حرية – (20/7/2024)
جيفري كمب
كاد الرئيس السابق دونالد ترامب أن يفقد حياتَه يوم السبت الماضي على يد مطلق النار الذي استهدفه مستخدماً بندقيةً آليةً من طراز «إيه آر 47». كان الرئيس السابق يتحدث في إحدى الفعاليات بولاية بنسلفانيا عندما أصابت الرصاصةُ أُذنَه وأخطأت رأسه ببضعة ملمترات.
وينظر كثيرون إلى نجاته على أنها معجزة. ولبضعة أيام بدا أنه من الممكن ترويض المزاج الغاضب في أميركا، وأن النقد اللاذع الذي يشوب موسم الانتخابات هذا يمكن تعديله. ومع ذلك، بعد ثلاثة أيام، أصبح خطاب كل من «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» مريراً ومستقطِباً مرةً أخرى.
وفي 15 يوليو، افتُتِح المؤتمر «الجمهوري» في ميلووكي بولاية ويسكونسن، حيث اشتعلت حماسة المشاركين وأشادوا بنجاة ترامب المعجزة والإعلان عن اختياره لسيناتور «جيه دي فانس»، من ولاية أوهايو، لشغل منصب نائب الرئيس. يبلغ فانس من العمر 39 عاماً فقط، أي أنه أصغر من ترامب بحوالي 40 عاماً، وإذا تم انتخابه فسيكون ثالث أصغر نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة. كما أن فانس ليس لديه أي خبرة في الحكومة باستثناء قضاء عامين كعضو في مجلس الشيوخ. إلا أنه مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً، «مرثية البسطاء.. مذكرات عائلة وثقافة في أزمة»، والذي يصف نشأته في الفقر والمناطق الموبوءة بالمخدرات في ولاية أوهايو وأجزاء أخرى من منطقة «حزام الصدأ».
قبل الكتاب، كان فانس يخدم في قوات مشاة البحرية الأميركية كعريف، ثم ذهب إلى كلية الحقوق بجامعة ييل. وكان فانس أيضاً رجل أعمال ناجح قبل أن يصبح سياسياً. في الأيام الأولى من عمله بالسياسة، كان فانس من أشد المنتقدين لدونالد ترامب، ووصفه بأشد الأوصاف وقال عنه إنه «يستحق التوبيخ واللوم». بل كان يتساءل عما إذا كان ترامب قد يصبح «هتلر أميركا»؟ غير أنه بمرور الوقت تَغيّر رأيُ فانس وأصبح الآن أحد أكثر المؤيدين ولاءً وحماساً لحركة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماجا)، وهي الحركة التي ألهمها ترامب بشعاره هذا.
ومن الناحية النظرية، يتوقع أن تساعد خلفية فانس ومعتقداته ترامب في ولايات «الياقات الزرقاء» الرئيسية التي تمثل ساحةَ معركة، وهي ميتشيجان وويسكونسن وبنسلفانيا، والتي تضم عدداً كبيراً مِن الذكور البيض من الطبقة العاملة. وبعيداً عن السياسة الداخلية، فإن اختيار فانس ربما مثَّل مفاجأةً مزعجةً لشركاء أميركا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا، وسيشكل مصدراً للغضب في الصين أيضاً. إذ أن فانس كان منتقِداً غير معلن لسياسة بايدن الخارجية. وهو مؤيد قوي لإسرائيل، وينبع ذلك جزئياً من معتقداته المسيحية القوية، ولم يُظهِر تعاطفاً يذكر مع الفلسطينيين، لكنه حث على ضبط النفس في مواجهة إيران.
كما أنه يعارض بشدة استمرارَ تقديم المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، ويعتقد أن ترامب (وليس بايدن) في وضع أفضل للتفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب. ومثل العديد من «الجمهوريين»، فهو يدعم مبدأ حلف شمال الأطلسي، لكنه اشتكى مِن أن الأوروبيين والأعضاء الآخرين يجب أن يدفعوا المزيدَ مقابل الدفاع. ويعتقد فانس أن الصين تشكل أكبر تهديد لأمن الولايات المتحدة وأن الموارد التي تُنفق على أوكرانيا تنتقص من الجهود الرامية إلى دعم حلفاء الولايات المتحدة في آسيا.
ومن المؤكد أن تصريحاته بشأن تايوان ستثير غضب بكين، خاصة أنه، مثل ترامب، يؤيد أيضاً فرضَ رسوم جمركية أكبر على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة. وفي هذه المرحلة من الحملة السياسية، لا يمكن أن تُؤخذ التصريحات التي يدلي بها حزب المعارضة حول السياسة الداخلية والخارجية حرفياً. ولا أحد لديه أي فكرة عما قد يفعله ترامب إذا فاز بالبيت الأبيض وأصبح رئيساً في العشرين من يناير 2025. ستعتمد أمور كثيرة على الوضع الذي سيرثه في الداخل والخارج.
وسيتعين عليه أن يأخذ في الاعتبار أن بعض الجمهوريين الأقوياء الذين يتمتعون بنفوذ، بما في ذلك «نيكي هالي»، منافسته السابقة في الانتخابات التمهيدية، يدعمون أوكرانيا بقوة، وإذا وصلت الحرب إلى لحظة حرجة ميدانياً، فمن غير المرجح أن تتخلى الولايات المتحدة عن بلد يدعمه الكثير من الأميركيين والأوروبيين. لكن ترامب دائماً ما تكون لديه مفاجآت، وفي هذه الحالة، فإننا – مثل الآخرين – لا نعرف ماذا سيحدث.