حرية – (9/7/2024)
قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مخاطباً الجالية الهندية في موسكو اليوم الثلاثاء إن علاقة بلاده مع روسيا مبنية على الثقة والاحترام المتبادلين.
واستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مودي في وقت متأخر من مساء أمس ورافقه في جولة حول مقر إقامته خارج موسكو قبل المحادثات الرسمية في الكرملين، على أن يجتمع الرجلان أيضاً اليوم لإجراء محادثات موسعة، قبل أن يواصل رحلته إلى فيينا.
وقال الرئيس الروسي “لديك أفكارك الخاصة، وأنت شخص نشيط وممتلئ حيوية، وتعرف كيف تحقق نتائج لصالح الهند والشعب الهندي”.
تعزيز العلاقات
وشكر مودي بوتين على ما خصه به من حفاوة وقال “إنني أتطلع إلى محادثات (الغد) التي ستسهم بالتأكيد في تعزيز علاقات الصداقة بين الهند وروسيا”.
علاقات تقليدية
وسيسعى مودي الذي يزور روسيا للمرة الأولى منذ الهجوم على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 للحفاظ على العلاقات التقليدية لنيودلهي مع موسكو، وفي الوقت يسعى لتطوير العلاقات في مجال الأمن مع الغرب منذ عودته للسلطة الشهر الماضي في أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان.
وردا على سؤال بشأن المحادثات قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للتلفزيون الرسمي “لا يتم التحضير لمفاجآت. المسألة الأهم هي خلق الاجواء لتواصل مفيد”.
الأسلحة والنفط
وروسيا من الموردين الرئيسيين للهند التي تشتري منها الأسلحة والنفط، غير أن عزلة موسكو عن الغرب والعلاقات المتنامية مع بكين كان لها تأثير على علاقاتها مع نيودلهي.
التلفزيون الروسي عرض صوراً لبوتين ومودي وهما يتناولان الشاي في مقر إقامة بوتين في نوفو أوغاريوفو
وسيبحث مودي مع الرئيس بوتين أيضاً “تطور العلاقات الروسية الهندية الودية تقليدياً، فضلاً عن مسائل دولية”، بحسب الكرملين.
وعززت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون العلاقات مع الهند في السنوات الأخيرة في مواجهة نفوذ الصين المتزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع الضغط على نيودلهي للابتعاد عن موسكو.
قاد الرئيس بوتين مودي داخل سيارة كهربائية حول الحدائق وحضر الرجلان عرضاً للخيول
ومع ذلك، رفضت نيودلهي اتخاذ موقف واضح من خلال عدم إدانتها صراحة الهجوم الروسي على أوكرانيا والامتناع عن التصويت على قرارات الأمم المتحدة ضد موسكو.
تؤيد الهند تعددية الأقطاب، وتواصل في الوقت نفسه تطوير علاقاتها في مجال الأمن مع الولايات المتحدة، الخصم اللدود لروسيا التي تطرح نفسها على أنها بطلة التعددية القطبية بهدف أساس وهو إضعاف الغرب على الساحة الدولية.
ومع ذلك، فإن النزاع في أوكرانيا “أحدث تحولاً” في علاقاتها مع موسكو، كما يوضح المتخصص سواستي راو من معهد مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية، مشيراً إلى ظهور “تحديات” جديدة.
واشنطن تدعو مودي إلى تأكيد وحدة أوكرانيا
وخلال وجود مودي في موسكو، دعت الولايات المتحدة رئيس الوزراء الهندي إلى تأكيد وحدة أراضي أوكرانيا خلال لقائه في موسكو مع الرئيس فلاديمير بوتين عشية قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في واشنطن.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين “نحث الهند، كما نفعل مع أي دولة تتعامل مع روسيا، على توضيح أن أي حل للنزاع في أوكرانيا يجب أن يحترم ميثاق الأمم المتحدة في ما يتعلق بوحدة أراضي أوكرانيا وسيادة أوكرانيا”.
وأضاف ميلر “إن الهند شريك استراتيجي ننخرط معه في حوار شامل وصريح بما يشمل مخاوفنا في ما يخص العلاقة مع روسيا”. لكنه لفت إلى أنه ليس على علم بمحادثات محددة مع الهند في شأن زيارة مودي لروسيا.
زيادة النفط وخفض الأسلحة
وتعود آخر زيارة قام بها ناريندرا مودي الذي يتزعم أكبر دولة في العالم من ناحية عدد السكان، إلى روسيا إلى عام 2019. وبعد ذلك بعامين، في نهاية عام 2021، استقبل بوتين في نيودلهي.
ولكنهما التقيا رسمياً آخر مرة في سبتمبر (أيلول) 2022 في أوزبكستان، خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون.
تجمع موسكو ونيودلهي علاقة وثيقة منذ الحرب الباردة. ولفترة طويلة، كانت روسيا المورد الرئيس للأسلحة إلى الهند، لكن حصة واردات الأسلحة الروسية انخفضت بصورة حادة في السنوات الأخيرة . فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى استنزاف مخزون الأسلحة الروسية، وهو ما دفع الهند إلى البحث عن موردين آخرين وتطوير صناعتها العسكرية الخاصة.
على سبيل المثال، قدمت الهند طلبية لشراء طائرات رافال من فرنسا.
في الوقت نفسه، وفي أعقاب الهجوم الروسي في فبراير (شباط) 2022، اشترت الهند وبسعر منخفض كميات كبيرة من النفط أعادت روسيا توجيهها إلى السوق الهندية بسبب العقوبات.
على هذا النحو، تقتصد نيودلهي في المال بينما تغذي الاقتصاد وآلة الحرب الروسيين، وهو ما تنتقده الحكومات الغربية.
سيبحث مودي مع بوتين تطور العلاقات الروسية الهندية فضلاً عن مسائل دولية
“فات الأوان”
لكن العلاقة بين الحليفتين لا تخلو من أسباب التوتر. ولا تنظر الهند بعين الرضا إلى التقارب بين بكين وموسكو، خوفاً من إقصائها في مواجهة كيان جغرافي روسي صيني هائل تتزعمه بكين.
يقول المحلل سواستي راو “يعتقد البعض أن الهند يجب أن تقترب من روسيا لمنعها من الوقوع تحت هيمنة الصين”، لكنه يضيف أن “البعض الآخر يعتقد أن الأوان قد فات” لمنع حدوث ذلك.
وتكبدت الهند جراء الهجوم الروسي على أوكرانيا كلفة بشرية. ففي فبراير الماضي قالت نيودلهي إنها تضغط على الكرملين لإعادة المواطنين الهنود الذين انتهوا مقاتلين على الجبهة.
وبعد موسكو، يتوجه مودي إلى فيينا، في أول زيارة يقوم بها زعيم هندي إلى العاصمة النمساوية منذ عام 1983.