حرية – 29/4/2024
سماح علي زيدان
في ظل سيطرة المليشيات والسلاح المنفلت والجريمة المنظمة مُسخت ملامح الوجه المجتمعي والوعي الجمعي حتى بدت التشوهات المليشياوية واضحة على معالمه
عقدين من الزمن مرت على العراق مُرها حنظل وحلوها لا فاكهة له
مرت كمرور الغيمة السوداء بلا مطر وغيث بل بمطر صيف اتلف الحصاد واهلك الحرث والنسل،أفلح فيها الطالح لا الصالح،سنين عجاف يمرض العراق ويمرض فيها لكن فيما يبدو أن المرض بات خطير وخبيث تفشي بكافة أعضاء جسده المجتمعية والاقتصادية والسياسية.
صراع المليشيات والسلاح المنفلت جملتان ونهجان أنهكت هيكلت البلد ،مصطلحان لم تمر على مسامعنا من قبل الإ في هذه الحقبة المريرة بات المجتمع هو الضحية الأكبر والخاسر فيها،حيث تهيمن بعض الفصائل والمليشيات المسلحة على الشارع العراقي،ولو تعمقنا في واقع العراق في ظل سيطرة المليشيات لوجدنا أن البلد لا تحكمه سوى شريعة الغاب اجتماعياً وسياسياً،حيث نمت وتشعبت مشاهد العنف وتفكك النسيج المجتمعي،وسادت سياسة التسقيط وخلق العداوات وكشف الملفات وذلك ان دل على شيء فهو يدل على هشاشة وضعف الدولة وينتقص من هيبتها.
تحول المجتمع لطبقات ومستويات،وذلك مايجعل الطبقة المسحوقة ناقمة على نظامها وحكامها وعلى ميسوري الحال في كنفها،ولأن السلاح لا يتم توظيفه الإ في مراتع الفقر والفساد والفوضى فهو يستند على هذه العكاكيز،ترعرع ونمى في العقدين الماضيين كون البيئة حاضنة من جميع الجوانب المجتمعية والسياسية و الإقتصادية.
يتطبع المجتمع اليوم من الذات الكياني المليشياوي حيث نجحت الأخيرة بنقل روح المليشيا المعنوية للوعي الجمعي وغسل أدمغتهم،وهذه نتيجة متوقعة كون المجتمع خارج من أزمة بجميع أطيافه ومذاهبه ومن ثم توالت عليه الأزمات،تحتاج المجتمعات على أقل تقدير من ثلاث إلى ٥ سنوات للتعافي من الأحداث والمشاهد والأزمات المؤلمة، وهذه الوعي المأزوم والموجوع تتحمل مسؤوليته الحكومات المتعاقبة التي لم تتحمل المسؤولية بشكل كامل تجاه شعب في حقبة العقد الماضي المؤلمة،بل صرفت شغلها الشاغل نحو الصراعات والإنجازات المستهلكة والصور والمحافل المعتادة لتخدر الشارع وتضحك على الذقون وتسكت الألسنة.
ولو تفحصنا قليلاً في أدوات محركات المجتمع اليوم نجد أن الأمر الذي لا يدركه أغلب عامة الناس هو أن الغطاء الذي أستخدمته الفصائل لبسط مفاهيم الفوضى، والفساد، والاستغلال، هو الدين والعاطفة، وعلى ضوء ذلك المجتمع هو من يعزز عامل الجريمة والفوضى وهي تطبق على جميع شرائحه اليوم.
نلاحظ أن ارتطام العقل الديني بالعقل الثقافي هو ما يأزم جدلية الوضع الراهن سياسياً واجتماعيا ً فتوظيف الدين داخل المجتمعات يفرض حالة من التأويل وربما تفسير الأحداث والمشاهد من دون تمحيص دقيق يخلق موجة من الأحكام البعيدة عن الثوابت والحقائق.
أما توظيف الدين في السياسة فهو ما يسهل استخدام المجتمعات وتحريكها بشكل مرن وبدون تعارض مع المصالح والأهداف وذلك لا يتم الإ داخل المجتمعات الأمية ولا تملك وعي عالي.
لعبت الفصائل على عامل الروحانية والعاطفة وسط مجتمع النظام السائد فيه هو التجهيل الممنهج وبسط الموروثات القديمة وسياسة الإفقار
اتبعت في منهجيتها المنطقية وخفض الوعي بغطاء التوعية والمعرفة.
إن أردنا تغير المسار المجتمعي ووعيه فيجب على الحكومات العمل والتركيز على :رفع الوعي الثقافي والأدبي والعلمي،وزيادة رفاهية الفرد،ونبذ العنف، والكراهية،بسط نفوذ الدولة والحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي،والحث على السلام