حرية – (29/2/2024)
يتوجه الناخبون الإيرانيون البالغ عددهم 61 مليوناً غداً الجمعة، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس الشورى ومجلس خبراء القيادة.
وينتخب الإيرانيون أعضاء مجلس الشورى الـ120 لمدة أربع سنوات في اقتراع من دورة واحدة، ويختارون أعضاء مجلس خبراء القيادة، وهي هيئة مؤلفة من 88 عضواً من رجال الدين، لمدة ثماني سنوات بالاقتراع العام المباشر، تقوم باختيار المرشد الأعلى الجديد، وتشرف على عمله وعلى إمكانية إقالته.
يتنافس 15200 مرشّح على 290 مقعداً في البرلمان (مجلس الشورى الإسلامي) الذي يُنتخب أعضاؤه كلّ أربع سنوات.
وكان مجلس صيانة الدستور، المكوّن من رجال دين وقانونيين، قد وافق على ترشّح هذا العدد الذي يعتبر قياسياً منذ الثورة الإسلامية في العام 1979، من بين حوالى 49 ألف شخص تقدّموا بطلب الترشيح.
وهذه الانتخابات هي الأولى منذ الحركة الاحتجاجية التي قادتها نساء وهزّت إيران في نهاية العام 2022، إثر وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
علي صفوي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، تحدث لـ”النهار العربي” عن المشهد الانتخابي والانعكاسات المحتملة لانتفاضة مهسا أميني على الاستحقاق. وهنا نص الحوار:
+كيف تقرأ المعارضة الإيرانية المشهد الانتخابي في إيران استناداً الى أسماء المرشحين وعددهم وأجواء الحملات الانتخابية؟
– هذه ليست انتخابات بالمعني الحقيقي. كل العمليات الانتخابية في إيران، سواء أكانت محلية أو وطنية أو برلمانية أو رئاسية ليست إلا واجهة. ويطالب مجلس صيانة الدستور غير المنتخب المؤلف من 12 عضواً، والمسؤول عن التدقيق في أسماء جميع المرشحين، بالولاء المطلق والواضح للمرشد الأعلى علي خامنئي. ومن بين هؤلاء الأعضاء، يعين خامنئي ستة من رجال الدين بشكل مباشر، بينما يتم تعيين الستة الباقين من رئيس السلطة القضائية، الذي يختاره خامنئي أيضاً.
وبالتالي فإن الانتخابات مجرد مسرحية، وبعيدة كل البعد عن كونها فرصة حقيقية للشعب الإيراني للتعبير عن إرادته بحرية. ويتوحد المرشحون من كافة الفصائل حول هدف مشترك يكمن في الحفاظ على بنية السلطة القائمة، مما يجعل العملية مجرد اختيار يتنكر في هيئة انتخابات. وفي هذه الانتخابات خصوصاً، ذهب مجلس صيانة الدستور إلى حد استبعاد الأفراد الذين كانوا في قلب النخبة الموالية للنظام منذ بدايته. ويشمل ذلك شخصيات مثل حسن روحاني، الذي شغل منصب الرئيس لمدة ثماني سنوات، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي لمدة ستة عشر عاماً، وتولى العديد من الأدوار المهمة مثل وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، وعضوية مجلس خبراء القيادة ومجلس الخبراء والبرلمان. وقد دانت المعارضة الإيرانية باستمرار هذه المهزلة الانتخابية، وسلطت الضوء على افتقارها التام للشرعية، وحضت الإيرانيين على مقاطعة العملية الانتخابية.
+الانتخابات الإيرانية المقبلة هي الأولى منذ انتفاضة مهسا أميني. كيف تتوقعون أن تنعكس تلك الانتفاضة على الاستحقاق المقبل؟
– خلال انتفاضات 2017-2018 و2019 و2022، أصدر الإيرانيون حكماً واضحاً: هم يطالبون بالإطاحة الكاملة للحكومة الدينية الحاكمة. وعلى غرار ما حصل قبل أربع سنوات، من المتوقع أن يقاطع الشعب الإيراني هذه الانتخابات المزعومة إلى حد كبير. وبدأت بالفعل حركة على مستوى البلاد، بقيادة وحدات المقاومة المرتبطة بجماعة المعارضة الإيرانية الرئيسية، “مجاهدي خلق”. وتنشط هذه الحركة في تفكيك دعاية النظام من خلال تمزيق ملصقات المرشحين، التي ترمز إلى رفضهم للمهزلة الانتخابية وتطلعهم إلى تغيير حقيقي.
علي صفوي.
+إيران اعتبرت دائماً مستوى المشاركة العامة في الانتخابات دلالة على دعم الشعب للنظام السياسي. ما هي توقعاتكم للمشاركة هذه المرة؟
– في المجتمعات الديموقراطية، كثيراً ما يُنظر إلى نسبة إقبال الناخبين على التصويت باعتبارها مقياساً لشرعية الانتخابات. ومع ذلك، أصبحت الانتخابات بلا معنى، وليست إلا واجهة للحكومة للمطالبة بقشرة من الشرعية. الغالبية العظمى من الإيرانيين قاطعت تاريخياً مثل هذه الانتخابات، رافضين صحتها. ورداً على ذلك، يقوم النظام عادة بتضخيم أرقام الإقبال، وغالباً ما يبالغ فيها بمقدار أربعة إلى خمسة أضعاف الأعداد الفعلية. وفي ما يتعلق بالانتخابات الحالية، فحتى استطلاعات الرأي التي أجرتها وكالات الدولة تشير إلى معدل مشاركة أقل من 30% على المستوى الوطني و5% في العاصمة طهران، وتتألف في المقام الأول من الموالين للنظام، والعسكريين، وأعضاء الحرس الثوري الإسلامي، وموظفي الدولة الذين يجبرون على التصويت كشرط للحصول على رواتبهم.
+هل يزيد تعدد القوائم الانتخابية حظوظ المرشحين المستقلين، أو المنضوين تحت تحالف المعتدلين والمحافظين؟
-خضع كل مرشح لعملية تدقيق صارمة لإظهار ولائه الثابت، سواء في المعتقد أو السلوك، للمرشد الأعلى. ونتيجة لذلك، تفتقر الانتخابات إلى أي مرشحين مستقلين، مما يضمن عدم السماح إلا لأولئك المنسجمين تماماً مع أيديولوجية النظام بالترشح. اختبار الولاء هذا صارم للغاية لدرجة أنه حتى الأفراد الذين كانوا يعتبرون موالين للنظام في السابق تم استبعادهم لعدم استيفائهم لمعيار الإخلاص المطلق.
ومن المقرر أن يقاطع الشعب الإيراني بأغلبية ساحقة هذه المهزلة الانتخابية. وحتى أن مسؤولين من مختلف فصائل النظام أعربوا عن نيتهم بعدم المشاركة، معترفين بأن الانتخابات لن تحدث أي تغيير. ويفتقر الممثلون المنتخبون إلى السلطة الحقيقية لإحداث التغيير، لأن سلطة اتخاذ القرار النهائية تقع على عاتق خامنئي ومكتبه والحرس الثوري الإيراني وأجهزة الاستخبارات. في الأساس، يعمل البرلمان فقط كأداة لخامنئي، إذ يمكّنه من تنفيذ توجيهاته دون معوّقات.