع باستمرار تقييم وضع القوّة على مستوى العالم، وستحتفظ بقدرات واسعة في كلّ من البحر الأبيض المتوسّط وعبر الشرق الأوسط”. تمّ إرسال المجموعة الهجوميّة إلى المنطقة في 10 تشرين الأوّل (أكتوبر) بعد ثلاثة أيّام من “طوفان الأقصى”. كان الهدف ردع إيران من توسيع الحرب وتوجيه رسالة دعم لإسرائيل.
حقّقت الخطوة هدفيها. المشكلة أنّ دعم إسرائيل نادراً ما قوبل بـ”ردّ جميل” من تل أبيب. استمرّ القصف “العشوائيّ”، وهو تعبير استخدمه الرئيس جو بايدن نفسه، كما استمرّت المماطلة في تقرير مستقبل غزّة بعد الحرب.
“ليس نبأً ساراً”
كان الرفض الإسرائيليّ للنصائح الأميركيّة واضحاً من البداية. قبل اجتياح غزّة، أبلغ قادة عسكريّون أميركيّون نظراءهم الإسرائيليّين رغبتهم برؤية ردّ مدروس ومحدّد على “حماس”. بناءً على خبرتهم في العراق، اقترح القادة الأميركيّون “نهجاً جراحياً” يجمع بين الغارات الجوّية الدقيقة وسلسلة من اقتحامات قوّات “الكوماندوز”. رفض الإسرائيليّون المقترح ومضوا في خطّتهم بالرغم من التحذيرات التي أطلقتها واشنطن وفي طليعتها تحذير وزير الدفاع لويد أوستين عن أنّ حماية المدنيّين تمثّل “ضرورة استراتيجيّة” لإسرائيل لا ضرورة أخلاقيّة وحسب.
يمكن قراءة خطوة سحب “جيرالد فورد” من الشرق الأوسط في هذا السياق. صحيحٌ أنّ بقاء حاملة الطائرات خضع للتمديد ثلاث مرّات وأنّ قرار إعادتها إلى الولايات المتّحدة مرتبط باعتبارات لوجستيّة أخرى، لكنّ إلغاء فرضيّة الرسالة التحذيريّة الأميركيّة من ورائه ليس سهلاً. كانت الخلافات بين واشنطن وتل أبيب واضحة منذ فترة وتناولها الإعلام مراراً. لكن ربّما وجدت الإدارة أنّه آن الأوان لاتّخاذ خطوة ملموسة للتعبير عن الامتعاض الأميركيّ.