حرية – (20/1/2024)
مع توغل القوات الإسرائيلية نحو جنوب غزة، تقترب الغارات الجوية والاشتباكات من المناطق المزدحمة بأكثر من مليون شخص يبحثون عن ملجأ هربا من الدمار في بقية أنحاء القطاع.
ويقول مسؤولو الإغاثة، الذين يخشون أن يتم إغلاق أو إخلاء أكبر مستشفى متبقي في غزة، إن احتمال حدوث عمليات كبيرة في المناطق التي تشهد كثافة سكانية عالية “مثير للقلق العميق”.
وأفاد شهود عيان صحيفة “الغارديان” البريطانية، بسماع أصوات قتال بري وانفجارات، طوال يوم الجمعة، في غرب مدينة خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة، حيث تقول إسرائيل إن العديد من أعضاء وزعماء حماس يختبئون.
وقال الطاقم الطبي إن القتال أصبح على بعد أمتار من مستشفى ناصر، وهو أكبر مستشفى لا يزال يعمل جزئيا في غزة، خلال الأسبوع الماضي. ويستقبل هذا المرفق مئات الجرحى يوميا منذ تحول القتال إلى الجنوب الشهر الماضي. وتثار مخاوف من احتمال إغلاقه بسبب القصف الإسرائيلي وأوامر الإخلاء.
وتركز إسرائيل، عملياتها العسكرية في جنوب قطاع غزة، حيث أفادت حركة حماس بمقتل 90 شخصا ليلا على الأقل.
وذكر شهود لفرانس برس، أن القوات الإسرائيلية قصفت ليل الجمعة السبت جنوب قطاع غزة، خصوصا خان يونس (جنوب) التي باتت البؤرة الجديدة للقتال البري والغارات الجوية، بعدما تركزت المرحلة الأولى من الحرب في شمال القطاع.
وأفاد شهود للغارديان بإطلاق نار من أسلحة آلية، وتشكل كرة نارية برتقالية فوق أسطح المنازل بعد الظهر، وتصاعد الدخان فوق معظم أنحاء المدينة.
وفي المقابل، قال مسؤولون إسرائيليون، الجمعة، إن الجنود في خان يونس “قضوا على عشرات الإرهابيين في قتال قريب وبمساعدة نيران الدبابات والدعم الجوي”.
“أقصى نقطة”
وبحسب الصحيفة البريطانية، تقاتل القوات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة بأقصى نقطة جنوبية حتى الآن، في الهجوم الذي بدأ بعد هجوم لحماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، أودى بحياة 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال.
وردا على هجوم حماس، شنت إسرائيل قصفا واسعا على القطاع، أعقبته بعمليات عسكرية برية، أسفر عن مقتل 24762 فلسطينيا، معظمهم من النساء والأطفال، ويُعتقد أن آلافاً آخرين قد دُفنوا تحت أنقاض المباني المدمرة، كما أصيب عشرات الآلاف غيرهم.
وأدى الصراع حتى الآن إلى نزوح ما يقرب من 85 بالمئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وفر الكثيرون إلى خان يونس ورفح بعد أن أمرت إسرائيل المدنيين في الشمال بالإخلاء في بداية الحرب. ويكتظ معظمهم في الملاجئ التي تديرها الأمم المتحدة، حيث يكون الغذاء والماء والوقود والرعاية الطبية محدودا.
ويعيش آخرون في شقق خاصة مزدحمة، أو في مخيمات مؤقتة، تحت أغطية بلاستيكية مثبتة على أعمدة على الأرض أو حتى على الطرق.
ويقول مسؤولو الإغاثة الذين زاروا غزة إن الازدحام في الجنوب يكاد يكون غير مسبوق. وتواجه القوافل الإنسانية صعوبة في التنقل على طول الطرق التي أغلقتها الأسر النازحة بشكل جزئي، وأصبحت الرحلة التي كانت تستغرق في السابق 10 دقائق تستغرق الآن ساعة واحدة.
“الوضع صعب للغاية. أربعة أخماس سكان غزة موجودون هنا الآن. الخيام والازدحام في كل مكان”، يقول صبحي سوكيك، وهو طبيب أورام كبير يعيش في رفح.
ويضيف “بعض النازحين يعيشون داخل مستشفى صغير هنا..ولا يمكننا إجراء تدخلات طبية أو جراحية، بسبب نقص الأدوية والمستلزمات. مرضانا يموتون.”
ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون، على أنهم يحاولون تجنب إحداث إصابات في صفوف المدنيين ويصدرون أوامر إخلاء تهدف إلى إخلاء المناطق من السكان قبل مهاجمتها، متهمين حماس باستخدام السكان كدروع بشرية. وهو ما تنفيه الحركة المصنفة على قوائم الإرهاب بعدد من الدول.
“هدف ضروري”
ووفقا للغارديان، يقول محللون في إسرائيل، إن تأمين السيطرة على خان يونس ورفح ضروري لتحقيق أهدافها الحربية المتمثلة في تدمير القدرات العسكرية لحماس وتحرير أكثر من 132 رهينة اختطفتها الحركة في هجمات 7 أكتوبر.
وجرى إطلاق سراح نحو نصف الرهائن الـ 240 الذين احتجزتهم حماس في نوفمبر خلال سريان اتفاق هدنة قصيرو، مقابل إطلاق سراح 240 معتقلا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية.
ويعتقد الكثيرين، بحسب الصحيفة البريطانية، أن العديد من الرهائن محتجزون في خان يونس، وربما في أنفاق أسفل المدينة. وقال المحللون إن السيطرة على رفح تعتبر ضرورية لقطع طرق إمداد حماس مع مصر.
ويثير احتمال وقوع هجوم إسرائيلي كبير في رفح أو بالقرب منها، وهي بلدة تقع على الحدود مع مصر والتي أصبحت ملجأ لحوالي مليون نازح، قلق مسؤولي الإغاثة الإنسانية.
وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس في ساعة مبكرة السبت، بمقتل 90 شخصا على الأقل في العمليات الإسرائيلية ليلا.
وقال إنريكو فالابيرتا، المتخصص في طب الحرب والذي عاد من مهمة استغرقت أسابيع عدة لصالح منظمة أطباء بلا حدود، “اليوم في غزة كل شيء تقريبا مدمر، وما لم يدمر بات مكتظا … العمل جار بالحد الأدنى من الأدوية لضمان عدم نفادها”.
وأسفت منظمة الصحة العالمية ل”ظروف الحياة غير الإنسانية” في القطاع الساحلي الصغير الذي يفتقر سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة إلى كل شيء، بما في ذلك الاتصالات.
وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية “بالتل” مساء الجمعة عودة الاتصالات تدريجا في مناطق مختلفة من القطاع، بعد انقطاعها ثمانية أيام متواصلة هي أطول مدة منذ بدء الحرب.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الجمعة أن نحو 20 ألف طفل ولدوا “في جحيم” الحرب غزة منذ 7 أكتوبر في “ظروف لا يمكن تصورها، بينما عبرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن قلقها بشأن عدد “النساء والأطفال” ومحذرة من صدمة “على مدى أجيال”.