حرية – (29/7/2024)
تأتي تحركات واشنطن لنشر صواريخ نووية في أوروبا، خوفًا من تزايد النفوذ الروسي، في وقت يُصرح فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مرارًا برغبة بلاده في إحلال السلام وإنهاء الصراعات بين شعوب المنطقة، وهو ما يثير قلق روسيا التي سبق أن حذرت من خطوة كتلك، فما الذي يمكن أن تقوم به روسيا لمواجهة التحرك الأمريكي؟.
يرى محللون سياسيون، أن التحركات الأمريكية لإنشاء كيان مواز لحلف شمال الأطلسي لفرض هيمنتها السياسية والعسكرية يخلق مزيدًا من التوتر بين شعوب العالم، والتي تؤدي حتميًا إلى مواجهات مباشرة، وتُنذر بحرب باردة خلال السنوات المقبلة.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حذر خلال العرض البحري الرئيس للأسطول الروسي في بطرسبرغ، الولايات المتحدة، من نشر صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا.
وقال بوتين إن موسكو ستضع صواريخ مماثلة في مواقع يسهل منها قصف الدول الأوروبية.
ومن المقرر أن تبدأ واشنطن نشر أسلحة طويلة المدى في ألمانيا بحلول عام 2026، وذلك “للدفاع عن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي”، وفق بيان مشترك صادر عن البلدين بوقت سابق من الشهر الجاري.
وفي هذا الصدد، رأى الخبير في الشأن الأمريكي، أحمد سيد أحمد، أن محاولات واشنطن لفرض المزيد من نفوذها داخل أوروبا، لن تزيد إلا حالة من التشنج في العلاقات بين الدول ببعضها البعض.
وأشار أحمد إلى أن “هذا ما بدأته بالفعل بعد قيامها خلال الأسابيع الماضية بتنفيذ عمليات تدريبية على نقل أنظمة الصواريخ النووية متوسطة المدى إلى الفلبين والدنمارك”.
وأضاف أن “منظومة الصواريخ التي ترغب أمريكا في نشرها يبلغ مداها نحو 500 كيلومتر، وهي أسلحة حُظِرَت عام 2019، بموجب معاهدة الحد من الأسلحة النووية التي وقعها رئيس الاتحاد السوفيتي مع واشنطن 1987”.
وأكد أن التحركات الأمريكية بنشر منظومة الأسلحة متوسطة المدى في ألمانيا ما هي إلا محاولة لإيجاد بدائل عن التوغل الروسي، وأيضا تماشيًا مع خطة الجيش الأمريكي، والتي تستهدف تعزيز تواجده ونفوذه العسكري في وحداته الخمس بالدول الأوروبية والآسيوية.
ويتفق مع هذا الرأي، الباحث في الشأن الروسي، عمرو الديب، الذي يقول إن واشنطن ترغب في حفظ ماء الوجه من خلال بث رسالة لروسيا بقدرتها على اختراق مجالها الجوي من أقرب جيرانها سواء في أوروبا أو آسيا، بعد اختراقها لمعاهدة حظر نقل الأسلحة النووية، لذا يجب تجنب هذه المعاهدات والتركيز على إعادة إنتاج الصواريخ التي تفوق الصواريخ الأمريكية.
وأضاف الديب أن “الولايات المتحدة أعطت الحق قانونيا لروسيا في التحلل من قيود معاهدة الأسلحة القصيرة والمتوسطة واتخاذ ذات الطريق لحماية أراضيها ومجالها الجوي، مشيرًا إلى أن السيناريو الأقرب للتنفيذ، هو أن تقوم موسكو بنشر قواعد للصواريخ النووية بالقرب من الحدود الأمريكية”.
من جهته، عبر الباحث السياسي في واشنطن، توفيق حميد عن اعتقاده بأن “الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية – تحديدًا عقب حل الاتحاد السوفيتي – خفضت أعداد الصواريخ الأمريكية في الدول الأوروبية تزامنًا مع تراجع التهديد الروسي”.
وأشار حميد إلى أن “خطة إعادة نشر الأسلحة ليست بالجديدة، بل هي وليدة الحرب الروسية الأوكرانية وتنامي العلاقات الروسية الصينية وكوريا الشمالية”.
وأوضح أن “الولايات المتحدة تعلم جيدًا المخاطر المتوقعة من خطوتها بإعادة نشر أسلحتها النووية، ورغم ذلك فإن الرد الروسي قد يكون أقوى بكثير بسبب تحالف موسكو مع أكبر القوى العظمى في آسيا وهما الصين وكوريا الشمالية اللتان ما زالتا تهددان الأمن الأوروبي”.
وأردف أن “الدليل هو تصريحات بوتين التي كشف فيها عن مدى قدرات الصواريخ الروسية في اختراق الأهداف الأوروبية في أقل من 10 دقائق”.
وعن الرد الروسي المتوقع، تابع الباحث: “نتوقع قيام روسيا بإجراءات مماثلة في قلب أوروبا من ناحية، وبالتوسع في خططها الإنتاجية للأسلحة النووية بالتعاون مع كوريا الشمالية، رغم الحالة الاقتصادية وتزايد معدلات التضخم في موسكو نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية”.