حرية – (7/1/2024)
انطلقت، اليوم الأحد، في بنغلاديش انتخابات تشريعية يرجح أن تفوز بها رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد بولاية خامسة، بينما تقاطعها أحزاب المعارضة التي طاولتها موجة واسعة من الاعتقالات.
وأدلت رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة بصوتها، اليوم الأحد، بعد وقت قصير من فتح مراكز الاقتراع في الانتخابات العامة التي يقاطعها حزب المعارضة الرئيس، ومن المتوقع أن تمنح التحالف الذي يقوده حزب “رابطة عوامي” الحاكم ولاية رابعة على التوالي في السلطة.
وقتل أربعة في الأقل، في وقت متأخر أول من أمس الجمعة، في حريق اندلع في قطار ركاب قالت الحكومة إنه متعمد، بعد إضرام النيران في عدة مراكز اقتراع ومدارس ودير بوذي في الأيام السابقة مباشرة ليوم الانتخابات، ومع ذلك لم ترد تقارير عن وقوع أعمال عنف في يوم التصويت، إذ يعمل ما يقارب 800 ألف فرد من قوات الأمن على حراسة مراكز الاقتراع، بمساعدة الجيش في أنحاء البلاد.
تصريحات حسينة
وأدلت حسينة بصوتها برفقة ابنتها وأفراد آخرين من أسرتها بالعاصمة دكا بعد دقائق من بدء الاقتراع في الساعة الثامنة صباحاً (02:00 بتوقيت غرينتش)، وتستمر عملية الاقتراع لمدة ثماني ساعات يليها فرز الأصوات، ومن المتوقع ظهور النتائج الأولية، في وقت مبكر من غد الإثنين.
وقالت حسينة بعد التصويت “بنغلاديش دولة ذات سيادة والشعب هو قوتي”، مضيفة أنها تأمل في أن يفوز حزبها بتفويض الشعب، ووصفت رئيسة الوزراء حزب المعارضة الرئيس بأنه “منظمة إرهابية”، وقالت الشيخة حسينة للصحافة بعد الإدلاء بصوتها “الحزب القومي البنغلاديشي منظمة إرهابية” مضيفة “أبذل قصارى جهدي لضمان استمرار الديمقراطية في هذا البلد، الانتخابات ستكون حرة ونزيهة”.
ويحق لنحو 120 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم في اقتراع مباشر لاختيار من يشغلون 300 مقعد برلماني من بين ما يقارب ألفي مرشح، ويبلغ عدد المرشحين المستقلين 436، وهو أكبر عدد منذ عام 2001.
وقال شهود، إن إقبال الناخبين كان منخفضاً خلال الساعات الأولى وسط برد وضباب في صباح شتوي، لكنه زاد بعد ذلك واصطف الناخبون في طوابير أمام مراكز الاقتراع.
ويقول حزب “بنغلاديش القومي”، إن حزب “رابطة عوامي” يدعم في هذه الانتخابات مرشحين مستقلين صوريين لمحاولة جعل الانتخابات تبدو ذات صدقية، وهو ما ينفيه الحزب الحاكم.
وطلب حزب “بنغلاديش القومي” الذي قاطع أيضاً انتخابات عام 2014 لكنه شارك في 2018، من الناخبين مقاطعة التصويت ودعا إلى إضراب لمدة يومين على مستوى البلاد اعتباراً من أمس السبت.
شهدت بنغلاديش، الدولة الثامنة في العالم لناحية عدد السكان وكانت تعاني فقراً مدقعاً، نمواً اقتصادياً قوياً تحت قيادة حزب “رابطة عوامي” الذي تتزعمه حسينة، لكن الحكومة واجهت اتهامات بانتهاكها مرات عدة حقوق الإنسان وقمعها المعارضة بأساليب عنيفة.
رابطة عوامي
ولا يواجه حزب “رابطة عوامي” أي معارضين تقريباً في الدوائر الانتخابية التي يتنافس فيها، لكنه أحجم عن تسمية مرشحين في عدد منها، لكي لا يعتبر البرلمان أداة يتحكم بها حزب واحد.
ويقول بعض الناخبين، إنهم تلقوا تهديدات بمصادرة بطاقات الإعانات الحكومية الخاصة بهم، التي تعد ضرورية للحصول على إعانات اجتماعية، في حال رفضوا التصويت لحزب “رابطة عوامي”.
