حرية – (3/8/2024)
يشعر المسؤولون الدينيون المسلمون في بريطانيا بقلق إثر أعمال عنف وتظاهرات استهدفت مساجد، وهم في حالة تأهب منذ مقتل ثلاث فتيات طعنا في شمال غرب البلاد وانتشار شائعات غير مدعومة بأدلة بأن المشتبه به مسلم.
صارت المساجد أهدافًا منذ حادث الطعن الذي وقع في مدينة ساوثبورت الاثنين خلال حفل عن أغاني النجمة الأميركية تايلور سويفت. واندلعت أعمال شغب في مدن انكليزية اتُّهم عناصر من اليمين المتطرف بالوقوف وراءها.
أُطلقت هتافات معادية للإسلام خلال اضطرابات شهدتها مدينة سندرلاند بشمال شرق إنكلترا مساء الجمعة، ووقعت اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين أمام مسجد في المدينة.
وأكدت الشرطة أن مئات “من أنصار” حركة “انغليش ديفنس ليغ” اليمينية المتطرفة اشتبكوا مع قوات الأمن مساء الثلاثاء، وهاجموا مسجدًا في ساوثبورت.
وقالت الأمينة العامة للمجلس الإسلامي البريطاني زارا محمد لفرانس برس إن “المجتمع الإسلامي يشعر بقلق عميق”، لا سيما مع “هذه التجمعات المخطط تنظيمها في جميع أنحاء المملكة المتحدة وتستهدف تحديدا المساجد”.
وفي لندن ومدن أخرى، أعلنت الشرطة تعزيز تواجدها حول المساجد، في حين توعد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر برد حازم على أعمال “الكراهية اليمينية المتطرفة”.
وعقد المجلس الإسلامي البريطاني اجتماعًا بشأن الأمن مساء الخميس مع أئمة المساجد قبل عطلة نهاية الأسبوع.
ونقلت زارا محمد عن أحد المسؤولين الحاضرين قوله “إنه تلقى مكالمات هاتفية جاء فيها: سنهاجمكم”، وقالت إن آخرين تساءلوا إذا كان ينبغي مواصلة الأنشطة المعتادة مثل الدروس المخصصة للأطفال واجتماعات النساء وغيرها.
وأشارت إلى أن “بعض المساجد لا يمكنها تحمل كلفة الاستعادة بحراس أمنيين”.
وقال شوكت واريتش مدير شركة “موسك سيكيوريتي” (أمن المسجد) التي تقدم خدمات أمنية للمساجد في حديث لفرانس برس إن الشركة تلقت طلبات من “أكثر من 100 مسجد” من بين نحو 2000 مسجد في البلاد.
وأكد أن مسؤولي المساجد “حدّثونا عن ضعفهم وخوفهم” وطلبوا “نصائح تقنية”.
اعتمد مسجد عبد الله كويليام في ليفربول مساء الجمعة على تضامن السكان، وهم ليسوا جميعا مسلمين، جاؤوا بأعداد كبيرة لحماية الموقع بعد انتشار شائعات بشأن احتمال مهاجمته.
وقال دانيال أحد المتطوعين لحماية المسجد لفرانس برس: “أنا هنا للتضامن مع … جيراني. إنهم يعيشون في حيي، في مدينتي”.
“يتهمون المسلمين”
وعقب صلاة الجمعة في المسجد المركزي في لندن، أكد معظم مَن التقت بهم وكالة فرانس برس أنهم يشعرون بقلق جراء التظاهرات المعادية للإسلام وأعمال العنف في الأيام الأخيرة.
وقال الطالب هشام بيتس (24 عاماً): “كان الأمر في السابق يحدث في الخفاء، لكن حاليا يجرأ الناس على قول ما يفكرون فيه حقاً والأمر مخيف جدا”.
كذلك أعرب مبرمج الكمبيوتر عمران محمود البالغ 52 عامًا عن قلقه لرؤية كيف يندفع البعض لمهاجمة مسجد على خلفية شائعات.
وقال بأسف: “بدل تقصي الحقيقة، يتهمون المسلمين”، معتبراً ذلك بمثابة “غسيل دماغ” تعزّزه مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم ينتشر سوى ستة من عناصر الشرطة أمام المسجد خلال خروج المصلين من صلاة الجمعة.
دور للقادة السياسيين
وقالت زارا محمد: “من الصادم جدا أن نرى مدى التنسيق والتخطيط لكل هذا، ومدى سرعة تسبّب حملة تضليل وأخبار مزيفة” بأعمال عنف.
لكنها لفتت إلى أن ما يحدث “لا يأتي من عدم”. ورأت أن هناك “مشاعر معادية للمهاجرين ومعادية للإسلام تنتشر على نطاق واسع”، بما في ذلك في صفوف الطبقة السياسية، مستشهدة بخطاب وزيرة الداخلية المحافظة السابقة سويلا برافرمان التي تهجمت على المهاجرين، أو النائب عن حزب الإصلاح اليميني المتطرف البريطاني “ريفورم يو كاي” المناهض للهجرة لي أندرسون.
أثار أندرسون الجدل قبل أشهر عندما اتهم عمدة لندن صادق خان بأنه “يخضع لسيطرة الإسلاميين”.
وأكدت إيمان عطا مديرة جمعية “تيل ماما” التي ترصد الأعمال المعادية للإسلام في البلاد أن “الأمر ليس جديدًا، لكن حجم الظاهرة يتزايد”.
وأشارت إلى “اللغة المستخدمة” من بعض القادة السياسيين بشأن الهجرة واللاجئين. وقالت: “كل ذلك يدفع المتطرفين… إلى أن يصبحوا أكثر جرأة والتعبير في العلن” عما يفكرون فيه.