حرية – (13/1/2024)
أكدت رئيسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في السودان، مانديب أوبريان أنه إذا استمرت الحرب بين الجنرالين المتنازعين على السلطة، قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو، فإن “كارثة جيلية” ستحدث في البلاد أولى ضحاياها 24 مليون طفل سوداني.
في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، قالت أوبريان إن “النزاع في السودان يعرض للخطر صحة 24 مليون طفل وبالتالي مستقبل البلاد، ما قد يترتب عليه عواقب وخيمة للمنطقة بأسرها”. وأضافت “إن مستقبل البلاد في خطر فقرابة 20 مليون طفل لن يذهبوا إلى المدرسة هذا العام إذا لم يكن هناك تحرك سريع”.
وأوقعت الحرب الطاحنة في السودان أكثر من 12 ألف قتيل، وفق إحصاء يعتقد أنه متحفظ للغاية لمنظمة “أكلد” غير الحكومية المتخصصة في متابعة ضحايا النزاعات المسلحة.
كما أدت الحرب إلى نزوح ولجوء أكثر من سبعة ملايين شخص، وهي “أكبر أزمة نازحين في العالم”، وفق الأمم المتحدة.
وتؤكد أوبريان أن بين هؤلاء النازحين واللاجئين “3.5 مليون طفل”، مشيرةً إلى أن “14 مليون طفل بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة” في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 48 مليون نسمة وطاولت فيه الحرب معظم المناطق.
قبل الحرب، كان سوداني من كل ثلاثة يعاني من الجوع، كما لم يكن سبعة ملايين طفل يذهبون إلى المدرسة خصوصاً في المناطق الريفية حيث يعيش أكثر من ثلثي السكان.
وجاءت الحرب لتضيف إلى المشكلات التي يعاني منها السودان، ثالث منتج للذهب في أفريقيا، بفعل سنوات من النزاعات المتكررة، وحيث أنهت ثورة شعبية في عام 2019 ثلاثين عاماً من الحكم العسكري-الإسلامي الدكتاتوري.
وتقول أوبريان إن “ملايين الأطفال معرضون للموت والإصابة والتجنيد (في العمل المسلح) والعنف والاغتصاب”.
ولا تكف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية عن التحذير من استخدام الأطفال كجنود في السودان حيث لجأت الميليشيات القبلية إلى الأطفال للمشاركة في القتال منذ زمن طويل.
وتوضح أوبريان أنه مع التدمير شبه الكامل للبنية الأساسية في السودان والهجمات على المنظمات الانسانية ونهب مستودعاتها حُرم “7.4 مليون طفل من الحصول على مياه الشرب النظيفة، كما أن أكثر من 3.5 مليون طفل معرضون للإصابة بأمراض مرتبطة بظروف النظافة الصحية مثل الكوليرا” التي أدت بالفعل إلى وفاة العشرات في السودان خلال الشهور الأخيرة.
وتؤكد أوبريان أن “التأثير على الأطفال لا يمكن تخيله”، فيما قالت اليونيسف في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن “700 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد و100 ألف طفل بحاجة إلى علاج من سوء التغذية الحاد المصحوب بمضاعفات طبية”.
أما الأطفال الذين لم يولدوا بعد فهم أيضاً في خطر. وقالت المسؤولة الأممية “في 2024، سيولد 1.3 مليون طفل ولا بد من توفير دعم مهني للأمهات” في حين أن غالبية المستشفيات خارج الخدمة.
وفي تقريرها السنوي الذي نشرته الخميس، دانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” “الانتهاكات الكثيفة” لحقوق المدنيين في السودان من قبل طرفي النزاع، مشيرةً خصوصاً إلى “الإفلات من العقاب” الذي أدى إلى “دوامات متكررة من العنف” منذ عشرين عاماً.
ودانت المنظمة الحقوقية سياسة الكيل بمكيالين، قائلة إن “الحكومات الغربية رفضت في البداية دعم آلية تتيح نظاماً للمحاسبة في السودان لأنها لم تكن تريد أن تمنح لا الجهد ولا الموارد نفسها التي خصصتها لآلية مماثلة في أوكرانيا”.
كل هذا في غياب أي أفق للسلام، وفي غياب مفاوضات بين الطرفين المتحاربين.
ومنذ مطلع العام الحالي، بدأ الفريق دقلو جولة دولية تستهدف جذب التعاطف. ووقع إعلاناً للسلام مع رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، الذي شارك مع البرهان في إزاحته عن السلطة في عام 2021، لكي يجعل من نفسه محاوراً لا غنى عنه في أي مفاوضات حول مستقبل السودان، وفق خبراء.
وأكد دقلو مساء الخميس، أنه قدم “عبر الهاتف” إلى السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “رؤيته لوضع نهاية للحرب وإعادة بناء الدولة السودانية على أسس منصفة”.
في الوقت نفسه، قتل 30 مدنياً سودانياً في الخرطوم وما زال القصف مستمراً في دارفور، بحسب ناشطين سودانيين.