حرية – (24/1/2024)
عميل يسير في نفق مظلم ويسأل بصوت غامض “من أنا؟.. أواجه العالم المتغير باستمرار والظلام المتزايد”.. صدر هذا الإعلان عن وزرة أمن الدولة الصينية، في إشارة قالت عنها صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، إنها أحدث دليل على بدء وكالة الاستخبارات الرئيسية في الصين بالخروج من الظل، للترويج لدورها في مكافحة “التخريب والانفصال والإرهاب والعنف والتجسس”.
وأوضحت الصحيفة أن الإعلان الدرامي يشير إلى الكوارث الطبيعية والاضطرابات والأوبئة، وصدر بمناسبة يوم الشرطة الوطنية هذا الشهر، في وقت اتهمت فيه الوكالة الصينية جهاز الاستخبارات السرية البريطانية، بإصدار تعليمات لمستشار أجنبي بالتجسس على الصين.
وفي العام الماضي، أعلنت وزارة أمن الدولة الصينية القبض على مواطن صيني بتهمة العمل لصالح الاستخبارات الأميركية.
تركيز على الأمن
وقال محللون لـ”فايننشال تايمز”، إن الظهور المتزايد للوزارة يعبر عن “التركيز الكبير والمتزايد للرئيس شي جين بينغ على الأمن”، حيث يسعى الرجل الأقوى في الصين منذ ماو تسي تونغ، إلى إحكام قبضته على البلاد.
وتواجه الصين بعيدا عن التوترات السياسية مع الولايات المتحدة وحلفائها، مخاطر كبيرة بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وتصاعد التنافس التجاري مع الاتحاد الأوروبي. وفي ظل البيئة المشحونة التي تواجه شي، فإن القرار جاء بالتوجه نحو وزارة أمن الدولة التي تحظى بمكانة وقوة سياسية متزايدة.
وقال المستشار لدى مؤسسة “ماكجراث نيكول”، أليكس جوسكي، لفايننشال تايمز، إن الدعاية المتزايدة تعكس “نمو الوضع السياسي لوزارة أمن الدولة، وليس فقط عبر التحدث علانية بشكل أكثر أريحية، بل في الواقع تتلقى دعما سياسيا يسمح لها بالإدلاء بتصريحات نيابة عن الحكومة”.
وتأسست الوزارة المعروفة اختصارا بـ”MSS”، عام 1983 خلال عملية لإعادة هيكلة الوكالات السابقة، وهي عبارة عن شرطة سرية مدنية، وصفتها الولايات المتحدة بأنها “مزيج من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية”، ويمتد نطاق عملها في جميع أنحاء المجتمع الصيني، بحسب فاينانشال تايمز.
وتعمل الوزارة على “مكافحة التجسس والحفاظ على الأمن السياسي” للنظام الشيوعي في الصين، وتواجه اتهامات بالتجسس على نطاق واسع حول العالم، من بينها تجنيد سياسي بلجيكي من اليمين المتطرف لتنفيذ عمليات مرتبطة بفرض النفوذ في أوروبا، وفق الصحيفة أيضًا.
وانفصلت عن وزارة الأمن الداخلي، وكانت تحتفظ بظهور أقل قبل تكثيف حكومة شي جين بينغ، للتحذيرات بشأن أخطار التجسس.
“الأمن القومي أولوية”
أصدرت الوكالة عام 2021، تفاصيل بشأن كيفية الالتحاق بها، من خلال اختبار الخدمة المدنية. وأطلقت العام الماضي حسابا رسميا على موقع “وي تشات – WeChat”، وهو منصة التواصل الأكثر شعبية في الصين.
وتنشر الوزارة عبر حسابها منشورات للمواطنين تبلغهم فيها بجهود مكافحة التجسس ضد “الانفصاليين” في تايوان، الجزيرة الديمقراطية التي تعتبر الصين أنها جزء من أراضيها.
وقال المحلل السياسي آدم ني: “في الماضي رأينا أمورا أخرى لها أسبقية على الأمن القومي”، مضيفًا لفايننشال تايمز، أنه خلال فترة “الانفتاح والإصلاح” التي أعقبت حكم ماو تسي تونغ، كان تركيز البلاد على النمو الاقتصادي والحفاظ على علاقات جيدة مع الشركاء التجاريين.
وأوضح: “لكن حاليا نشهد تحوّل التركيز والموارد إلى الأمن القومي”، مدللا بذلك على التعديلات التي أدخلت على قانون مكافحة التجسس، والتي وسعت مفهوم التجسس في الصين.
وواصل: “لدى وزارة أمن الدولة دور أكبر حاليا بسبب التركيز بشكل أكبر على الأمن القومي، والحاجة إلى إقناع الجمهور بوجود خطر حقيقي”.
ونقلت الصحيفة عن خبراء آخرين، أن الركود الاقتصادي في الصين يمكنه أن يزيد من تعزيز سلطات الأجهزة الأمنية في الدولة الشيوعية، حيث تخشى بكين من تحول المخاطر المالية إلى اضطرابات اجتماعية.
ونقلت عن كبير الباحثين في مركز جامعة ستانفورد للاقتصاد والمؤسسات الصينية، شو تشينغ غانغ، قوله إن الاقتصاد “في حالة يرثى لها. والحزب الشيوعي الصيني يدرك هذا الخطر، ويعلم أنه في حال حدوث أزمة مالية، ربما تصبح الأوضاع كارثية”.