حرية – (23/1/2024)
تصطدم جهود الوصول إلى صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بعراقيل ورؤى متباينة قد تعيد مسار التفاوض إلى نقطة الصفر، فيما أكدت مصادر إسرائيلية وأميركية أنه تم الاتفاق على “بعض آليات تبادل الأسرى المستقبلي المحتمل”، في حين تظل النقطة الشائكة في هذا المسار هو تشبّث الإسرائيليين برفضهم قبول وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وهو الشرط الذي تضعه “حماس” لبدء أيّ تحرّك في اتجاه التهدئة.
وتمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على كلا من إسرائيل وحركة “حماس” من أجل التوصل إلى اتفاق يتضمن في مرحلة أولى “إطلاق سراح بعض المدنيين الإسرائيليين” وفي المرحلة النهائية “انسحاب كلي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة”، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وتضع حركة “حماس”، ثلاثة شروط لقبول هذه الصفقة؛ وهي الإنهاء الفوري والكامل للحرب على غزة، وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، وضمانات دولية لبقاء “حماس” في السلطة، وهو ما رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشدداً في الوقت نفسه على أنه سيواصل التمسك بموقفه الرافض لإقامة دولة فلسطينية، طالما بقي في منصبه.
وفي وقت لاحق، قال مسؤول في “حماس”، إن رفض نتنياهو لشروط الحركة يعني أنه “لا توجد فرصة” لإطلاق المحتجزين.
وكشف المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، الثلاثاء، أن جهود الوساطة مستمرة، مضيفاً أن التحديات كبيرة لتسوية الأزمة في غزة خصوصاً مع تصاعد وتيرة الحرب.
واعتبر أن التصعيد الأخير، يؤثر على عملية الوساطة والوضع الإنساني في قطاع غزة، مؤكداً أن جهود الوساطة لن تتوقف أياً كانت الظروف على الأرض.
وكشف الأنصاري، أن هناك مفاوضات جدية تجري في هذا الشأن، موضحاً أنه لا يوجد “أثر مباشر حتى الآن لمقتل الجنود الإسرائيليين في غزة على عملية التفاوض”.
وقال القيادي في “حماس”، سامي أبو زهري، لـ”رويترز”، إن رفض نتنياهو، إنهاء الهجوم العسكري على غزة “يعني أنه لا توجد فرصة لعودة المحتجزين الإسرائيليين” الذين يقدر عددهم بـ 130.
وقال مسؤولان إسرائيليان، الاثنين، إن إسرائيل قدمت لحركة “حماس”، مقترحاً عبر الوساطة القطرية المصرية، يتضمن وقفاً للقتال في قطاع غزة لمدة شهرين، كجزء من صفقة متعددة المراحل، تشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين في القطاع.
وذكر موقع “أكسيوس” الأميركي، أنه رغم أن المقترح لا يتضمن أي اتفاق لإنهاء الحرب، إلا أن هذه ستكون بمثابة أطول فترة تعرضها إسرائيل على حماس، لوقف القتال في غزة، منذ اندلاع الحرب.
وقال دبلوماسي “مطلع على المحادثات”، و”ينتمي لدولة أخرى بخلاف فلسطين وإسرائيل”، إنه قد تم الاتفاق على “بعض آليات تبادل الأسرى المستقبلي المحتمل”، مضيفاً أن النقطة الشائكة تكمن في أن الإسرائيليين لا يوافقون على وقف إطلاق النار بشكل دائم، وفق شبكة NBC NEWS.
نقطة شائكة
وأضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم كشف هويته، إنه “تم الاتفاق على جزء كبير من التفاصيل”، مشيراً إلى أن “النقطة الشائكة تكمن في أن الإسرائيليين لا يوافقون على وقف إطلاق النار بشكل دائم”.
وأوضح أن “الصفقة ستتضمن وقفاً مؤقتاً للعمليات القتالية لمدة تزيد عن شهر يتم خلالها إطلاق سراح المحتجزين على مراحل مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين”.
ولكن مسؤولا إسرائيلياً وسم هذا التوصيف، بأنه “هراء”، حسبما ذكرت NBC NEWS.
في غضون ذلك، نقلت شبكة CNN، أن إسرائيل قدمت مقترحاً ينص على مغادرة قادة حركة “حماس” لقطاع غزة، كجزء من اتفاق أوسع لوقف إطلاق النار.
وذكرت الشبكة، أن العرض يأتي في وقت تكافح فيه إسرائيل لتحقيق هدفها المعلن بـ”القضاء على حماس”، رغم مرور نحو 4 أشهر على الحرب، إذ فشلت في قتل أو اعتقال أي من قيادات الحركة في غزة، كما أن نحو 70% من قاعدة مقاتليها لا تزال لم تمس، وفق التقديرات الإسرائيلية ذاتها، كما أنه يأتي فيما تتصاعد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية لتحرير المحتجزين.
ولفتت CNN إلى أن العرض سيمنح خروجاً آمناً لقيادة الحركة الذين نظموا هجوم 7 أكتوبر، على إسرائيل من القطاع، “ما يضعف قبضة الحركة على غزة، التي مزقتها الحرب، ويسمح لإسرائيل، بمواصلة تعقب الأهداف ذات القيمة العالية في الحركة، بالخارج”.
3 مراحل
وقال مسؤولون أميركيون، إن المقترح الحالي للوسطاء يتمحور حول إطلاق سراح المحتجزين على 3 مراحل خلال أكثر من 30 يوماً، وفق NBC NEWS.
وتتضمن المرحلة الأولى ما تبقى من محتجزين مدنيين، وتشمل الثانية جنديات من الجيش الإسرائيلي وجثث المحتجزين الذين لقوا حتفهم في غزة، وتضم الثالثة المحتجزين الذكور، وبينهم جنود الجيش الإسرائيلي. ويتم إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين مقابل كل مجموعة من المحتجزين الإسرائيليين.
