حرية – (16/5/2024)
عززت شركات أميركية ناشطة في مجال الذكاء الاصطناعي علاقتها الاستثمارية مع دول خليجية بارزة مثل السعودية والإمارات، في وقت انتقد فيه حقوقيون تلك العلاقة، محذرين أن ما وصفوها بـ”الدول القمعية” ربما تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقييد الحريات وحقوق الإنسان، وفق صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا، كانوا يتجنبون التمويل القادم من الشرق الأوسط، خاصة بعد حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قبل أن يتغير الحال وتصبح الأموال القادمة من الشرق الأوسط القوة الجيوسياسية الأقوى في صناعة التكنولوجيا.
وتبارك واشنطن هذا التوجه لإبعاد الصين عن المنطقة العربية، خاصة عن الإمارات العربية المتحدة، الشريك الأمني الرئيسي للولايات المتحدة.
وتطرق تقرير الصحيفة الأميركية إلى اجتماع استضافه البيت الأبيض، في يونيو الماضي، جمع مسؤولين تنفيذيين من شركات مايكروسوفت وغوغل وشركات أخرى، مع طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني الإماراتي.
وفي الاجتماع الذي لم يتم الكشف عنه سابقا، أوضح طحنون بن زايد أن الإمارات منفتحة على الاستثمار مع شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية وشركات التكنولوجيا الأخرى، منوها إلى أن هذه المشروعات يمكن أن تحل محل شركات التكنولوجيا الصينية، التي تعمل منذ فترة طويلة في المنطقة.
وتستعين دول بالشرق الأوسط بشركات فاعلة في وادي السيليكون لتحقيق أهدافها المتمثلة في التحول إلى مركز قوة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتقليل الاعتماد الاقتصادي على النفط.
كما تخطط شركة “G42” الإماراتية، لإدخال اللغة العربية في برامج الذكاء الاصطناعي، مما يسهل لتلك البرامج التحدث بلغة يتكلم بها حوالي 400 مليون شخص.
وتشير الصحيفة، إلى إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، حصلت، قبل دخول شركة مايكروسوفت في الاستثمار مع G42، على تأكيدات بأن الشركة الإماراتية ستسحب استثماراتها من الشركات الصينية، وتزيل التكنولوجيا الصينية من مراكز البيانات الخاصة بها.
وحث النائب مايك غالاغر (جمهوري من ولاية ويسكونسن) وزارة التجارة الأميركية في يناير الماضي، على تقييم ما إذا كان ينبغي إدراج شركة G42 في القائمة السوداء، إلى جانب شركة هاواوي الصينية، مشيرا إلى علاقات تجارية للشركة مع كيانات صينية.
واستشهد النائب بالمنصب القيادي السابق لبينغ شياو، أحد أشهر التنفيذيين في صناعة التكنلوجيا، بإحدى الشركات التابعة لشركة “دارك ماتر” الإماراتية الناشطة في الأمن السيبراني.
وتتهم “دارك ماتر” بتطوير برامج تجسس وأدوات مراقبة تستخدم ضد الناشطين والصحفيين. وفرضت وزارة العدل الأميركية غرامات على أعضاء سابقين في الجيش والمخابرات الأميركية عملوا في شركة دارك ماتر.
وتأسست “دارك ماتر” في 2014، وتروج لنفسها كمطور ابتكاري لتكنولوجيا الأمن الإلكتروني الدفاعية. بينما أفاد تقرير نشرته انترسبت في 2016 أن الشركة تساعد قوى الأمن الإماراتية في جهود المراقبة وأنها كانت تحاول تجنيد خبراء أجانب في الأمن الإلكتروني، وفق رويترز.
وحذر بعض المسؤولين في مجال التكنولوجياK وعدد من الحقوقيين والباحثين الأمنيين، من العمل مع الدول التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، التي يمكن أن تستخدم التقنيات الأميركية للمراقبة، بما في ذلك استهداف مواطنين أميركيين، وفق الصحيفة ذاتها.
وتصاعدت تحركات بعض الشركات العاملة في الذكاء الاصطناعي للحصول على رأس المال الأجنبي، بعد انخفاض أسهم التكنولوجيا، وصعود أسعار رقائق أشباه الموصلات والطاقة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي.
وبرأي صحيفة “واشنطن بوست”، فإن عددا من دول الشرق الأوسط تتجه إلى التكنولوجيا وتخطط للابتعاد عن النفط. إذ تعمل الخطة الوطنية العشرية للسعودية، على تجنيب الدولة الخليجية الغنية تقلبات أسعار النفط، بينما يشير عدد من قادة الإمارات إلى أن “نفط المستقبل هو البيانات”.
وقال المهدي المحمدي، الباحث في مجال أمن الذكاء الاصطناعي، الأستاذ المساعد في جامعة إيكول بوليتكنيك الفرنسية، إن “الشركات الأميركية يجب أن تكون حذرة من سجل الشرق الأوسط في الحرب الإلكترونية ومراقبة المدنيين، بغض النظر عما إذا كانت الدولة حليفة أم لا”.
وأضاف المحمدي “من حق أي شخص يرى شركات الذكاء الاصطناعي تتعاون مع الديكتاتوريات أن يشعر بالقلق”.
وبحسب “بلومبرغ”، تخطط الإمارات لتصبح رائدة عالميا في اختبار وتنظيم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، إذ تعتمد على شركة G42 الإمارتية التي تصنف ضمن كبريات الشركات الناشطة في الذكاء الاصطناعي.
وتتعاون الشركة الإماراتية مع شركة OpenAI، الناشطة في مجال الذكاء الاصطناعي، التي تخطط للتوسع داخل الإمارات والمنطقة الأوسع.
ويرفض إداريون في شركات الذكاء الاصطناعي اهتمام المستثمرين السعوديين بمجال التكنلوجيا الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن مؤسس إحدى الشركات الأميركية الناشئة، بعد أن اشترط حجب هويته، قوله “إن معظم تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة ستصل في النهاية إلى أيدي جيوش أجنبية”.
وأنشأت المملكة العربية السعودية صندوقا بقيمة 100 مليار دولار هذا العام للاستثمار في الذكاء الاصطناعي والمجالات التكنولوجيا الأخرى.
وفي مارس الماضي، قالت الحكومة السعودية إنها ستستثمر مليار دولار في مجموعة شركات ناشئة مستوحاة من وادي السيليكون لجذب رواد الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي إلى المملكة.