حرية – (10/3/2024)
أعدّ نائب رئيس هيئة “الأمن القومي” في “إسرائيل” سابقاً، تشاك فرايليخ، دراسة موسعة عن السايبر الإيراني، وخطره على “إسرائيل”، أشار فيها إلى أن إيران كانت من أوائل الدول التي صاغت استراتيجية سيبرانية وطنية منهجية، تضمنت إنشاء مؤسسات، وتطوير قدرات تكنولوجية.
ويعود ذلك، بحسب فرايليخ، إلى تطورين رئيسين في إيران، هما: استخدام “المعارضة الإيرانية” (المدعومة من واشنطن والغرب) الإنترنت، بشكل فعال، لإذكاء حدة المظاهرات؛ وهجوم “ستكسنت” الإسرائيلي – الأميركي المشترك، الذي استهدف في العام 2010، البرنامج النووي الإيراني.
ومنذ ذلك الوقت، تطورت قدرات إيران السيبرانية بشكل كبير، لدرجة أنه اليوم أصبح من المتعارف عليه، تصنيف إيران على رأس “الدائرة الثانية” من القوى العظمى السيبرانية في العالم، ورجح فرايليخ أن تستمر إيران في النمو بشكل أقوى في المجال السيبراني، وأن تزداد العمليات السيبرانية الإيرانية، ويزداد أيضاً مستوى تطورها.
ولفت فرايليخ إلى أن إيران على الرغم من أنها تنظر بقلق إلى المجال السيبراني، كوسيلة تخريبية ضدها، إلا أنها ترى فيه أيضاً عنصراً مهماً بيدها في استراتيجيتها التي تهدف إلى الإضرار بقوة “إسرائيل” العسكرية، وتقويض مكانتها الدولية، بشكل يؤدي في النهاية إلى انهيارها.
وأشار فرايليخ إلى أن إيران تنظر إلى قدراتها في مجال السايبر، على أنها عنصر مكمل وداعم لقدراتها الدبلوماسية الاقتصادية والعسكرية، في سياق تعزيز الردع لديها.
وأضاف فرايليخ إلى أن “إسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية، هما المنافسان الرئيسيان لإيران في المجال السيبراني، وهي تدير ضدهما صراعاً مستمراً، معظمه تحت الرادار.
ويحظى المجال السيبراني بأهمية خاصة بالنسبة لإيران، يحسب فرايليخ، لأن منافسيها الرئيسيين (الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل) يعتمدون عليه أكثر منها بكثير، وبالتالي هم أكثر عرضة للهجمات منها.
إيران تعارض أصل وجود “إسرائيل”
حذر فرايليخ في دراسته، من أن العداء الإيراني لـ”إسرائيل” أساسي، وهو غير قابل للتغيير، ولفت إلى أنه في السنوات الأخيرة، تدير إيران ضد “إسرائيل” معركة متواصلة من الضربات السيبرانية المتبادلة.
وتتضمن هجمات التعطيل والتدمير، وعمليات تجسس ووعي، وذلك لعرقلة أنشطة إسرائيلية متنوعة وإلحاق الضرر بها، وجلب معلومات سرية كثيرة، لا سيما حول السياسة النووية لـ”إسرائيل”، والتفكير السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية و”إسرائيل”.
ولأن “إسرائيل” هي الخصم الرئيسي لإيران في المجال السيبراني، وفي جميع المجالات الأخرى، وفقاً لفرايليخ، تسعى إيران جاهدة صراحة لتدمير عدوتها – “إسرائيل”، فالعداء الإيراني لها أساسي، ولا ينبع من هذه السياسة أو تلك، والتي تستطيع “إسرائيل” أن تغيرها لتخليص نفسها منها، فمعارضة إيران هي لأصل وجود “إسرائيل”.
وشدد فرايليخ على أنه من وجهة نظر “إسرائيل”، الخطاب الإيراني ضدها بعيد كل البعد عن الكلام الفارغ، بل على العكس من ذلك، منذ تأسيسها كرست الجمهورية الإسلامية في إيران الكثير من الجهود والموارد لأنشطتها ضدّ “إسرائيل”، بحيث لا يوجد في “إسرائيل” أي طرف مسؤول، يتجاهل خطورة التهديد الإيراني، لا سيما لجهة برنامج إيران النووي، الذي يعد التهديد الرئيسي لأمن “إسرائيل” القومي، والتهديد الوجودي الوحيد الذي تواجهه، لذلك عليها التعامل معه على محمل الجد.
هجمات إيران السيبرانية ضد “إسرائيل”
أفرد فرايليخ جزءاً كبيراً من بحثه لتوثيق الهجمات السيبرانية الرئيسة التي نفذتها إيران ضدّ “إسرائيل” في الفترة الأخيرة، فأشار إلى ما يلي:
في العام 2012، نُفذ هجوم ضدّ خوادم الكمبيوتر التابعة للشرطة الإسرائيلية، وكان من الضروري فصل خوادم الشرطة عن أي اتصال للأنظمة الخارجية، وعزل كل الشبكة، حتى تتم إزالة جميع عمليات التطفل على الخوادم، وعمل فريق كبير لأسبوع كامل على مدار الساعة لإكمال المهمة.