وقال لال ميا (64 سنة) الذي يدلي بصوته في منطقة فريدبور في وسط البلاد “قالوا لي إنهم سيصادرون بطاقتي في حال لم أصوت، وقالوا إن علينا التصويت لصالح الحكومة لأننا نعتاش بفضلها”.
ونظم حزب المعارضة الرئيس في البلاد، إلى جانب أحزاب أخرى احتجاجات خلال العام الماضي مطالبين باستقالة رئيسة الوزراء وتشكيل حكومة موقتة محايدة للإشراف على الانتخابات، إلا أن مطالبهم لم تتحقق.
واعتقلت السلطات نحو 25 ألفاً من المعارضين ضمن موجة قمع أعقبت هذه الاحتجاجات، بحسب حزب المعارضة الرئيس، وأفادت الحكومة من جانبها باعتقال 11 ألف شخص.
وأول من أمس الجمعة، تجمع بضع مئات من أنصار المعارضة في وسط دكا، بينما كانت تحركات العام الماضي شهدت مشاركة مئات الآلاف.
وأمس السبت، أعلنت الشرطة توقيف سبعة معارضين بتهمة التخريب بعد حريق شب في قطار وقضى فيه أربعة أشخاص، وشهدت خطوط السكك الحديد حرائق عدة منذ العام الماضي تصفها الشرطة بأنها “أعمال تخريب مميتة”، متهمة حزب بنغلاديش القومي بالوقوف وراءها.
وتسيطر على المشهد السياسي في البلد الذي يضم 170 مليون نسمة، جهتان الأولى تقودها رئيسة الوزراء ابنة مؤسس البلاد الشيخة حسينة، والثانية بقيادة خالدة ضياء التي تولت رئاسة الحكومة مرتين وهي زوجة مسؤول عسكري سابق.
وتحكم حسينة (76 سنة) البلاد بقضبة من حديد منذ عودتها إلى السلطة في عام 2009، وعززت سيطرتها بعد جولتين انتخابيتين شابتهما مخالفات واتهامات بالتزوير.
ودينت خالدة ضياء (78 سنة) بتهم فساد عام 2018، وأدخلت إلى أحد مستشفيات العاصمة دكا بعد تدهور صحتها.
ويقود نجلها طارق رحمن حزب “بنغلاديش القومي” المعارض من لندن حيث يقيم منذ عام 2018، بعدما دين بتهم عدة في بلاده.. وقال إن حزبه وعشرات الأحزاب الأخرى، رفضت المشاركة في انتخابات نتائجها “محسومة سلفاً”. وتابع “إن خوض انتخابات تحت قيادة حسينة وضد تطلعات الشعب البنغلاديشي، من شأنه أن يقوض تضحيات من قاتلوا وضحوا بدمائهم وبأرواحهم من أجل الديمقراطية”.
اتهامات العنف
اتهمت الشيخة حسينة حزب “بنغلاديش القومي” المعارض بإشعال حرائق وبأعمال تخريب خلال احتجاجات كانت معظمها سلمية وقتل فيها عدد كبير من الأشخاص إزاء اشتباكات مع الشرطة.
وتتهم قوات الأمن البنغلاديشية باللجوء إلى العنف، وهو ما تنفيه الحكومة.
وفرضت الولايات المتحدة، أكبر سوق لصادرات بنغلاديش، عقوبات على وحدة من الشرطة والقادة التابعين لها والمتهمين بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القانون إضافة إلى عمليات إخفاء قسري.
ولطالما كانت شعبية الشيخة حسينة مضمونة بسبب نجاح سياساتها الاقتصادية، لكن التحديات تزايدت خلال المرحلة الأخيرة مع ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية وانقطاع الكهرباء في عام 2022.
وفي نهاية 2023، شهدت بنغلاديش تحركات اجتماعية تخللتها عمليات إحراق لمصانع أو إغلاق أخرى، بعدما رفضت الحكومة إقرار زيادات على أجور العاملين في قطاع النسيج الذي يشكل 85 في المئة من الصادرات السنوية للبلاد والبالغة 55 مليار دولار.
وقال بيار براكاش من منظمة “إنترناشيونال كرايسيس غروب” غير الحكومية، إن “شعبية الحكومة تقلصت عما كانت عليه قبل بضع سنوات، لكن الخيارات الانتخابية الفعلية أمام البنغلاديشيين محدودة”. ورأى أن الشعور بالإحباط الذي يواجهونه قد ينذر بعنف سياسي في المستقبل”.