حرية – (15/6/2024)
لم تتوقف خلال العقود الماضية الأبحاث الساعية للكشف عن سؤال، هل نحن وحدنا في الكون؟ لكن ما زال هذا السؤال حتى اللحظة لغزاً تحيط به مجموعة فرضيات، يوصف مجملها بالغريبة ويتهم أصحابها بالهلوسة والجنون، لكن تأتي جامعة هارفارد اليوم بدراسة ربما ستغير، في حال التأكد من فرضياتها، طريقة التفكير في هذا الموضوع إلى الأبد.
الكائنات الأرضية الخفية
وتزعم الدراسة أن كائنات فضائية تعيش سراً بين البشر على الأرض، ففي حين يمكن أن توجد على القمر أو تحت الأرض، ربما تتجول بيننا متنكرة في زي البشر.
وتنقب الورقة البحثية الصادرة عن برنامج ازدهار الإنسان بجامعة هارفارد في عالم “الكائنات الأرضية الخفية” cryptoterrestrials، وتفترض أن هذه الكيانات، التي غالباً ما ترتبط بظواهر غامضة غير معروفة UAP أو الأجسام الطائرة المجهولة، قد تكون متخفية تحت الأرض أو على القمر أو حتى مندمجة في المجتمع البشري.
الغرض من الدراسة تقديم تفسير بديل لمشاهدات الظواهر الغامضة غير المعروفة والتكهن بشأنها، والتحقق من احتمال أن تتضمن هذه الظواهر أشكالاً من الذكاء غير البشري NHI الموجودة بالفعل متخفية إلى جانبنا في بيئة الأرض، ويستكشف البحث أيضاً فكرة أن الأجسام الطائرة المجهولة، أو الظواهر الغامضة غير المعروفة، يمكن أن تكون سفناً فضائية تزور أصدقاء فضائيين على الأرض.
وتنص الورقة على أن “المؤلف أصبح مدركاً بشكل متزايد لعمق الأدلة والنظرية التي تدعم تفسيراً مبدئياً آخر للوجود على الأرض أو فرضية “الأرض الخفية” CTH والتي ترى أن الظواهر الغامضة غير المعروفة، قد يعكس أنشطة الذكاء غير البشري المخفية على الأرض.
وتسبر الدراسة أشكالاً مختلفة من الكائنات الأرضية الخفية وتدعو إلى التفكير المنفتح بعيداً من الشكوك.
أشكال مختلفة
وفقاً للدراسة، يمكن أن تظهر هذه الكائنات الأرضية الخفية في أشكال مختلفة، واقترح العلماء أربع نظريات حول الحياة خارج كوكب الأرض، الأولى تقر بوجود كائنات خفية بشرية هم أصلاً أحفاد حضارة إنسانية قديمة متقدمة تقنياً ازدهرت ذات يوم ثم دمرت، ربما بفعل الكوارث والفيضانات، منذ فترة طويلة، ولكنها استمرت في الوجود في حالة ضعيفة على شكل بقايا متناثرة.
يمكن أن يتنكروا في هيئة بشر ليتأقلموا معنا
والنظرية الثانية تتحدث عن أسلاف البشر أو Theropod Cryptoterrestrials، وهم جزء من حضارة غير بشرية، يحتمل أنها تطورت من حيوانات أرضية برية ماهرة لتعيش متخفية، يمكن أن يكون هؤلاء من نسل أشباه البشر الشبيهة بالقردة أو من نسل ديناصورات ذكية غير معروفة.
وفي النظرية الثالثة يذهب العلماء إلى فرضية وجود كائنات فضائية سابقة أو موجودة خارج كوكب الأرض، من الممكن أن تكون هذه الكائنات قد وصلت إلى الأرض من مكان آخر في الكون أو من المستقبل البشري، وتخفت على الأرجح في القمر.
الجان
والنظرية الرابعة، وهي الأكثر إثارة على الإطلاق، تقول بوجود كائنات خفية غامضة أو سحرية، يطلق عليها اسم CTH 4أفضل وصف لها بأنها “ملائكة أرضية”، على شكل كيانات ذات سمات غامضة أقل شبهاً بالكائنات الفضائية المحلية، تشبه المخلوقات الفولكلورية الشعبية مثل الجنيات أو الحوريات أو الأقزام والجان، وتتفاعل مع العالم البشري بطرق غير تكنولوجية.