في العام 2012، استهدفت حملة تصيد رجال أعمال (إسرائيليين) في مجالات البنية التحتية الحيوية والخدمات المالية، فضلاً عن موظفي سفارات، وكالات حكومية، شركات أمنية، شركات تكنولوجيا المعلومات، المؤسسات الأكاديمية وسلطات محلية في “إسرائيل” والولايات المتحدة ودول أخرى.
في الأعوام 2013 – 2017، نجح إيرانيون في اختراق أنظمة حاسوب 320 جهازاً في الجامعات، في الولايات المتحدة، و في “إسرائيل” وأماكن أخرى.
في العام 2014، شنّ هجوم على نطاق واسع، ضدّ نظام الاتصالات المدنية في “إسرائيل”، وحاول التسبب في زيادة التحميل على نظام دي أن أس.
في العامين 2015 و 2016، وقع هجوم إيراني ضدّ البنية التحتية الحيوية في “إسرائيل”، ومنها شبكة الكهرباء.
في العام 2017، هوجمت سفارات إسرائيلية في الخارج، وسفارات أجنبية في “إسرائيل”، و120 وكالة حكومية ومؤسسة أكاديمية وشركة كمبيوتر في “إسرائيل”.
في العام 2018، استهدفت هجمات السايبر الإيرانية علماء نوويين إسرائيليين، حيث تم استخراج كميات كبيرة من المعلومات، حول أهداف إسرائيلية.
في العامين 2019 – 2020، نفذت سلسلة هجمات، ضدّ البنية التحتية الحيوية في “إسرائيل”، ومنها إمدادات المياه، والصرف الصحي. وأدى القلق من ذلك في “إسرائيل” إلى عقد اجتماع خاص للجنة “الأمن القومي” حول ذلك، فيما وصف رئيس النظام السيبراني الإسرائيلي الهجوم، بأنه (نقطة تحول في تاريخ حرب السايبر الحديث).
في العام 2020، نفذ هجوم كبير مدمر لمسح المعلومات، وتم شنّ 19 ألف هجمة إلكترونية ضد شركات إسرائيلية.
في العام 2020، هوجم موقع صناعة الطيران الإسرائيلية، ويحتمل أن يكون الهجوم اخترق الأنظمة المضادة للصواريخ، والطائرات بدون طيار، والسلاح موجه.
في العام 2021، تم الكشف عن هجوم استمر لمدة سنتين وطال أنظمة العديد من الشركات الإسرائيلية، حيث تم الوصول إلى معلومات سرية على مختلف المستويات.
في العام 2022، هوجمت وزارة المالية الإسرائيلية بنجاح، وتم الحصول على معلومات حساسة حول النظام المالي في “إسرائيل”.
في العام 2022، ارتفعت الهجمات ضد “إسرائيل” بدرجة كبيرة، وهوجمت قائمة طويلة من شركات الطاقة الإسرائيلية، كما تمكن القراصنة الإيرانيون من الحصول على بيانات حساسة، بما في ذلك ملكية فكرية ومعلومات مالية. وأغلقت البورصة في “تل أبيب” لبضع ساعات، كما هوجم ميناء “أسدود”.
وأدت هجمات سيبرانية أيضاً إلى تعطيل نظام التحكم في الحركة الجوية في “إسرائيل”، وحصل إلغاء للعديد من الرحلات الجوية، وتعطلت حركة الركاب. كما تسبب هجوم غير مسبوق في حجمه، ونطاقه، في إعلان النظام السيبراني في “إسرائيل” حالة الطوارئ. وأدى هجوم آخر إلى تعطيل الخدمة مؤقتاً في المواقع الإلكترونية لعدة وزارات حكومية، بما في ذلك مكتب رئيس الحكومة.
في العام 2023، وجهت هجمات سيبرانية ضد الجامعات الإسرائيلية، وضدّ سلسلة من الأهداف الحكومية والتجارية. وأدت إلى تعطيل مواقع إلكترونية كثيرة.
في العام 2023، اخترقت أنظمة 32 شركة إسرائيلية، بهدف الحصول على معلومات حساسة.
إيران والهجمات السيبرانية على الوعي
رأى فرايليخ أن عمليات الوعي تشكل عنصراً أساسياً في العمليات السيبرانية الإيرانية ضدّ “إسرائيل”، فهي تهدف من خلال هذا النوع من العمليات الوعي، إلى إثارة الخلافات الداخلية في “إسرائيل” (أو تعزيزها)، ومواجهة مواقف “إسرائيل” بشأن العديد من القضايا الهامة، وتعزيز الردع الإيراني.
كما تهدف عمليات الوعي الإيرانية أيضاً إلى المساهمة في الجهود الشاملة، التي تبذلها طهران لعزل “إسرائيل”، وتقويضها “شرعيتها” الأساسية.