حرية – (15/5/2024)
تواصل الصين الكشف تباعاً عن طائراتها المقاتلة، في إطار تأكيد حضورها كقوى عظمى، فما قصة مقاتلة “التنين السريع” جي-10سي التي تتحدى بها بكين الإف-16 الأمريكية؟
تعتبر الطائرات المقاتلة أهم عنصر من عناصر القوات الجوية في الجيوش، وكان لافتاً أن طائرة شبحية صينية قد احتلت المركز الثاني بين أفضل المقاتلات في السماء لعام 2024، لكن يبدو أن بكين تريد المزيد.
“التنين السريع”.. مقاتلة صينية
مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية نشرت تقريراً، عنوانه “جي-10 سي.. مقاتلة الصين التي لا يجب العبث معها”، يلقي الضوء على مواصفات ومزايا الطائرة الحربية التي يسميها الصينيون “التنين السريع”، بينما يسميها حلف الناتو “طائر النار”.
في ظل التحديثات التي تم الكشف عنها مؤخراً، تسعى الصين بنشاط إلى جعل مقاتلتها جي-10 سي طائرة مغرية للجيوش الأخرى، وبخاصة في الشرق الأوسط، بعد أن نجحت بكين في صفقتها الخارجية الأولى من هذا التنين السريع وكانت إلى باكستان.
الطائرة، واسمها الرسمي تشينغدو جي-10 سي “التنين السريع”، لها وزن متوسط ومحرك واحد وهي مقاتلة متعددة المهام، كشفت عنها القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصبي عام 2023، من خلال عرض قدمه “فريق الاستعراض الجوي الأول من أغسطس/آب” في معرض دبي للطيران.
كان ذلك الاستعراض هو أول ظهور للمقاتلة الصينية في منطقة الشرق الأوسط بعد تحديثها بصورة لافتة. تم تطوير المقاتلة جي-10 سي في البداية للخدمة بشكل أساسي في تحقيق التفوق الجوي وتنفيذ مهام الضربات الجوية الخاطفة، وهو ما يجعل منها المقابل الصيني للمقاتلة الأمريكية الإف-16 الصقر المحارب.
تسليح “التنين السريع”
من ناحية التسليح فإن “التنين السريع” مجهز للغاية، حيث توجد 11 نقطة صلبة خارجية، تشمل 5 على جسم الطائرة وواحد في خط المنتصف، إضافة إلى زوج من النقاط الصلبة على جانبي جسم المقاتلة و3 على كل جناح.
ويمكن لكل نقطة من هذه النقاط أن تحمل صواريخ جو-جو مثل صواريخ البايثون صينية الصنع أو صواريخ فيمبيل الروسية بموديلادتها المتنوعة.
وبحسب تقرير لموقع تكنولوجيا سلاح الجو الأمريكي، فإن الصاروخ PL-8 وهو صاروخ جو-جو قصير المدى يعمل بالأشعة تحت الحمراء، يتم تصنيعه في الصين بموجب اتفاقية مع أكاديمية الصين، فهو أحد طرز الصاروخ بايثون3 الإسرائيلي. أما الصاروخ PL-11 فيتم إنتاجه في الصين بموجب رخصة من الشركة الإيطالية التي تصنع هذا النوع من الصواريخ جو-جو متوسطة المدى.
أما عندما تكون المهمة القتالية للتنين السريع هي إسقاط القنابل، يمكن للمقاتلة الصينية أيضاً أن تحمل حتى 6 قنابل زنة الواحدة منها 500 كغم، وهي قنابل يتم توجيهها بالليزر، إضافة إلى قنابل انزلاقية أو مدافع لإطلاق قذائف 90 مم دون توجيه. وتحمل المقاتلة مدفعا بماسورة واحدة قطرها 23 مم.
هذا ليس كل شيء، فالمقاتلة الصينية متعددة المهام مجهزة أيضاً بمؤشر أمامي يعمل بالأشعة تحت الحمراء ومحدد للأهداف يعمل بالليزر. كما تم تطويرها لتكون قادرة على دعم ونشر أنظمة أسلحة الليزر التي يتم توجيهها عبر الأقمار الصناعية.
ولا تتوقف سمات التنين السريع عند هذا الحد، فالمقاتلة مجهزة برادار متطور للغاية وقادر على اقتفاء أثر 10 أهداف في الوقت نفسه، وتدمير 4 منها على الأقل، وذلك في إطار استهداف يبلغ 100 كلم في حده الأقصى.
