حرية – (1/2/2024)
تزداد المخاوف يوما وراء يوم من التغييرات التي تطرأ على بحر قزوين. حيث قال عضو اللجنة العلمية في مركز أبحاث الطرق وبناء المدن في إيران أن معدل الانخساف الأرضي في سواحل مازندران بلغ 9 سنتيمترات سنوياً، علما أن هذه المنطقة لم تشهد أي انخساف خلال السنوات الخمس الماضية.
يعتبر بحر قزوين عين إيران وبوابتها نحو العالم. فهو يحمل ذاكرة لآلاف الأحداث ويشكل نقطة جوهرية في اقتصاد البلاد، وتعرضه لأي خطر يهدد شمال إيران بشكل كامل لتحديات جسيمة. وهنا يطرح السؤال الأقوى، ما هي قصة الانخسافات الأرضية في بحر قزوين؟
تصدر بحر قزوين في الآونة الأخيرة حديث الصحافة المحلية والأجنبية وأحدث موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بعد أن كشفت معصومة بني هاشمي، مديرة المركز الوطني لدراسات وأبحاث بحر قزوين التابع لوزارة الطاقة “عن انخفاض منسوب المياه في بحر قزوين خلال عام 2022 مقارنة بعام 2021 بمقدار 26 سم، ويرجع هذا الانخفاض إلى تقلص منسوب المياه في ذلك العام بمقدار 24 سم.
ووفقا للمسؤولية الإيرانية، انخفض منسوب مياه بحر قزوين بحوالي 50 سم خلال العامين الماضيين. وبدأت المياه في بحر قزوين بالتقلص منذ عام 1995 حيث تجاوزت المترين إلى الآن.
وعزا المتخصصون هذا الانخفاض في منسوب المياه في بحر قزوين إلى عاملين هامين. الأول وربما الأكثر أهمية هو انخفاض هطول الأمطار وزيادة التبخر، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية مع احتداد ظاهرة الاحتباس الحراري في مستجمعات المياه في بحر قزوين، والتي تكون دائما أكثر دفئا مرتين إلى أربع مرات من المتوسط العالمي.
أما العامل الآخر، فيتمحور حول بناء السدود الروسية على مدخل نهر الفولغا الذي يصب في بحر قزوين. وقد أكد علي سلاجقة، نائب الرئيس الإيراني ورئيس منظمة حماية البيئة، صحة هذا الأمر وصولا إلى جلال محمود زاده، ممثل مهاباد في البرلمان الإيراني والذي قال إن “لا تختلف روسيا عن تركيا وأفغانستان، فهي من خلال تشييدها لسد على نهر الفولغا تظهر أنها تتجاهل حقوق الدول الأخرى لخدمة مصالحها الشخصية”.
وقال همايون خوشروان، المدير السابق للمركز الوطني لدراسات وأبحاث بحر قزوين، لـ”دنياي اقتصاد“: استندت آخر التوقعات حول بحر قزوين من قبل الخبراء الألمان والروس إلى نماذج مناخية، وتوقعوا انخفاض منسوب المياه حتى نهاية القرن الحادي والعشرين، أي 76 سنة المقبلة، بمقدار 9 أمتار كسيناريو متفائل، و18 متر كسيناريو متشائم.
وأكد خوشروان أن “النقطة المهمة هي أن بحر قزوين لا يمكن التنبؤ به، وعلى عكس هذين السيناريوهين، قد يتغير مساره وترتفع المياه مرة أخرى”.
وحول كيفية تفادي هذه التوقعات، قال هذا الخبير: لا يمكننا تفادي تمدد هذه الظاهرة، لأن ظاهرة الاحتباس الحراري تحوول دون توقع بالتغيرات المناخية في جميع مناطق البلاد. ما يسعنا فعله هو التكيف مع هذه الظاهرة وعدم التدخل في سواحل بحر قزوين. يريد البعض استغلال هذه الفرصة للاستيلاء على السواحل والبدء في اتخاذ خطوات تصب في مصلحته الخاصة، وهو أمر لها عواقب كثيرة.
ولم ير المدير السابق للمركز الوطني لدراسات وأبحاث بحر قزوين مستقبلا جيدا لبحر قزوين والبحيرات المالحة الأخرى، فقال: ينتظر قزوين مستقبل شبيه ببحيرة أرومية. غير أن عمق بحر قزوين يصل إلى 1000 متر، مما يجعل وقت جفافه أطول. وكان متوسط عمق بحيرة أورمية حوالي 8 أمتار فقط. لذلك جفت في غضون 20 عامًا.
وأوضح خوشروان: من حسن حظ إيران أنها تقع في الجزء العميق من بحر قزوين وسيكون آخر قسم يتعرض للجفاف. فهذه البحيرة تبدأ بالجفاف ابتداء من شمالها ثم تتجه إلى وسطه وفي نهاية المطاف إلى الجنوب، وهي عملية من المحتمل أن تستغرق 100 عام.
على النقيض من ذلك، رفضت مجموعة من الخبراء الادعاءات بجفاف بحر قزوين خلال السبعين عاما القادمة، وأروا أن “انخفاض مياه بحر قزوين لا يشير إلى جفاف أكبر بحيرة في العالم، لأن بحر قزوين، الذي يبلغ حجمه خمسة أضعاف حجم مياه الخليج، لن يعاني أبدا من مصير بحيرة أرومية”.
في هذا الصدد، أجرت وكالة إرنا الحكومية في وقت سابق مقابلة مع عزير عابسي، فوق دكتوراه في الهندسة المدنية البيئية، حيث قال: بحر قزوين بعمق ألف و35 متر لا يمكن أن يجف تحت أي ظروف مثل بحيرة أرومية.
بجهته، يرى حميد علي زاده لاهيجاني، نائب رئيس الدراسات والتكنولوجيا في المعهد الوطني للبحوث لعلوم المحيطات والغلاف الجوي لبحر قزوين، أن “بحر قزوين لن يجف حتى لو لم تدخل مياه إليه، وقد يستغرق الأمر 400 عام حتى يجف.
وأكد في ختام قوله: يتغير منسوب المياه في وقت قصير بسبب المد والجزر ودخول مياه الأنهار وتغير درجات الحرارة وارتفاع الأمواج، وبالعكس. لكن السبب الأهم للتغيرات طويلة المدى في منسوب المياه هو توازن مياه بحر قزوين، أي الفرق بين المياه الواردة والتبخر من مستوى سطح البحر.