حرية – (26/6/2024)
منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس” قتل أكثر من 100 صحافي معظمهم من الفلسطينيين، مما يجعل هذا الصراع واحداً من أكثر الصراعات دموية بالنسبة إلى الصحافة.
فهل الصحافيون “أضرار جانبية” أم أهداف للجيش الإسرائيلي؟ سؤال انطلق منه كونسورتيوم جمع على مدى أربعة أشهر وسائل إعلام دولية وضم 50 صحافياً يمثلون 13 منظمة، برعاية شبكة “فوربيدن ستوريز” (قصص محرمة Forbidden Stories) الدولية والمتخصصة في التحقيق.
ويدرس التحقيق الذي نشر أمس الثلاثاء في وسائل إعلام عدة من بينها “دير شبيغل” و”لوموند” و”شبكة أريج” (مجموعة صحافية مقرها الأردن) و”ذي غارديان” و”زي دي أف” وغيرها، حالات الصحافيين الذين قتلوا أو جرحوا بينما كانوا يغطون النزاع أو عندما حاولوا تسليط الضوء على الحياة اليومية لسكان غزة، الذين يعيشون في ظل أزمة إنسانية خانقة غير مسبوقة.
ويبدو عدد الصحافيين الذين قتلوا في غزة صادماً.
هجمات صارخة
ويقول كارلوس مارتينيز دي لا سيرنا مدير لجنة حماية الصحافيين (CPJ) الذي أجرى الكونسورتيوم مقابلة معه، إن “هذه واحدة من أكثر الهجمات الصارخة على حرية الصحافة التي شهدتها على الإطلاق”.
ومن جهته نفى الجيش الإسرائيلي “الاتهامات الباطلة التي تفيد بأنه يستهدف الصحافيين”.
وقال في رد على أسئلة الكونسورتيوم إنه “لا يتعمد إيذاء الصحافيين الذين ربما أصيبوا أثناء غارات جوية أو عمليات تطاول أهدافاً عسكرية”.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن “معظم الحالات المذكورة (لصحافيين قتلوا) هي لنشطاء قتلوا أثناء الأنشطة العسكرية ولكن تم تسجيلهم كصحافيين”.
غير أن الكونسورتيوم حلل صوراً وأصواتاً واردة من قطاع غزة وتمتد على آلاف الساعات، وحقق في عشرات الحالات التي قتل فيها صحافيون أو أصيبوا.
وبحسب الأرقام التي جمعتها “شبكة أريج” فقد قتل 40 صحافياً أو عاملاً في وسائل إعلام في الأقل أثناء وجودهم في منازلهم. وقتل أو جرح 14 شخصاً في الأقل أو استهدفوا أثناء ارتدائهم سترات الصحافة في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، كما قتل أو جرح 18 صحافياً في غارات بطائرات من دون طيار في غزة.
شهود التاريخ
وأكد لوران ريتشارد المؤسس المشارك لـ”فوربيدن ستوريز” في مقال نشر أمس أن “الصحافيين هم الشهود الذين يحتاج إليهم التاريخ”.
وقال إن “الصحافيين الغزيين يعرفون منذ فترة طويلة أن ستراتهم لم تعد تحميهم. بل أسوأ من ذلك، فهي ربما تعرضهم بصورة أكبر للخطر”.
وتردد هذا الكلام على لسان باسل خير الدين وهو صحافي فلسطيني موجود في غزة، إذ صرح بأن “هذه السترة كان من المفترض أن تحدد هويتنا وتحمينا بموجب القوانين الدولية واتفاقات جنيف… صارت الآن تهديداً لنا”، مشيراً إلى أنه استهدف بهجوم مسيرة أثناء تحضير تقرير مصور في بيت لاهيا في شمال قطاع غزة.
أما بالنسبة إلى مدير الأخبار فيل شيتويند في وكالة الصحافة الفرنسية، التي تعرضت مكاتبها في غزة لأضرار جسيمة بنيران دبابات إسرائيلية على الأرجح في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن عدد الصحافيين القتلى “غير مقبول على الإطلاق”. وأضاف “أكثر ما يقلقني هو أن ذلك لم يسبب فضيحة. في جميع أنحاء العالم لا أسمع أصوات مختلف الحكومات تشتكي من ذلك. إنه أمر مقلق للغاية”.
ومن جهتها تشير نقابة الصحافيين الفلسطينيين إلى أنه تم تدمير نحو 70 بنية تحتية صحافية جزئياً أو كلياً منذ بداية الحرب.
وتقول شروق أسعد عضو الأمانة العامة للنقابة لشبكة “فوربيدن ستوريز”، “لو قتل 100 أو 140 صحافياً إسرائيلياً أو أوكرانياً لا أظن أن رد فعل العالم سيكون مماثلاً”. وتضيف “لا أتمنى أن يقتل أي صحافي إن كان إسرائيلياً أوكرانياً أو فلسطينياً. يجب أن يكون الصحافيون محميين بغض النظر عن البلد الذي يوجدون فيه”.