الصين تسعى للتصدير
تحتوي المقاتلة الصينية على سمات ملاحة جوية متطورة وجناح دلتا فريد من نوعه وتصميم أسطوري بغرض توفير خصائص مناورة محسنة. وتدمج الطائرة خليطاً من التكنولوجيا الصينية المحلية والأجنبية، بما فيها المحركات الصينية وتقنيات الصواريخ صينية الإنتاج.
ومع إدخال التحديثات الأخيرة، تسعى الصين لجعل المقاتلة جي-10 سي طائرة جاهزة للتصدير لدول مثل مصر والجزائر والسعودية، بعد نجاح أول صفقة منها إلى باكستان.
وفي هذا الإطار، كان العرض الجوي لفريق الاستعراض الصيني التابع لسلاح الجو في الجيش بمثابة تحول استراتيجي من مشترٍ للمعدات العسكرية الثقيلة إلى مورد عالمي مهم في هذا المجال.
وكان هذا الظهور للمقاتلة الصينية في سماء معرض دبي مؤشراً على مدى اهتمام الصين بتسويق الطائرة في الشرق الأوسط. فحتى مايو/أيار 2023، كان الفريق الاستعراضي الصيني يتدرب على جي-10 إيه وهو طراز أقدم من هذه المقاتلة.
وتفيد تقارير بأن مصر قد عبرت في السابق عن اهتمامها بالمقاتلة جي-10 سي، بينما دخلت الجزائر والسعودية في محادثات بالفعل مع الصين لشراء صواريخ ومسيرات حربية، ومن المنطقي أن تكون الخطوة التالية المنطقية للصين هي بيع المقاتلات، بحسب تقرير “ناشيونال إنترست”.
كانت باكستان هي أول مشترٍ أجنبي للمقاتلة الصينية جي-10 سي، وكان ذلك عام 2020، حيث تم الاتفاق على 25 طائرة، وفي العام التالي تم الاتفاق على 11 طائرة إضافية. وحتى اليوم، تسلمت بالفعل إسلام أباد 20 مقاتلة صينية خلال عامين.
استعراض صيني في الشرق الأوسط
في أواخر العام الماضي، أرسلت بكين 7 من مقاتلات جي-10 سي إلى منطقة الشرق الأوسط. ولم يكن ذلك جزء من أي عملية عسكرية صينية، بل جاء كجزء من مهام فريق الاستعراض الجوي الأول من أغسطس/آب في إطار معرض دبي الجوي.
أما “الأول من أغسطس/آب” فهو تخليد لذكرى تأسيس القوات الجوية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني عام 1927. أما الفريق الاستعراضي نفسه، فقد تأسس عام 1962 ويقوم بعروض جوية حول العالم.
كان هذا هو الظهور الأول لفريق الاستعراض الجوي الصيني في معرض دبي للطيران منذ 2017، وكان الهدف من هذا الظهور هو استعراض قدرات ومميزات المقاتلة جي-10 سي أو “التنين السريع”. المقاتلة ذات التصميم المحلي تماماً والمحرك الواحد والمهام القتالية المتعددة.
تتشابه مع الإف-16 الأمريكية
بسبب التشابه في المهام والقدرات القتالية، يشبه خبراء الطيران العسكري “التنين السريع” بالمقاتلة إف-16 الأمريكية من طراز الصقر المحارب. ويتم إنتاج المقاتلة جي-10 سي بالكامل من جانب مؤسسة تشينغدو للطائرات، وهي مملوكة بالكامل للحكومة الصينية، وذلك لتلبية احتياجات سلاح الجو التابع لجيش التحرير الشعبي. لكن تم أيضاً بيع عدد من المقاتلة الصينية لصالح سلاح الجو الباكستاني.
كان الظهور العلني للمقاتلة الصينية في معرض دبي للطيران أواخر العام الماضي هو أول استعراض لها في سماء الشرق الأوسط بعد تحديثها بالصورة التي ظهرت عليها. إذ يرجع تاريخ دخول المقاتلة جي-10 الخدمة ضمن سلاح الجو الصيني إلى عام 2004، بينما كانت أول رحلاتها التجريبية قبل ذلك بستة أعوام.
