حرية – (27/3/2024)
يقضي كثيرون حول العالم وقتاً طويلاً في البحث عن اسم مميز عندما يعرفون أنهم سيرزقون بطفل عما قريب، وهو الوقت نفسه الذي قد يقضيه شخص أو مجموعة أشخاص أرادوا البدء بتأسيس عمل ويبحثون عن اسم لعلامتهم التجارية.
قد لا يحتاج اسم العلامة التجارية للبحث المطول في المعاجم كأسماء المواليد الجدد، لكنه لا يقل أهمية في الهدف والغاية والأثر الذي يريد أصحابه تركه عند الآخرين إن كان حروفاً أم شكلاً رمزياً يدل على معنى محدد.
وتعتبر العلامة التجارية بأبسط أشكالها نوعاً من التوقيع يميزها عن بقية العلامات الأخرى، ويحدد إطارها وخواصها وصفاتها ونوعها إن كان منتجاً أو خدمة معينة، وهي تخبر العملاء بشيء ما عن العمل وتبني رابطاً معيناً أو شعوراً وفكرة ربما، وهذا ما حظيت به الشركات الكبرى في العالم، إذ لا تكاد تلفظ بعض الأسماء أو ترى بعض الرموز إلا ويتبادر إلى الذهن بكل سهولة من هي الشركة وبماذا تختص وماذا تقدم… فما قصة بعض العلامات التجارية العالمية؟
المعنى الحقيقي
في الأعوام العشرة الأخيرة، أَلِف المستهلكون حول العالم علامات تجارية بعينها من دون معرفة معناها وأصلها وما الغاية من اختيار اسم بعينه، مثل “سامسونغ” SAMSUNG التي عرفها الكثيرون من خلال هذه الحروف التي تكونها من دون الذهاب إلى معناها الحقيقي.
ففي كوريا تعني كلمة سامسونغ ثلاث نجمات، وقد حمل هذا الاسم رؤية مؤسس الشركة لي بيونغ شول حول الشركة التي أراد لها أن تسطع كنجم لامع عملاق وقوي في السماء وإلى الأبد، وهذا يعني أن الكلمة مؤلفة من مقطعين لمعنيين، إذ كانت غاية المؤسس أن يشير بكلمة “ثلاث” إلى كِبر الحجم والوفرة والقوة، بينما تشير كلمة “نجمات” إلى الإشراق والعُلو والسطوع الخالد.
شعار شركة تويوتا
وتطور هذا الشعار عبر أعوام عدة منذ 1969 إلى اليوم، إذ ظل استخدام الثلاث نجمات التي تمثل رؤية سامسونغ حتى عام 1993، حين بادرت الشركة بتغيير العلامة التجارية بالكامل، واختارت اللون الأزرق، فصممت شعاراً جديداً أبيض اللون على خلفية بيضاوية زرقاء، فكانت لوحة ألوان بسيطة وعميقة.
إذ كان اللون الأساسي الأزرق الداكن ثابتاً في تصميم شعار سامسونغ منذ الستينيات، وهو يرمز إلى الموثوقية والتراث الغني للعلامة التجارية في كوريا الجنوبية، بحيث يخلق إلى جانب اللون الأبيض إشارة بصرية تلفت الانتباه.
وتعتبر “سامسونغ” من أنواع أسماء العلامات التجارية المبنية على المشاعر التي قد يرتبط بها المستخدم، وتتكون العلامة التجارية من كلمات توحي أو تلمح إلى طبيعة المنتج أو الخدمة أو أي من سماتها من دون وصف المنتج أو الخدمة. فالعلامة التجارية الموحية لها ارتباط معين بالمنتج أو الخدمة المعنية ولكن الاتصال ليس واضحاً على الفور، ويتعين على المستهلكين الاعتماد على خيالهم لإجراء اتصال ذهني بين العلامة التجارية وهدفها، ومثلها علامات شركات “بامبرز” و”دوف” و”أوبر”، وهذه الأخيرة يوحي اسمها المأخوذ من الألمانية über إلى الأفضل والعلو، فهي تعني الأسمى أو الأعلى أو الممتاز.
الأصل في الاسم
وهناك أسماء ماركات عالمية تكون على اسم مؤسسها، ومنها “تويوتا” TOYOTA، حيث كانت المركبات تباع تحت اسم “تويودا”، وهو اسم عائلة مؤسس الشركة “كيشيرو تويودا”، لكن ريسابورو تويودا، الذي تزوج من العائلة ولم يكن يحمل الاسم، فضل استخدام تسمية “تويوتا” لأنها أسهل كتابة في اللغة اليابانية، ومظهرها أبسط وتسمع أفضل بحرف التاء، و”تويودا” يعني حرفياً حقل الرز الخصيب، وفي عام 1937 سجل الاسم الجديد شركة “تويوتا” للسيارات بشكل رسمي، وبحلول سبتمبر (أيلول) من عام 1947، كانت سيارات “تويوتا” المتوسطة الحجم تباع تحت اسم “تويوبت”، وكانت أول سيارة تباع تحت هذا الاسم “تويوبتSA ” إلى أن اقتحمت الشركة السوق الأميركية بالسيارتين “تويوبت كراون” و”تويوبت كورونا”، ولكن لم يلق الاسم استحسان الناس لأنه قريب من (Toy) وتعني لعبة و(pet) التي تعني الحيوان المنزلي الأليف، واستمر هذا الاسم حتى منتصف عقد الستينيات من القرن الـ20.
