حرية – (13/2/2024)
انتقد موقع “دايلي سيغنال” الأمريكي ما أسماه بـ”أنصاف التدابير” التي تتبعها واشنطن في التعامل مع “النهج الصبور” الطويل الأمد الذي تتبعه إيران، معتبراً أن الغارات التي نفذتها الولايات المتحدة على العراق وسوريا مؤخراً بعد مقتل 3 من جنودها، لم تكن كافية، وعليها في المقابل اتباع إستراتيجية أكثر استباقية وشمولية ضد النفوذ الإيراني
وبعدما قال التقرير الأمريكي ، إن الغارات الأمريكية الأخيرة ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا لم تكن كافية، لأنها لم تستهدف أي إيرانيين، أو أي أصول داخل إيران، أو سفناً للحرس الثوري الإيراني في الخليج، اعتبر أن هذه الضربات “ستفشل في النهاية في إعادة ترسيخ الردع ومصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”.
رد فعل تكتيكي
وفي حين لفت التقرير إلى الهجمات الـ180 التي شنتها الفصائل التابعة للحرس الثوري الإيراني ضد المواقع الأمريكية بالإضافة إلى الفوضى التي تسبب بها الحوثيون في اليمن لسلاسل التوريد العالمية في البحر الأحمر، قال التقرير إن الضربات الأمريكية الأخيرة ضد مواقع للفصائل في العراق وسوريا، ثم اغتيال القيادي في كتائب حزب الله العراقي، تبدو كلها بمثابة “رد فعل تكتيكي على حادثة معينة، وليست إستراتيجية شاملة لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة”.
ورأى التقرير أن “التركيز على الجماعات الوكيلة في العراق وسوريا لا يعالج الجوهر المظلم للفوضى والعنف على مدى الشهور الأربعة الماضية”، مضيفاً أن الحرس الثوري الإيراني سيقوم بإعادة تسليح هذه الفصائل في غضون أسابيع وستتواصل حلقة ردود الفعل من الهجمات على القوات الأمريكية التي تليها ردوداً أمريكية فارغة بمعناها، وسيقع المزيد من الإصابات في صفوف الجنود الأمريكيين، بينما سيظل الاحتمال كبيراً بوصول طائرة مسيرة أخرى لتقتل المزيد من الأمريكيين.
ودعا التقرير الولايات المتحدة، من أجل استعادة الردع، أن تقوم بدلاً من ذلك بمهاجمة الأهداف التي تهتم بها إيران مثل قادة الحرس الثوري، أو القواعد العسكرية الإيرانية، أو سفن التجسس الإيرانية التي تتجول في البحر الأحمر.
حرب المسيرات
وبعدما لفت التقرير إلى عشرات الميليشيات التي تنشط في المنطقة بدعم من إيران، وإلى الكمية الهائلة من الصواريخ التي تمتلكها طهران، والتي هي الترسانة الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط والتي بالإمكان شحنها بسرعة إلى المقاتلين في العراق وسوريا، أشار إلى أن الاستثمار الإيراني في الطائرات المسيرة والصواريخ الذي بدأ منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأ يؤتي ثماره.
ووصف التقرير موقف إيران بأنها “تلعب لعبة طويلة الأمد في المنطقة”، في حين أن إدارة جو بايدن تستهدف تجنب التصعيد قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
وتابع قائلاً إن إيران دولة غنية بموارد النفط وتمتلك نفوذاً جيوسياسياً هائلاً، وهي بدلاً من أن تنخرط في إستراتيجيات قصيرة المدى، فإنها “تتبنى نهجاً صبوراً، مع التركيز على أهداف بعيدة المدى”، مشيراً إلى أن إيران ما تزال تفكر كإمبراطورية عمرها أكثر من ألفي سنة.
وفي مواجهة التفوق الأمريكي بالقدرات العسكرية، قال التقرير أن إيران تتمتع بالمقابل، بتصميم متفوق، وهي تؤمن بأن هذا التصميم سوف ينتصر في نهاية المطاف في أي مواجهة مع الولايات المتحدة التي ستغادر المنطقة بينما سيقوم النظام الإيراني بتوسيع نفوذه تدريجياً وتقويض الاستقرار الإقليمي.
واعتبر التقرير أن النظام الإيراني لن يتراجع بعد أي هجوم أمريكي إلا إذا اعتقد رجال الدين في طهران أن حكمهم في خطر. وذكرّ بهذا السياق، بأن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي قال مؤخراً، إن الولايات المتحدة تسعى إلى تجنب الحرب مع إيران، وهو ما يمثل رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة ليس لديها مصلحة في تهديد النظام في طهران.
ورأى التقرير أن نمط الرد الأمريكي على مهاجمة القواعد الأمريكية في المنطقة “لا يؤدي سوى إلى تشجيع إيران ووكلائها، مما يعزز التصور بأنهم يستطيعون العمل مع الإفلات من العقاب”، وأنه من أجل ردع إيران ووكلائها بشكل فعال، يتحتم على الولايات المتحدة أن “تتبنى إستراتيجية أكثر استباقية وشمولية، بما في ذلك استهداف الأصول الإيرانية مباشرة، وفرض تكاليف كبيرة عليها، والإشارة إلى الاستعداد للتصعيد في حال لزم الأمر”.
وخلص التقرير الأمريكي إلى القول إن “وقت أنصاف التدابير قد انقضى، ويتحتم على الولايات المتحدة القيام بالخطوات المطلوبة لمواجهة أنشطة إيران الخبيثة وتوفير مستقبل أكثر استقراراً وسلاماً للمنطقة”.