حرية – (21/7/2024)
تتزايد التحذيرات في اليونان في شأن الانخفاض المقلق في مخزون المياه في عز الصيف، بسبب الجفاف المستمر، وكذلك بفعل الفشل المزمن في إدارة هذا المورد الثمين، وفق المتخصصين.
على بعد 200 كيلومتر إلى الغرب من أثينا، أظهرت بحيرة مورنوس الاصطناعية، خزان المياه الرئيس في منطقة أتيكا التي تتبع لها العاصمة، انخفاضاً 30 في المئة في مخزونها في بداية يوليو (تموز) الجاري مقارنة بالفترة عينها من عام 2023، بحسب بيانات الشركة المشغلة للقطاع في المنطقة (إيداب).
وانخفضت جميع مخزونات المياه في أتيكا 24 في المئة خلال الفترة عينها.
وتدعو “إيداب”، التي صنفت المنطقة ضمن مستوى الإنذار الأصفر، سكان أتيكا البالغ عددهم 3.7 مليون نسمة، ما يوازي ثلث سكان اليونان، إلى مراقبة استهلاكهم من المياه بعناية.
وفي أثينا، تبث يومياً في وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي نداءات لرفع مستوى الوعي بين السكان.
ومن رسائل التنبيه الموجهة للسكان، على سبيل المثال، “عندما لا تملأون حوض الاستحمام بالمياه، فإنكم توفرون ما يصل إلى 150 ليتراً من الماء”، أو “أغلقوا الصنبور عندما تنظفون أسنانكم”.
ويؤثر نقص المياه بشكل حاد في الجزر السياحية حيث توجد وحدات تحلية وحفر لتلبية حاجات السكان الذين تزداد أعدادهم في الصيف.
ويقول أستاذ إدارة الموارد المائية في جامعة ثيساليا نيكيتاس ميلوبولوس لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الطلب على المياه في بعض الجزر التي أصبحت ضحية نجاحها السياحي، خلال فصل الصيف “يكون في بعض الأحيان أكبر بمئة مرة منه في الشتاء”.
كذلك، ينتقد هذا المتخصص “فشل إدارة المياه في اليونان حيث ثمة نقص في السدود” خصوصاً، و”الهدر المتكرر خلال ري الأراضي” من المزارعين.
وفي هذا الإطار، أعلنت هيئة الحماية المدنية “حالة طوارئ” في جزيرة ليروس لشهر واحد في نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
وأشارت بلدية هذه الجزيرة الواقعة في منطقة دوديكانيسيا إلى وجود أعطال في وحدة تحلية المياه بسبب نقص “الصيانة في الماضي”.
وثمة جزر أخرى، بينها سيفنوس في سيكلاديس، وخيوس في شمال بحر إيجه، وليفكادا وكورفو في البحر الأيوني (غرب)، وكذلك السهول الكبرى في البر الرئيس لليونان أو مقاطعة مقدونيا (شمال)، مهددة أيضاً بسبب نقص المياه.
وفي ليفكادا، تحدث الكاتب المقيم في الجزيرة ميخاليس ماكروبولوس عن وضع “مؤسف” عندما “انقطعت المياه نهاية يونيو الماضي لأربعة أيام متتالية”.
وفي صحيفة “إفيميريدا سينتاكتون”، ألقى ماكروبولوس باللائمة في هذه المشكلة على “سوء إدارة السلطات البلدية لسنوات” و”التنمية غير المنضبطة للسياحة من دون بنية تحتية كافية”.
وأعلن رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس أثناء زيارة له إلى ليفكادا في بداية يوليو الجاري، عن إطلاق “أحد أكبر مشاريع إمدادات المياه في اليونان لتغطية حاجات” الجزيرة.
وانتقدت رئيسة بلدية جزيرة سيفنوس ماريا نادالي “الاستهلاك المفرط للمياه في أحواض السباحة وسقي الحدائق الكبيرة”. وتفاقم الجفاف هذا العام في الدولة المتوسطية المعتادة على موجات الحر في الصيف.
وأعقب فصل الشتاء الأكثر اعتدالاً على الإطلاق ارتفاع في درجات الحرارة في فصل الربيع، خصوصاً في يونيو الماضي الذي كان الأكثر دفئاً منذ عام 1960، بحسب بيانات رسمية.
موجة حر مبكرة
وعانت اليونان أيضاً من موجة حر مبكرة، إذ بلغت الحرارة 44 درجة مئوية محلياً في أوائل يونيو الماضي، بينما ترتفع درجات الحرارة هذه الأيام إلى 41-42 درجة مئوية.
لكن المدير العام لهيئة “إيداب” خارالامبوس ساخينيس يحاول الطمأنة، مؤكداً وضع “خطة خاصة” بهدف “التعامل مع ظواهر قصوى مرتبطة بنقص المياه”.
وأكد أخيراً في مقابلة مع وكالة الأنباء اليونانية وجود استثمارات حالياً تناهز 750 مليون يورو لهذه الغاية.
وتقول العالمة المتخصصة في الموارد المائية والباحثة في جامعة أثينا إليزافيت فيلوني لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الهيئة العامة للموارد المائية تستعد أيضاً لإعادة العمل في بحيرة يليكي، وهو خزان إضافي قرب أثينا.
وتضيف “ومع ذلك، هذا الحل يستهلك الكثير من الطاقة لأنه يجب ضخ المياه فيما لدى مجرى مورنوس المائي منحدر طبيعي”. وترى أن “إنشاء هيئة مركزية أمر ضروري لتطوير مقاربة شاملة للموارد في جميع أنحاء البلاد”.