و”تويوتا” تحتوي على ثلاث دوائر، الدائرة الداخلية ترمز إلى العميل والدائرة التي تليها مباشرة ترمز إلى المنتج والدائرة الكبيرة ترمز إلى التطور التقني في مجال الصناعة، وقد فاز شعار “تويوتا” بالمرتبة السابعة من بين 100 شعار للشركات على مستوى العالم، ويقدر قيمته بـ 27941 مليون دولار بحسب موقع BUSINESS WEEK.
كلمة Net مشتقة من كلمة إنترنت وFlix هي نسخة مختصرة من كلمة flicks
مختصر مفيد
أما الشركات التي تحمل الأسماء المختصرة، فيقول الخبراء إنه من الذكاء تجنبها، إذ تستخدم عادةً عند الضرورة بسبب الاسم الطويل أو المعقد، وهي مصنوعة من حروف وأرقام لتقصير الاسم. ويعتبرون أن الشركات الناشئة تواجه اليوم صعوبة في التفكير في مبرر مقنع لاستخدام اختصار لاسم الشركة، فعادة يكون من الصعب على الجمهور تذكر الاختصارات، وأكثر من ذلك صعوبة في تسجيلها كعلامة تجارية.
ومن أمثلتها IBM وهي شركة تعنى بتكنولوجيا المعلومات من الولايات المتحدة، تأسست عام 1889 باسم ITRC، وهي اختصار لشركة International Time Recording Company، وبدأت قصة شركة “آي بي أم” عام 1911، وقد اعتمدت آلاف الأعمال الدولية رسمياً اسم الشركة عام 1924، لتتحول رحلة IBM إلى قصة غنية بمعالم الابتكار، بما في ذلك تطويرها الرائد لشعار IBM المكون من ثمانية أشرطة، وهو رمز الموثوقية والابتكار، والذي وجد مكانه في متحف الفن الحديث كرمز للتصميم المميز.
وأصبح شعار شركة International Business Machines IBM عام 1947، فقد تكون من أحرف كبيرة مع لون أزرق فاتح منفذة في شكل مربع وضخم. وفي عام 1956 حافظت عملية إعادة التصميم على لوحة الألوان الخاصة بالشعار كما هي، ولكنها عملت على تحسين محرفها، ما أدى إلى إطالة الخطوط الرقيقة وجعلها أكثر وضوحاً، وأجري تغيير آخر على المساحة السالبة للحرف B، والتي تحولت إلى مربعين باللون الأبيض.
سناب شات
وقدمت النسخة الأولى من شعار المخطط الشهير اليوم لـ IBM عام 1967، وكانت نسخة معدلة من الشعار السابق، إذ قطع النقش الأزرق أفقياً إلى 13 شريطاً متساوياً، وفي عام 1972 خفض عدد الخطوط إلى ثمانية، فأعطى الشعار إيحاء بالجرأة والثقة، كما أدى استخدام الظل الداكن للون الأزرق إلى زيادة الشعور بالصلابة والقوة.
وفي عام 2018، قررت الشركة إعادة شعارها الأصلي الكامل من دون تخطيط والذي أنشئ عام 1956، ولكن مع تغيير لوحة الألوان الخاصة به، وأصبح الآن نقشاً أبيض لـ IBM في مستطيل رمادي داكن ذا اتجاه أفقي.
أنواع مختلفة
وهناك ما يعرف باسم العلامة التجارية المركبة، ويجمع هذا النوع من الأسماء كلمتين أو أكثر معاً لتكوين كلمة واحدة، وهي في الغالب كلمات مجردة لها معنى عندما تدمج في كلمة واحدة وتشرح شيئاً ما عن الشركة، وذلك اعتماداً على نوع التأثير الذي تريد إحداثه على جمهورك، فهناك العديد من الأساليب للأسماء المركبة.
و”سناب شات” هو مثال يشرح الفكرة، فتتمحور عمليات الشركة حول مفهومي الصور الفوتوغرافية Snap والتواصل الاجتماعي chat، ودمج هذين المفهومين في اسم العلامة التجارية، ومثلها NetFlix التي تتألف من مزيج من الكلمات، وهما كلمة Net مشتقة من كلمة إنترنت وFlix هي نسخة مختصرة من كلمة flicks التي ترادف كلمة movie فيلم.
كما أنه في كثير من الأحيان إذا كانت لدى شركة ما فكرة لاسم علامة تجارية، ولكنها ليست فريدة من نوعها، فيمكنها إضافة رقم لتميزها، حيث تجمع الأسماء التجارية الأبجدية الرقمية بين الحروف والأرقام لإنشاء اسم أكثر تميزاً مثل7UP وLife360.
إضافة إلى ذلك يوجد ما يعرف بأسماء العلامات التجارية المجردة، وهي كلمات أو أسماء مركبة تستخدمها الشركة لتحديد علامتها التجارية، ويمكن أن يكون لها بعض المعاني، ولكنها ليست كلمات يمكن العثور عليها في القاموس، فيتكون الاسم المجرد من مجموعة من المقاطع الصوتية ما يؤدي إلى إنشاء مصطلح جديد لم يكن موجوداً من قبل مثل Google، وTrello، وOreo.