أبرز التحديثات على هذه المقاتلة هو جناح دلتا والتصميم الأسطوري، وهو ما يجعلها مختلفة تماماً عن المقاتلات ميغ-29 الروسية أو حتى الإف-16 الأمريكية، بينما يضعها أكثر ضمن مقاتلات الميراج الفرنسية.
لكن المقاتلة الصينية المحدثة تحتوي على جناحين زائفين خلف كابينة القيادة وهو ما يوفر لها قدرة على المناورة أعلى بكثير مما يتوفر للميراج. كما يحتوي “التنين السريع” على أدوات سيطرة حاسبية متطورة.
الصين تسعى للريادة الجوية
كلما كانت الطائرة المقاتلة متقدمة وذات مميزات متطورة، كانت قادرة على تأدية المهام المتوقعة منها بشكل أكثر كفاءة. فالخصائص القتالية، والموثوقية، والتكلفة؛ هي العناصر الثلاثة الرئيسية في تقييم الطائرات المقاتلة، بحسب أغلب التصنيفات التي يضعها الخبراء العسكريون.
لكن ليس بالضرورة أن تكون الطائرات الحربية الأحدث والأكثر تكلفة هي الأفضل في تنفيذ كافة المهام القتالية، فطائرات من الجيل الرابع مثلاً، مثل إف-15 الأمريكية وميغ-21 السوفييتية، لا تزال تحتفظ بمكانها ضمن قائمة الأفضل في السماء، بحسب تقرير لمجلة National Interest الأمريكية حول أفضل 5 طائرات مقاتلة هيمنت على السماء منذ ظهور المقاتلات الطائرة حتى اليوم.
لكن الصين باتت حاضرة بشكل عام في أي تصنيفات تصدر عن أفضل المقاتلات، ففي قائمة أقوى المقاتلات في 2024 التي أصدرتها aerotime احتلت أول مقاتلة شبحية صينية من الجيل الخامس، شينغدو جي-20، المرتبة الثانية مباشرة، متفوقة على مقاتلات روسية وأوروبية بل وأمريكية أيضاً.
المقاتلة جي-20 أنتجتها الصين بالأساس للتفوق على الإف-22 الأمريكية وسوخوي-57 الروسية، وعلى الرغم من أن قدرتها على المراوغة قد لا تكون الأفضل عالمياً في الوقت الحالي، إلا أن سماتها الشبحية متقدمة بصورة فاجأت البنتاغون.
رئيس القيادة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من أن الصين قد تمتلك أيضاً أكبر قوة جوية في العالم قريباً، إذ قال الأدميرال البحري جون أكويلينو، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في 21 مارس/آذار 2024: “إن أكبر قوة بحرية في العالم، سرعان ما ستصبح قريباً أكبر قوة جوية في العالم”، متحدثاً عن الصين.
اللافت هنا أن الغرب بقيادة أمريكا كانوا، قبل سنوات قليلة، يتندرون على المقاتلة جي-20 الصينية، لكنهم باتوا يرونها أكثر شبحية من حتى من المقاتلة سوخوي 57 الروسية، بل بات بعض الأمريكيين يحذّرون من أن المقاتلة الصينية تتفوق في بعض النواحي العملياتية على مقاتلات إف-35 وإف-22، وتحديداً في المدى وقوة الصواريخ التي تحملها.
يطلق الصينيون على الطائرة الشبحية جي-20 لقب “التنين الجبار”، وطورتها شركة تشنغدو لصناعة الطائرات الصينية لحساب القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني . وهي مقاتلة شبحية متعددة المهام مصممة للقيام بمهام هجومية أرضية حتى في البيئات الصعبة، حيث تسمح لها أجنحتها الشبحية بالوصول إلى ارتفاعات أعلى بسرعات تفوق سرعة الصوت.
قامت المقاتلة برحلتها الأولى في 11 يناير/كانون الثاني 2011، وتم الكشف عنها رسمياً في معرض الصين الدولي للطيران والفضاء 2016. وتم إدخال الطائرة إلى الخدمة في مارس/آذار 2017، وبدأت مرحلة التدريب القتالي في سبتمبر/أيلول 2017. وتم تشكيل أول وحدة قتالية من طراز J-20 في فبراير/شباط 2018.
وفي يوليو/تموز من عام 2020، دخلت الطائرة الصينية الشبحية J-20 مرحلة الإنتاج الكمي، لتدشن رسمياً انضمام بكين إلى نادي ذوات الطائرات الشبحية من الجيل الخامس والذي يضم الولايات المتحدة وروسيا فقط.