حرية – (13/2/2024)
التنمر الإلكتروني هو التنمر والتحرش والمضايقات باستخدام وسائل التكنولوجيا المختلفة. وهو يتضمن المطاردة أو التسلط أو المهاجمة أو المراقبة أو الإلحاح أو الهجوم المستمر أو أي شكل من أشكال الإساءة عبر الإنترنت.
ونتيجة لأن العصر الحديث بات رقمياً بشكل كبير، ويمضي أغلب الناس معظم وقتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فقد أصبح التسلط عبر الإنترنت في ازدياد مستمر، ليتحول إلى آفة العصر الحديث، وأحد أبرز أسباب الاضطرابات النفسية والاكتئاب المرتبطة باستخدام شبكات الإنترنت.
ما هو التنمر الإلكتروني بشكل دقيق؟
التنمر عبر الإنترنت هو التنمر باستخدام التقنيات الرقمية بين المستخدمين للشبكات، وهو ما بات يُعرف بالتنمُّر الإلكتروني. وهو ظاهرة سلوكية سلبية يمكن أن تتم على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات المراسلة ومنصات الألعاب والهواتف المحمولة.
ويعتمد التنمر في هذه الصورة على تكرار سلوك معين بهدف تخويف أو إغضاب أو فضح الأشخاص المستهدفين. وأمثلة التنمُّر الإلكتروني:
- نشر الأكاذيب أو نشر صور أو مقاطع فيديو محرجة لشخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي دون العودة إليه وطلب الإذن منه، بغرض الإحراج وتشويه السمعة.
- إرسال رسائل أو صور أو مقاطع فيديو مؤذية أو مسيئة أو تهديدية عبر منصات المراسلة.
- انتحال شخصية شخص ما وإرسال رسائل مسيئة/مخيفة/مهددة للآخرين نيابة عنه أو من خلال حسابات وهمية.
وبالرغم من أنه غالباً ما يحدث التنمر وجهاً لوجه، في المدرسة على سبيل المثال، لكن التسلط عبر الإنترنت قد يأخذ شكلاً رقمياً علاوة على التنمر المباشر في الحياة الواقعية.
ما هي آثار التنمر الإلكتروني؟
عندما يحدث التنمر عبر الإنترنت قد يشعر الضحايا كما لو أنهم يتعرض للهجوم في كل مكان، حتى داخل المنزل. ويمكن أن يبدو أنه لا يوجد مفر للهرب أو الخلاص من هذا التهديد.
ويمكن أن تستمر التأثيرات لفترة طويلة وتؤثر على الشخص بعدة طرق منها:
1- الأثر العقلي: وهو الشعور بالانزعاج أو الإحراج أو الغباء أو حتى الخوف أو الغضب دون القدرة على القيام بأي شيء حيال الأمر.
2- الأثر العاطفي والنفسي: مثل الشعور بالخجل أو فقدان الاهتمام بالأشياء التي تحبها وبدء المعاناة من اضطرابات القلق والاكتئاب وفقاً لحدة التهديد.
3- الأثر الجسدي: التعب البدني المصاحب للتعرض لمثيرات قلق شديدة مثل فقدان النوم، أو الشعور بأعراض الخوف والقلق مثل آلام المعدة والصداع.
4- الآثار القصوى: كذلك يمكن للشعور بالاستهزاء أو المضايقة من قبل الآخرين، والتنمر عليهم، أن يمنع الضحايا من التحدث أو محاولة التعامل مع المشكلة ويدفعهم للهروب بسبب الخوف والحرج. وفي بعض الحالات القصوى، يمكن أن يؤدي التنمر عبر الإنترنت إلى انتحار الأشخاص بسبب الضغط النفسي الشديد.
كيف يمكن أن يؤثر التنمر الإلكتروني على الصحة العقلية؟
عندما يتم التعرض للتنمر عبر الإنترنت قد يبدأ الضحية في الشعور بالخجل والتوتر والقلق وعدم الأمان بشأن ما يقوله الناس أو يفكرون فيه عنه.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الانسحاب من العلاقات والدوائر الاجتماعية المختلفة مثل الأصدقاء والعائلة، علاوة على المعاناة من الأفكار السلبية والحديث عن النفس، والشعور بالذنب تجاه الأشياء التي فعلها الشخص أو لم يفعلها، أو الشعور بأنه يتم الحكم عليك بشكل سلبي.
ومن الشائع أيضاً الشعور بالوحدة والإرهاق والصداع المتكرر والغثيان وآلام المعدة، نتيجة وجود حافز قوي للقلق في حياة الشخص الذي يتعرض للتنمر الإلكتروني.