في المقابل، نقلت “أكسيوس”، أن المرحلة الأولى تشمل إطلاق سراح كافة المحتجزين من النساء، والرجال فوق سن الـ60، والمحتجزين الذين يعانون من حالات طبية خطرة. وتتضمن المرحلة الثانية، استعادة كافة المجندات الإسرائيليات، والرجال تحت سن الـ60 من غير العسكريين، والجنود الذكور، وجثامين بقية المحتجزين.
وقال المسؤولان، إن المدة الممنوحة لوقف القتال، هي مدة استكمال استعادة كافة المحتجزين، في مراحل مختلفة، والتي قد تصل إلى شهرين.
وقال جيرشون باسكن، وهو إسرائيلي عمل كوسيط في التفاوض مع “حماس” على مدى عقود، إنه ينسق مع الحركة عبر وسيط في لندن.
وأضاف باسكن، أن “بعض” مسؤولي حماس يريدون إطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، والذين يُقدر عددهم بـ10 آلاف سجين، ما يشير إلى أن قيادة حماس “ربما ليست موحدة بالكامل” أثناء المفاوضات.
وقال مسؤولون إسرائيليون لـ NBC NEWS، إن أكثر من 100 من هؤلاء السجناء الـ10 آلاف “متهمون في واقعة الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، وأن نحو 5 آلاف فلسطيني، ألقي القبض عليهم بعد 7 أكتوبر في الضفة الغربية المحتلة، مع تصاعد مد تأييد “حماس” بعد الهجوم.
اليوم التالي للحرب
وقالت مصادر مطلعة على المحادثات، إن محادثات إطلاق سراح المحتجزين وتأمين وقف إطلاق النار تمثل “جزءاً من جهد دبلوماسي لخلق إطار للاستقرار الإقليمي، وتضمين الدول العربية في إعادة بناء غزة، والتوصل إلى معاهدة دفاع بين الولايات المتحدة والسعودية، وخلق مسار للسيادة الفلسطينية”، وفق NBC NEWS.
وقال دبلوماسي مطلع على النقاشات، إن المحادثات المتعلقة بـ”اليوم التالي للحرب” تجري في “مسار منفصل عن صفقة المحتجزين”.
وقال مسؤول في حركة “حماس”، إن الجماعة تأمل في أن تضطلع بدور في حكم غزة بعد وقف إطلاق النار الذي تطالب به.
وأضاف في رسالة صوتية عبر “واتساب”، الأحد:”نحن نتحدث عن تشكيل حكومة تكنوقراط موحدة، وذات مرجعية وطنية للإشراف على عملية إعادة البناء وتوحيد المؤسسات الفلسطينية والتحضير للانتخابات”.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن فكرة (مكافأة الفلسطينيين) في أعقاب هجوم 7 أكتوبر “غير مقبولة لدى الغالبية العظمى من الإسرائيليين”، رغم الشعور بالضرورة الملحة لإطلاق سراح المحتجزين.
وقال ناداف إيال، الكاتب في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، إن “الإسرائيليين غير مستعدين للاستسلام لشروط حماس وإعلان اعترافهم بالهزيمة”.
والخميس، في تصريحات أذهلت كثيراً من الإسرائيليين، دعا عضو مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي علناً إلى “منح الأولوية لتأمين إطلاق سراح المحتجزين قبل تدمير حماس”.
وأوضح الجنرال جادي آيزنكوت، رئيس الأركان السابق بالجيش الإسرائيلي، عبر مقابلة مسجلة مع “يوفدا”، وهو برنامج تلفزيوني إخباري إسرائيلي، أنه “بالنسبة لي، فإن مهمة إنقاذ المدنيين مقدمة على قتل العدو”.
وقال باسكن، المفاوض الإسرائيلي مع “حماس”، إن زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، “جعل مهمة حياته تحرير جميع السجناء الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية”، بعد قضائه 22 عاماً في السجن لقتله جنوداً إسرائيليين وفلسطينيين تعاونوا مع إسرائيل.
وأضاف أن “السنوار تعهد بتحرير جميع الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية، جاعلاً هذه مهمته (الأولى). ولكنني لا أعتقد أن الأميركيين يفهمون أنه يريد الموت في ساحات القتال ضد الإسرائيليين. إنه يعتقد أن هذه الحياة قصيرة، وأن الجنة دار خلود”.
وسافر مبعوث الرئيس الأميركي بريت مكجورك، إلى القاهرة، الأحد الماضي، وسيزور قطر بعد ذلك، لإجراء محادثات لإحراز تقدم في المفاوضات لتأمين إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم حركة “حماس”.
وذكرت مصادر أن رحلة ماكجورك، تعد جزءاً من حملة جديدة تقودها الإدارة الأميركية للتوصل إلى صفقة بشأن المحتجزين الإسرائيليين، موضحةً أن المسؤولين الأميركيين يعترفون بأن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق قد يكون، هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
وهذه هي الرحلة الثانية التي يقوم بها ماكجورك إلى المنطقة هذا الشهر، لمناقشة المسألة نفسها، إذ زار الدوحة، سراً، في 9 يناير الجاري.
وكان منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي قال للصحافيين، الجمعة: إن “المناقشات بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة رهائن أخرى تمضي بجدية”.
أوضح كيربي، أنه “من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق وشيك”، مضيفاً: “لا يزال هناك الكثير من العمل الشاق الذي ينتظرنا”.
وتطالب “حماس” بإنهاء الحرب على غزة، قبل التوصل إلى أي صفقة محتجزين محتملة، وهو الطلب الذي ترفضه إسرائيل.
تصنيفات