حرية – (25/2/2024)
ملامح جمركية تشير إلى امتداد اختبار القوة خلال الأعوام المقبلة أياً كان الفائز في الانتخابات الرئاسية سواء بايدن أو ترمب
تطورت سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين من حرب تجارية على وقع رسوم جمركية مشددة في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى إجراءات هادفة تفرض على قطاع التكنولوجيا أو على الاستثمارات في عهد جو بايدن، ومن المتوقع أن يستمر اختبار القوة أياً كان الفائز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ففي بلد يسوده حالياً استقطاب شديد على مختلف المستويات، ثمة موضوع واحد يلتقي حوله الجمهوريون والديمقراطيون، وهو السياسة تجاه الصين التي لا يمكن برأي الخبراء سوى أن تزداد تشدداً سواء عاد الجمهوري ترمب إلى البيت الأبيض أو بقي فيه الديمقراطي جو بايدن لولاية ثانية.
وقال الباحث في معهد بروكينغز للدراسات جوشوا ميلتزر “أعتقد أن الضغط لا يمكن سوى أن يذهب في اتجاه واحد في واشنطن، نحو مزيد من الهجومية” تجاه الصين.
وعند وصوله إلى البيت الأبيض في 2021، أبقى بايدن على الرسوم الجمركية المشددة التي فرضها سلفه. أضاف إليها سلسلة من التدابير المحددة الأهداف قلصت من إمكانية حصول بكين على التكنولوجيا المتطورة ولا سيما في مجال بعض الرقائق الإلكترونية وحدت من الاستثمارات الأميركية في هذا البلد.
وبموازاة ذلك، شجعت الإدارة الأميركية نقل أنشطة الشركات إلى الولايات المتحدة، كما يسعى المسؤولون لتعزيز الاكتفاء الذاتي في مجالات أساسية بما فيها إمدادات الطاقة النظيفة.
وقال ميلتزر لوكالة الصحافة الفرنسية “هناك حالياً ضغوط في الكونغرس للمضي أبعد”.
وإن كان الحزبان يتفقان على الخطوط العريضة، إلا أنهما يختلفان حيال النهج الواجب اتباعه، وفق ما أوضح جاميسون غرير المحامي في مكتب “كينغ أند سبالدينغ” الدولي.
وقال الممثل السابق للتجارة في البيت الأبيض في عهد ترمب إن هناك من جهة الذين يعتبرون أن الصين تطرح خطراً وجودياً على الولايات المتحدة سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني، وهناك من جهة أخرى الذين يحذرون من المبالغة في تقدير حجم الخطر الصيني، مما سيؤدي إلى عواقب تضر بالتجارة والاقتصاد.
لكن بمعزل عن الاختلافات، فإن الطرفين يعتبران أن الصين تطرح أخطاراً، وهو توجه طغى على الحزبين منذ نحو 10 سنوات.
ورأى جاميسون غرير أن “هذا تصاعد خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016، حين تناول المرشح دونالد ترمب في العلن المسائل التجارية، وتحديداً الصين”. أضاف أن ترمب جاهر بأمر كان كثر “موافقين عليه من الطرفين” من دون أن يعبروا عنه.
ورأى جوشوا ميلتزر أن جو بايدن لا يتوقع “التوصل إلى اتفاق مع الصين تقوم بموجبه بهذه الإصلاحات والتغييرات الكبرى”، بل ستسعى إدارته بالأحرى إلى “التكيف مع واقع الصين” و”ضم الحلفاء إليها”، مع العمل على “خفض الأخطار من الناحية الأمنية أيضاً”.
في المقابل، اعتبر الباحث أن ترمب سيعمد إلى تشديد الضغط على الصين لحملها على تطوير موقفها، وهو ما يتفق مع النهج الذي اتبعه خلال ولايته الرئاسية ومع اتفاق تجاري انتزعه من الصين في ظل التصعيد حول رسومه الجمركية المشددة.
وأعلن ترمب الذي يرجح أن يفوز بالترشيح الجمهوري للبيت الأبيض، منذ الآن أنه يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المئة في زيادة يتوقع أن يقابلها رد صيني، مما يهدد بحسب الخبراء بشل التجارة بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم.
وحذر جوشوا ميلتزر “أعتقد أننا سنرى عودة أكبر بكثير إلى الرسوم الضريبية، أعتقد أننا سنرى كذلك تعاوناً أقل بكثير مع الحلفاء” مضيفاً أن “الولايات المتحدة ستكون أكثر عزلة بكثير حول بعض هذه المسائل”.
أما جو بايدن، فمن المتوقع في حال فوزه بولاية ثانية أن يواصل سياسته الحالية القاضية باتخاذ تدابير محددة الهدف، يقابلها تعزيز التعاون مع الصين حول مسائل مثل التغير المناخي وإيجاد هامش أكبر للتفاوض مع زوال ضغط الحملة الانتخابية الذي يدفعه إلى الظهور في موقع متشدد تفادياً لانتقادات معسكر ترمب.
وأياً كانت نتيجة الانتخابات، فإن الرئيس المقبل سيسعى إلى الحفاظ على التفوق التكنولوجي الأميركي.
وقال خبير المسائل الصينية في شركة “أولبرايت ستونبريدج غروب” للاستشارات بول تريولو إن “الحكومة الأميركية ستبقي على القيود في مجال التكنولوجيا وستضيف إليها” قيوداً في مجالات أخرى مثل التكنولوجيا الحيوية والسيارات الكهربائية والسيارات الذكية.
لكن إدارة ترمب في حال فوزه قد تبذل بحسبه جهوداً أقل من أجل إعادة توطين مراكز إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة وكذلك من أجل رصد استثمارات كبرى في الإنتاج المحلي للسيارات الكهربائية وفي سلاسل إمداد حساسة.
ولفت تريولو إلى أن القيود قد تشمل أيضاً نقل البيانات إلى شركات أو منظمات تتخذ مقراً في الصين.
واعتبرت وزيرة التجارة جينا ريموندو الشهر الماضي أن السيارات الكهربائية الصينية تطرح خطراً أمنياً نظراً إلى كمية البيانات التي تجمعها.