حرية – (20/5/2024)
ابراهيم رئيسي الذي قتل بسقوط طوافته في محافظة أذربيجان الشرقية، بسبب الظروف المناخية الصعبة بحسب ما أعلنته السلطات الإيرانية، يعتبر بمثابة الابن الاصيل للنظام الإيراني فيما بعد ثورة العام 1979، قبل ان يرتقي الى منصب الرئاسة الأولى في العام 2021.
ولا تكمن خطورة نهاية رئيسي بانه اول رئيس ايراني يقتل في حادث جوي كهذا، وانما في ان العديد من التقديرات الغربية وحتى الايرانية كانت تتوقع ان يتم تهيئته من اجل تولي موقع المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية خلفا لاية الله على خامنئي الذي عانى في السنوات القليلة الماضية، من مشاكل صحية.
واعتلاء مثل هذا المنصب الاعلى في الجمهورية الاسلامية في ايران، يعني ان ابراهيم رئيسي يحظى بثقة كبيرة في هيئات واجهزة الحكم الايرانية، وان فتح الطريق امامه نحو هذا المنصب، يعني ان السيد خامنئي يباركه، وان الرجل يحظى ايضا بثقة الحرس الثوري الايراني والمراجع الدينية التي تتخذ من مدينة قم مقرا لها.
ولهذا، فإن مقتل ابراهيم رئيسي، قد يشكل ارباكا لهذه الحسابات حتى الان، برغم ان المراقبين، يتوقعون ان هيكلية السلطة الايرانية، تسمح باستيعاب الفراغ المفاجئ الناشئ في موقع رئاسة الجمهورية، من خلال مؤسسات الحكم.
ومن اللافت ان هذا الحادث هو الثالث من نوعه في التاريخ الإيراني الحديث، بعد أن تعرضت مروحية تقل الرئيس السابق ابو الحسن بني صدر خلال ثمانينيات القرن الماضي لتصادم مع طوافة اخرى قرب الحدود مع العراق، ونجا خلالها من الموت، ثم وقع حادث آخر تعرضت له مروحية تقل الرئيس السابق أحمدي نجاد في العام 2013، ونجا منها هو الاخر.
وبرغم فترة حكمه القصير نسبيا، فإن المراقبين يسجلون لابراهيم رئيسي انه قاد البلاد في ظروف استثنائية، بما في ذلك بدء الحرب الروسية-الاوكرانية وتداعيات الايرانية والاقليمية الكبيرة، بالاضافة الى الحرب الاذربيجانية-الارمينية، بالإضافة متابعة اطلاق المفاوضات النووية في فيينا في نيسان/ابريل 2021 وعودة الولايات المتحدة إليه بعد انسحابها في العام 2018 بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب.
والاكثر خطورة ربما، الحرب الاسرائيلي في غزة، ودخول ايران للمرة الاولى في التاريخ المعاصر، بمواجهة عسكرية مباشرة مع اسرائيل، في ليلة 13 نيسان/ابريل الماضي.
ويجمع المراقبون على اهمية شخصية رئيسي لانه صعد وتدرج في سلم القيادات القضائية والخدماتية والسياسية في ايران، ما مهد له الطريق، بالاضافة الى مباركة مرشد الجمهورية له، للصعود الى موقع الرئاسة.
وإبراهيم رئيسي من مواليد 14 كانون الاول/ ديسمبر العام 1960 في مدينة مشهد، وجرى تعيينه نائبا عاما لمدينة كرج العام 1980، ثم في موقع المدعي العام في المدينة، وتولى منصب نائب المدعي العام في طهران العام 1985، ثم المدعي العام لطهران بين عامي 1989 و1994.
وبالاضافة الى ذلك، تولى رئيسي منصب رئيس دائرة التفتيش العامة حتى عام 2004، حيث كان مكلفا بمراقبة اداء المؤسسات الحكومية وضمان التزامها بالقوانين واللوائح. كما عين مساعدا اول لرئيس السلطة القضائية، ثم المدعي العام لايران في العام 2014، حيث تابع قضايا خطيرة تتعلق بالفساد والجريمة.
القفزة الكبيرة في صعود رئيسي تمثلت في توليه رئاسة منظمة “آستان قدس رضوي” في العام 2016، وهي تعتبر من المؤسسات الدينية والاقتصادية الضخمة، التي تدير مليارات الدولارات وتشارك في أنشطة اقتصادية متنوعة تشمل المناجم والمصانع وشركات نفط وغاز.
ويسجل لابراهيم رئيسي ايضا انه ساهم في تحقيق اختراق سياسي مهم في العلاقات مع السعودية، الجار الشقيق المنافس، وذلك بعد جولات من المحادثات السرية التي رعاها العراق، ثم توجت بلقاء المصالحة التاريخية في بكين برعاية الصين في اذار/مارس العام 2023، ما اثمر تهدئة في جبهات التوتر الاقليمية نسبيا بين الرياض وطهران.
وهناك انجاز اخر يمكن اضافته بسهولة على رصيد ابراهيم رئيسي، يتمثل في زيارته الاستثنائية الطابع ال موسكو في يناير/كانون الثاني الماضي، والتي شكلت “نقطة تحول” في العلاقات بين روسيا وايران.
وكما كان من المقرر أن يزور رئيسي بغداد وأربيل نهاية الشهر الجاري، في زيارة كانت ينتظرها البلدان لتهيئة اتفاقات وتفاهمات عدة.
الى ذلك، فان انظمة ادارة الحكم في ايران، وبحسب المادة 131 من الدستور، تقضي بأنه في حال وفاة رئيس الجمهورية، فان المنصب يؤول الى النائب الاول للرئيس مؤقتا، وذلك بموافقة المرشد الاعلى للجمهورية، على ان تجري انتخابات رئاسية جديدة في غضون 50 يوما لانتخاب رئيس جديد. ويعني ذلك ان محمد مخبر (68 عاما) هو من سيتولى المنصب مؤقتا الان.