حرية – (19/5/2024)
أكدت السفيرة الألمانية لدى العراق كريستيانه هومان ما أثير منذ سنوات طويلة بشأن تعرض معظم الشركات الأجنبية في العراق، لحالات ابتزاز ومطالبات بدفع الرشاوى من قِبل مسؤولين في الوزارات العراقية للحصول على عقود التنفيذ والاستثمار التي تنفذها تلك الشركات في البلاد، الأمر الذي وضع العراق دائماً في قائمة الدول ذات البيئة الخطرة وغير المفضلة للعمل والاستثمار بالنسبة للشركات العالمية الرصينة.
وفي أول ظهور لها بعد ثمانية أشهر من تسنمها منصب سفارة بلادها ببغداد، قالت هومان، في مقابلة تلفزيونية: «نعم هناك مستثمرون ألمان طُلب منهم دفع نوع من الرشا والإتاوات مقابل حصولهم على عقود، لكنهم لم يدفعوا، فالأمر غير قانوني في بلادنا وسيقعون تحت طائلة القانون إن فعلوا ذلك».
ورأت السفيرة أن ذلك «سوف يتسبب بتعثر قضية الاستثمارات، ولن تقبل الشركات على ذلك ويدفعها للانسحاب من العراق».
ورفضت الإجابة على سؤال حول طبيعة الشخصيات التي تمارس أعمال الابتزاز على الشركات، وإذا ما كانوا مسؤولين كباراً في الوزارة أو جماعات خارجة عن القانون، واكتفت بالإشارة إلى أن «القضية ما زالت متواصلة وتشمل معظم القطاعات الحكومية في العراق، ويجب التصدي لها بحسم».
من جانبها، رأت عضو لجنة النزاهة بالبرلمان الاتحادي، النائبة سروة عبد الواحد، أن السفيرة الألمانية «لم تأت بجديد» بشأن قضية الابتزاز والمطالبة بالرشوة والعمولات التي تتعرض لها الشركات الأجنبية العاملة بالعراق.
وقالت عبد الواحد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تصريحات السفيرة ليست مفاجئة لنا، وهناك حالات ابتزاز للشركات تُمارَس حتى داخل اللجان البرلمانية وفي مؤسسات حكومية عدة».
وكشفت أن «مشكلة الاستثمار والعمل في العراق ارتبطت غالباً في شركات غير رصينة وهي تعرف كيف تحمي نفسها عبر منح الأموال والرشاوى للشخصيات المسؤولة والنافذة، أما الشركات العالمية الرصينة فلا تقبل بذلك وتُفضل عدم التورط في بيئة أعمال غير نظيفة من هذا النوع».
وتعتقد عبد الواحد أن سلوكيات من هذا النوع تسهم في «تقويض جدية العمل والاستثمارات في البلاد، ولن نرى على المدى القريب أو المتوسط شركات رصينة وعالية المستوى تدخل للعراق».
وعن مستوى محاربة الفساد في عهد رئيس الوزراء محمد السوداني الذي جعلها على رأس أولويات حكومته، قالت إن «ما نسمعه في الإعلام أكثر بكثير مما هو في الواقع، الفساد آفة خطيرة ومحاربته ليست بالسهولة المتوقعة، ما زال الفاسدون يسيطرون على معظم مفاصل الدولة وهم بمنأى عن المحاسبة، لكن ذلك لا يمنع من الاعتراف ببعض الخطوات الجيدة التي اتخذتها حكومة السوداني في هذا الاتجاه».
وبصدد ما يتردد عن قرب حسم قضية ما بات يُعرف بـ«سرقة القرن» التي سرق فيها 2.5 مليار دولار من أموال التأمينات الضريبية، ذكرت عبد الواحد أن «الغموض سيبقى مرتبطاً بهذه السرقة الفضيحة، وإن وصل الأمر للحسم فيجب الكشف عن أسماء جميع المتورطين فيها من ساسة وشخصيات نافذة».
من ناحية أخرى، أبرمت هيئة النزاهة العراقية، أول من أمس، مع هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية مذكّرة تفاهم لـ«تعزيز التعاون في مجال منع الفساد ومكافحته، وتطوير القدرة المؤسَّسية للطرفين وتعزيزها»، وفق بيان صادر عن الهيئة.
وقّع المذكرة عن الجانب العراقيّ رئيس هيئة النزاهة الاتحادية القاضي حيدر حنون، وعن الجانب السعودي رئيس هيئة الرقابة ومُكافحة الفساد مازن بن إبراهيم الكهموس.
وتهدف المذكرة إلى «تبادل الخبرات وأفضل الممارسات ذات الصلة بمكافحة الفساد، وتبادل المعلومات المتعلقة بجرائم الفساد من حيث الضبط والتحقيق وتتبُّع الأصول واستردادها، فضلاً عن العمل على تبادل المعلومات المتعلّقة بالأساليب والأنشطة الإجرامية المؤدّية إلى الفساد وسبل الوقاية منها».
وشملت المذكّرة، وفق البيان، «عقد دورات تدريبيَّة وندوات ومؤتمرات وجلسات عمل، وتبادل الخبرات والمعلومات المتعلّقة ببرامج التعاون الفنيّ في مجالات التدقيق الماليّ والتحقيق والادّعاء والحكومة الإلكترونيَّـة والرقابة الإداريَّـة، والتوعية الإعلاميَّة، وفقاً للإمكانات المُتاحة لكل طرف».