حرية – (30/7/2024)
بموازاة ركود سياحي حاد يشهده الأردن بصورة عامة، فقدت البتراء “المدينة الوردية” بريقها السياحي وباتت تشكو قلة زوارها ومرتاديها في الأشهر الأخيرة على نحو بات يهدد مصدر الزرق الوحيد للمجتمع المحلي في المدينة، الذي تعتاش غالبيته على الموسم السياحي ويقدم خدمات الضيافة والحرف والمنتجات المحلية لتأمين مصدر رزقه، إذ يعتمد نحو 80 في المئة من أهالي المنطقة على الدخل السياحي بصورة مباشرة.
تداعيات حرب غزة
ظلت “البتراء” لأعوام طويلة تروي حكايات حضارة نبطية عريقة لملايين الزوار من كل بقاع العالم، لكنها اليوم لم تعد تعج بالحياة، فتوقف صخبها وخف ضجيج سياحها بعدما تأثر الأردن في تداعيات ما يحدث بغزة.
وهي تداعيات طاولت وفق مراقبين، ما يسمى المثلث الذهبي للسياحة في الأردن الذي يشمل (العقبة والبتراء ووادي رام)، نتيجة إلغاء عدد من الرحلات الجوية الدولية للطيران الاقتصادي التي كانت تصل إلى العقبة في موسم الشتاء.
ويتحدث وزير السياحة مكرم القيسي عن تراجع حجوزات الفنادق في الأردن بنسبة 50 في المئة منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
ويضيف أن الطلب على المواقع السياحية تراجع 40 في المئة، كما تراجعت حجوزات المطاعم السياحية بنسبة 60 في المئة.
وتشير النشرة الأخيرة للبنك المركزي إلى أن الدخل السياحي الأردني بلغ نحو 6.3 مليار دولار، حتى نهاية أكتوبر 2023.
تراجع بنسبة 70 في المئة
وفقاً لسلطة إقليم البتراء التنموي، وصل عدد زوار المدينة السياحية منذ عام 2023 إلى نحو 1.17 مليون زائر 86 في المئة منهم أجانب، إلا أن الأحداث السياسية المتعلقة بحرب غزة تسببت بتراجع الحركة السياحية إلى نحو 70 في المئة في الوقت الحالي.
يأتي هذا التراجع على رغم ما تبذله السلطات من جهود لتعزيز السياحة في المدينة من قبيل تنشيط أنواع جديدة، مثل سياحة الفلك والمسارات البيئية. وتكمن أهمية هذه المدينة سياحياً بأنها أسهمت بنحو مليار دولار من الدخل السياحي الكلي.
ويبلغ عدد المنشآت الفندقية في البتراء 77 فندقاً، بسعة نحو 3700 غرفة، تشغل قرابة 1737 عاملاً، لكن التراجع أدى إلى فقدان نحو نصف مليون زائر العام الحالي، وإغلاق 28 فندقاً لم تتجاوز نسب الإشغال فيها خمسة في المئة، وتسريح نحو 300 عامل لديها. في المقابل يترقب القائمون على 25 فندقاً قيد الإنشاء بسعة 1400 غرفة في المدينة، مصيراً مشابهاً في ظل هذا التراجع.
المجتمع المحلي متضرر
يلقي مراقبون باللائمة على تأثيرات جائحة كورونا التي تسببت بأزمة تراجع السياحة في المدينة التي صنفت عام 2007 ضمن عجائب الدنيا السبع، فضلاً عن تقلبات الاقتصاد العالمي من دون إغفال وجود منافسة شرسة من قبل وجهات سياحية بديلة، لكن الوضع السياسي في المنطقة يبقى العامل الأكثر تأثيراً إذ تبرز مخاوف السياح من عدم الاستقرار الأمني.