حرية – (15/6/2024)
“تماماً كالضفدع الموجود في مياه فاترة تزداد سخونته تدريجاً بتحكم من ’حزب الله’ من دون سيطرة لنا عليه” بمثل هذا الوصف اعتبر جنرال احتياط الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي وقسم العمليات في الجيش غيورا أيلاند وضع متخذي القرار والجيش الإسرائيلي أمام المعضلة في اتخاذ قرار في شأن الجبهة الشمالية تجاه لبنان، بعد أكثر من أسبوع ارتفعت حدة التصعيد الأمني إلى مستوى وصفه عسكريون بأعلى درجة قبل إطلاق شعلة الحرب على لبنان.
ثلاثة أيام متواصلة ما كادت تمر ساعة إلا وأطلقت صفارات الإنذار ودخلت أكثر من 30 بلدة ومستوطنة إسرائيلية إلى مرمى صواريخ ومسيرات “حزب الله”، بينها مستوطنات الجولان المحتل التي تتعرض لأول مرة منذ اندلاع حرب “طوفان الأقصى” لنيران المسيرات والصواريخ التي أطلقت باتجاهها من قبل “حزب الله”.
وبحسب يهودا ديئا رئيس مستوطنة كتسرين القائمة في الجولان السوري المحتل فإن المستوطنة تتعرض لأول مرة في تاريخها لصواريخ من لبنان (أقيمت عام 1977) “قوات كبيرة مشتركة من شرطة وطوارئ وجيش لم يتمكنوا من السيطرة على النيران التي اشتعلت في أعقاب سقوط مسيرات وشكلت حزاماً طوقت كتسرين كما أصيب سكان لأول مرة من الصواريخ التي سقطت في المنطقة”، ودعا رئيس المستوطنة السكان إلى عدم مغادرتها بعد أن حزمت عشرات العائلات حقائبها وغادرت المكان هرباً من خطر الحرب باتجاه الجنوب ومركز إسرائيل.
وحمل رئيس المستوطنة الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تدهور الوضع الأمني مشيراً إلى أن سكان المستوطنة انضموا إلى 200 ألف إسرائيلي على امتداد منطقة واسعة بدءاً من المنطقة الحدودية “رهينة لطائرات ’حزب الله’ المسيرة وصواريخ التنظيم”، وأضاف “أصبحنا كحديقة ألعاب لـ’حزب الله’ متى يطيب للتنظيم يقذف باتجاهنا صواريخ وأصبح هو من يدير شؤوننا اليومية بدلاً من أن تدير القيادة والجيش شؤون السكان، وإذا استمر إطلاق النيران على كتسرين فستخلو هي الأخرى من السكان”.
رفح أولاً ثم الجبهة الشمالية
خلال ثلاثة اجتماعات حتى أمس الجمعة بحث الكابينت الحربي في اجتماعات ماراثونية بتركيبته الجديدة، بعد انسحاب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، إذ يضم بنيامين نتنياهو ويوآف غلانت ورون ديرمر وتساحي هنغبي وارييه درعي بمشاركة رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي سبل الرد على التصعيد الأمني في الجبهة الشمالية بعد تكثيف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة بمختلف أنواعها الاستخباراتية والهجومية والقتالية من قبل “حزب الله” وإصابة القاعدتين العسكريتين “جلعاد” و”ميرون” ومواقع عسكرية واستراتيجية حساسة فرض منع نشر حولها، وامتداد المنطقة المعرضة للصواريخ إلى طبريا وشواطئ حيفا ومينائها.
الكابينت وبدعم المؤسسة العسكرية اتفق أن تكون عملية “رفح أولاً”، بحيث يكثف الجيش قتاله هناك لإنهاء العملية في غضون فترة لا تتجاوز نهاية الشهر الجاري، وبعدها ينقل الجيش وحدات عسكرية إلى الشمال تنضم إلى وحدات تنتشر حالياً على طول الحدود الشمالية تجاه لبنان وسوريا وحول بلدات الشمال، التي تبعد حتى خمسة كيلومترات عن الحدود، وخلال ذلك اتفق على استمرار استدعاء الاحتياط إلى الامتثال في القواعد العسكرية في الشمال والجنوب للمرة الثالثة، للتدريب والاستعداد على مختلف السيناريوهات المتوقعة لحرب على لبنان.
غير أن التطورات خلال اليومين الأخيرين دفعت إلى عقد اجتماعات تشاورية جديدة مساء اليوم السبت على أن تعقد الحكومة جلستها غداً الأحد، لبحث التطورات تجاه لبنان قبيل سفر وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي إلى واشنطن لبحث ملف الجبهة الشمالية وأيضاً غزة واستمرار القتال وصفقة الأسرى وتطوراتها الأخيرة، وقبيل وصول المستشار الخاص للرئيس الأميركي في المنطقة آموس هوكشتاين المتوقع أن يصل إلى إسرائيل الإثنين المقبل لبحث الملف ومناقشة مختلف المقترحات لتسوية مع لبنان، ضمن ما تشمله حول الحدود البرية بين البلدين، على نمط الاتفاق الذي توصلت إليه بيروت وتل أبيب بإشراف هوكشتاين.
وستبحث إسرائيل الموقف الأميركي وخطة أعدها الجيش للحرب على لبنان إزاء خلافات في الرأي حول الحرب على لبنان بعد الانتهاء من رفح.
تحذيرات أميركية لإسرائيل من شن حرب على الدولة اللبنانية
بحسب ما يرى القائد السابق لوحدة غزة غادي شمني، فإن القتال في القطاع “يتطلب وقتاً طويلاً من الزمن ولذلك وقفه موقتاً بعد الانتهاء من رفح ونقل قوات إلى الشمال خطوة صحيحة ولكن ليس لشن حرب على لبنان إنما لإعادة تدريب وتنظيم الجيش”.
ويضيف شمني “علينا أن نفهم أن حرباً على لبنان تعني حرباً إقليمية، لبنان ’حزب الله’ ليست قطاع غزة- حماس، هي أكبر وأخطر وجيشنا صغير وفي حاجة لوقت طويل لكي ينظم نفسه وبناء نفسه فهو غير قادر على خوض حرب إقليمية، متوقع أن تتطور في أعقاب حرب على لبنان”.
الخبير في شؤون الأمن القومي ومناطق النزاع الباحث في معهد “مسغاف” للأمن القومي كوبي ميخائيل، يرى أن التفسيرات التي تدعو إلى مراعاة الضغوط الأميركية وإنهاء المشكلة في رفح أولاً ليست مقنعة، متابعاً “كانت هذه جيدة قبل التصعيد الأخير الذي تشهده المنطقة الشمالية، نحن اليوم في الشهر التاسع من الحرب، و’حزب الله’ يحرق كل شمال الدولة ويرفع مستوى الحرب في كل يوم، والرد الإسرائيلي بتصفية شخصيات لن يغير السلوك الاستراتيجي لـ’حزب الله’”.