ويخلص الأكاديميون إلى أن نظرياتهم، وبخاصة اقتراح الجان، قد يكون من الصعب قبولها من قبل كثير من الناس، ويضيفون أن نقطة الضعف الرئيسة في CTH 4 هي غرابتها المطلقة، بخاصة بالنسبة للقراء الذين تعلموا وتربوا أن يحدوا أو يقيدوا أنفسهم بطرق وأنماط تفسير معينة، ضمن حدود النموذج القياسي للفيزياء، على سبيل المثال.
واعترف الباحثون بأن أبحاثهم “من المرجح أن ينظر إليها بتشكك من قبل معظم العلماء”، لكنهم حثوا المجتمع العلمي على النظر في ادعاءاتهم “بروح من التواضع المعرفي وبعقلية منفتحة”.
والجدير ذكره أن الورقة تنتظر مراجعة النظراء (عملية تقييم من ذوي الاختصاص لاتخاذ قرار في مدى صحة ومصداقية رسالة أكاديمية لنشرها في الدوريات التخصصية) للتحقق من صحة ادعاءاتها، الأمر الذي ينقلنا إلى جولة ثانية من نظريات المؤامرة التي تحوم حول الحياة خارج كوكب الأرض.
لسنا وحدنا
هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها هذا النوع من الفرضيات، لكن ربما كانت متفرقة وفردية بعض الشيء حتى من قبل هارفارد ذاتها، إذ اعتقد في وقت سابق الرئيس السابق لقسم علم الفلك بجامعة هارفارد آفي لوب، الذي يخوض مهمة إثبات وجود حياة فضائية، أن لدى الحضارات الفائقة التقدم القدرة على إنشاء “أكوان صغيرة في المختبر”، وقال “إن هذه المخلوقات قد تكون مسؤولة حتى عن كوننا”.
بينما ألمح إيلون ماسك في تغريدة على منصة “إكس” في 2020، إلى أن المخلوقات الفضائية هي من بنت الأهرامات، مفترضاً أن الملك رمسيس الثاني رجل من خارج هذا العالم.
وفي سياق متصل، ظهرت تقارير بشأن الإخفاء المزعوم لأجسام طائرة كبيرة مجهولة الهوية UFOs من قبل حكومة الولايات المتحدة، فقد أكد ضابط الاستخبارات الأميركية السابق ديفيد غروش في يوليو (تموز) 2023 أن بلاده تخفي جسماً طائراً مجهول الهوية UFO بحجم ملعب كرة قدم.
وقال إنه يعرف العديد من الزملاء الذين أصيبوا بسبب الظواهر الغامضة غير المعروفة UAPs، كما اتهم السلطات بحجب تلك المعلومات عن الكونغرس الأميركي بشكل غير قانوني، ولكن الحكومة نفت هذه المزاعم.
قد تكون متخفية أو مندمجة في المجتمع البشري
في حين أكد مسؤول الاستخبارات الأميركية في المركز الوطني للاستخبارات الجوية والفضائية جوناثان غراي وجود مواد غريبة، مصرحاً أن “حضارة أكثر تقدماً تفوقنا بملايين السنين، ربما طورت فهماً لكيفية توحيد ميكانيكا الكم والجاذبية، ومؤكداً أنه وبوجود عشرات المليارات من الكواكب في مجرتنا وحدها (درب التبانة) “من الغطرسة الاعتقاد بأننا وحدنا”.
حتى أن وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” أصدرت تقريراً في 2021 حول الظواهر الفضائية الغريبة والأجسام الطائرة، بعدما سربت لقطات غريبة لأجسام في الفضاء، فيما أكد طيارون من البحرية أنهم شاهدوا عدة مرات مركبات وأجسام غريبة قبالة السواحل الأميركية، ليكشف التقرير عن أكثر من 140 حالة مريبة أو جسم غريب لم تجد له تفسيراً.
وأخيراً، ربما بإمكاننا اعتبار هذه الدراسة نقطة تحول ستغير تصنيف رواية الكائنات الفضائية من كتاب الخيال العلمي إلى كتب الاكتشافات العلمية.
والحقيقة أن الفرضيات التي تحملها هذه الدراسة تأتي اليوم بعد سنوات من ادعاء منظري المؤامرة وجود كائنات فضائية تحت الأرض، إضافة إلى تحذيرهم من وجود كائنات متحولة بيننا (ذات أصول غير بشرية)، ولكن الدراسة الحديثة جعلت هذه الادعاءات تأخذ منعطفاً جديداً، ليعتبر هؤلاء هذه الدراسة بداية للتدرج في الإعلان رسمياً عن حقيقة وجود هذه الكائنات.