ويمكن أن يفقد الشخص تدريجياً حافزه للقيام بالأشياء التي عادةً ما كان يستمتع بفعلها، فيبدأ بالعزلة عن الأشخاص الذين يحبهم ويثق بهم. وهذا يمكن أن يؤدي إلى إدامة المشاعر والأفكار السلبية التي يمكن أن تؤثر سلباً على الصحة النفسية والعقلية على المدى القصير والطويل، طالما كان مصدر التهديد مستمراً.
ويُعد التغيب عن المدرسة أحد الآثار الشائعة الأخرى للتنمر عبر الإنترنت، ويمكن أن يؤثر على الصحة العقلية للشباب الذين يلجأون إلى مواد مثل الكحول والمخدرات أو السلوك العنيف للتعامل مع آلامهم النفسية والجسدية.
يمكن للتنمر الإلكتروني أن يكون أخطر من التنمر وجهاً لوجه بسبب:
يمكن أن يحدث التنمر الإلكتروني في أي مكان وفي أي وقت. قد تواجه ذلك حتى في الأماكن التي تشعر فيها بالأمان عادةً، مثل منزلك، وفي الأوقات التي لا تتوقعها فيها، مثل عطلة نهاية الأسبوع بصحبة عائلتك. قد يبدو أنه لا مفر من السخرية والإذلال.
كما يمكن القيام بالكثير من عمليات التنمر عبر الإنترنت بشكل مجهول، لذلك قد لا تكون متأكداً من هوية الشخص الذي يستهدفك. ويمكن أن يجعلك هذا تشعر بمزيد من التهديد. ونظراً لأن المتنمرين عبر الإنترنت لا يمكنهم رؤية رد فعلك، فغالباً ما يتمادون في مضايقاتهم مما لو كانوا وجهاً لوجه مع الضحية.
يمكن للتنمر الإلكتروني أن يُذاع أمام آلاف الأشخاص، وذلك بوسائل مثل إعادة توجيه رسائل البريد الإلكتروني والرسائل والتغريدات إلى العديد والعديد من الأشخاص، بينما يمكن لأي شخص في كثير من الأحيان رؤية منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو التعليقات العامة. وكلما كان التنمر علنياً، أصبح أكثر إذلالاً وتأثيراً على الضحية.
يمكن للتنمر الإلكتروني أن يظل دائماً. وغالباً ما تظل الأكاذيب الخبيثة أو الصور المحرجة عبر الإنترنت إلى أجل غير مسمى، ما يؤدي إلى عواقب طويلة المدى على حياة وسمعة وصحة الضحايا النفسية والعقلية.
طرق صحية للتعامل مع المشكلة
إذا كنت تتعرض للتنمر عبر الإنترنت فقد يكون من السهل الاعتقاد أنه لن يفهمك أحد أو يتمكن من مساعدتك، ولكن هذا ليس صحيحاً. فيما يلي نصائح حول كيفية التعامل مع التنمر الإلكتروني:
- تحدث إلى شخص ما: عندما تتعرض للتنمر عبر الإنترنت، من المهم أن تقوم ببناء شبكة دعم من الأصدقاء والعائلة والأشخاص الذين يمكنك الوثوق بهم لمساعدتك ودعمك. التحدث مع الناس في أوقات الأزمات لا يضيف صوت العقل أو التفكير العقلاني فحسب، بل يمكن أن يساعدك أيضاً على الشعور بالتحسن لأنك قادر على مشاركة أفكارك ومشاعرك دون إصدار أحكام.
- لا تنتقم أو ترد: عندما يقوم الأشخاص بالتنمر على الآخرين عبر الإنترنت، فإنهم عادة ما يفعلون ذلك من أجل تلقي أي نوع من رد الفعل. إذا اخترت عدم الانتقام، فسيشعر المتنمر بالملل في النهاية ويتوقف.
- أعد تقييم عاداتك اليومية على الإنترنت: قد يكون العلاج ببساطة هو إعادة تقييم مدى ارتباطك بحساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يمكن لإدمان المنصات أن يعرض صحتك النفسية والعقلية للخطر خاصة إذا ما كان لديك قاعدة كبيرة من المتابعين. لذا بالحصول على عادات يومية صحية وعدم الاكتفاء بالحياة عبر شاشات الأجهزة الذكية، بالإمكان التصدي للمتنمرين من خلال عدم التأثر بهم أو إعطائهم الفرصة في الإيذاء.
وفي نهاية المطاف، إذا كان ما تتعرض له من تنمر إلكتروني يصل إلى مستوى التهديد لسلامتك وأمانك، هناك دوماً إمكانية الإبلاغ الرسمي في حال اتضحت هويات المعتدين، وهنا تقوم جهات إنفاذ القانون بملاحقتهم ومحاسبتهم.