حرية – (10/2/2024)
قدم “معهد الشرق الاوسط” الامريكي، قراءة في الغارات الامريكية في 3 شباط/ فبراير الحالي على كل من العراق وسوريا، معتبرا أنها برغم كونها أقل من المتوقع بقوتها، إلا أنها تعكس تحولا مقارنة بالضربات الأمريكية سواء على المستوى العملياتي أو من حيث هدفها العام.
وأوضح التقرير الأمريكي،أن التحول العملياتي كان يتمثل في اختيار الأهداف حيث انها كانت المرة الاولى التي تقصف الطائرات الأمريكية أهدافاً في وسط مدينة دير الزور، تابعة للميليشيات الموالية لإيران معددا بعض هذه المواقع التي تعتبر الأكثر حراسة في المدينة المكتظة بالسكان، والتي تستخدم من جانب الميليشيات الايرانية كمستودعات للاسلحة ومراكز للاشراف على العمليات ضد القوات الأمريكية المتمركزة في القرية الخضراء في قاعدة حقل العمر النفطي وقاعدة حقل كونوكو للغاز، وهما أهم قاعدتين أمريكيتين في محافظة دير الزور.
وتابع التقرير أنه الى جانب التحول العملياتي، فإن ضربات 3 شباط الامريكية تعكس تغييرا في هدفها العام، موضحا انها لم تكن تستهدف انزال اكبر عدد ممكن من الضحايا او استهداف قادة الميليشيات الايرانية في سوريا والعراق، وانما كان هدفها تقويض القدرات العسكرية ومراكز القيادة والسيطرة لتلك الميليشيات، في محاولة للحد من قدرتها على تنفيذ هجمات مشابهة مستقبلا، مضيفا ان الاشارة الواضحة الى هدف الولايات المتحدة كان يتمثل بتدمير القدرات العسكرية لتلك الميليشيات، من خلال طبيعة الأهداف المختارة.
أما في العراق، وتحديدا في الانبار، فيذكر التقرير أن الغارات التي استهدفت مواقع للحشد الشعبي والميليشيات الايرانية في القائم وعكاشات، تستخدم للتنسيق بين فروعها العراقية والسورية، مشيرا الى ان هذه المواقع تستخدم ايضا لنقل الاسلحة والمقاتلين بين البلدين وادارة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بشن هجمات ضد القوات الامريكية، كان آخرها هجومي “البرج 22” في الاردن وحقل العمر النفطي.
ولفت التقرير إلى أن الغارات التي استهدفت مستودعات الحشد الشعبي في القائم وعكاشات ومستودعات ايرانية في البوكمال ووسط دير الزور، برغم أنها تقوض بشكل كبير قدرات تلك الميليشيات، إلا أنها لا تزال تشكل تهديدا، نظرا لقدرتها على تجديد أسلحتها وذخائرها من ايران عبر العراق.
واعتبر التقرير أن الضربات الأمريكية برغم كثافتها ونطاق أهدافها، إلا أن هناك عوامل عديدة حدت من تأثيرها، اذ اولا، فقدت واشنطن عنصر المفاجأة باعلانها نيتها استهداف المسؤولين عن الهجوم الذي ادى الى مقتل الجنود الأمريكيين الثلاثة حيث تم تنفيذ الضربات الفعلية بعد اسبوع تقريبا من الإعلان، مما أعطى تلك الفصائل ما يكفي من الوقت للإخلاء والاختباء.
ورأى التقرير أن ذلك قد يكون مؤشرا على ان الولايات المتحدة لم تكن ترغب في تفاقم الصراع في المنطقة، وهو ما يفسر عدم مقتل أي من كبار القادة في الغارات الجوية.
ثانيا، قال التقرير ان الولايات المتحدة لم تستهدف ايران نفسها، وذلك لتجنب توسيع الحرب القائمة وانخراط إيران فيها، حيث جرت ضربات في مناطق سيطرة الميليشيات الموالية لايران على الحدود السورية العراقية في مدن الميادين ودير الزور والقائم ومواقع اخرى، هي مواقع تستهدف بشكل روتيني من قبل الولايات المتحدة واسرائيل لتجنب الاضطرار لضرب الاراضي الإيراني نفسها.
وذكر التقرير أنه بعد وقوع الرد الأمريكي، أثيرت توقعات حول عدة سيناريوهات: اولا، ان تتسبب الضربات بردع مؤقت للميليشيات في العراق وسوريا عن مهاجمة القوات الامريكية، نظرا لأن الولايات المتحدة حاولت توجيه رسالة مفادها أن مقتل جنودها هو بمثابة خط أحمر يتطلب ردا عسكريا.
واوضح التقرير ان السيناريو الثاني الذي تبين بأنه صحيح، فهو توقع استمرار هجمات الفصائل المسلحة ضد الأهداف الأمريكية، وذلك بسبب النطاق المحدود للغارات الجوية ضد الميليشيات في سوريا والعراق، مشيرا إلى انه بينما كانت الطائرات الامريكية تهاجم أهدافها، قامت فصائل “المقاومة الاسلامية” بمهاجمة قاعدة عين الأسد الجوية في الأنبار، وقاعدة حرير الجوية في اقليم كوردستان، كما تعرضت القاعدة الامريكية في حقل العمر النفطي في دير الزور لهجوم صاروخي، ادى الى مقتل 6 عناصر من قوات سوريا الديمقراطية.
وخلص التقرير إلى القول إن الرد الأمريكي على هجوم “البرج 22″، كان اقل حدة واكثر تحفظا مما كان متوقعا، وذلك بما يتلاءم مع استراتيجية التصعيد المحسوبة التي تتحكم بالصراع بين الولايات المتحدة وإيران، موضحا ان بامكان البلدين تجنب المواجهة المباشرة التي لا تصب في مصلحة أي منهما في الوقت الحالي، وايضا ان الضربات الأمريكية، بالنظر الى طبيعتها المحدودة، لم تؤدي الى اثارة انتقام الميليشيات في سوريا والعراق ضد القوات والمصالح الامريكية في البلدين.
وختم التقرير بالقول انه من المرجح أن تعيد إيران التفكير في استراتيجيتها تجاه “وكلائها” في المنطقة، لمنع التصعيد الذي ترغب طهران في تجنبه في الوقت الحاضر، خصوصا انها كررت القول انها لا تسعى الى مواجهة مباشرة، الا اذا وقع هجوم على الأراضي الايرانية.