حرية – (3/8/2024)
كشفت صحيفة “واشنطن بوست”، عدم وجود دور مباشر للمسؤولين الأوكرانيين في عملية تبادل السجناء الضخمة بين والغرب التي حدثت الخميس الماضي، مشيرة إلى أن تشعر بالقلق من إجراء محادثات سرية بين حلفائها وروسيا.
ولم يعلق كبار المسؤولين، بمن فيهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي، على عملية التبادل، ولكن حجم الصفقة وتعقيدها وأهميتها لم يمر من دون ملاحظة، فقد كانت عملية دبلوماسية صعبة وسرية، شارك فيها مسؤولون من 9 دول.
والجمعة، سارع المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى نفي التكهنات بأن صفقة السجناء يمكن أن تؤدي إلى مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة وجود قلق منذ مدة طويلة في كييف من أن الداعمين، وخاصة الولايات المتحدة، قد يبدؤون محادثات سرية مع موسكو.
وفي هذا الصدد، أصر المسؤولون الأوكرانيون على أنهم سيلزمون الرئيس جو بايدن بوعده الذي كرره مرارًا: “لا شيء عن أوكرانيا، من دون أوكرانيا”.
وقال مستشار زيلينسكي ميخايلو بودولياك، في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” إن أوكرانيا أصبحت الآن “مستقلة للغاية” إذ لا يمكن تجاوزها خلال أي مفاوضات محتملة وفرض شروط وقف إطلاق النار من قبل الآخرين.
وأضاف بودولياك: “لن تتمكنوا من الاتفاق على شيء مع روسيا يخص أوكرانيا من دون أوكرانيا، ثمن الحرب مرتفع للغاية، والتأثير المعلوماتي لأوكرانيا مرتفع للغاية، وإنهاء الحرب على نحو خاطئ سيجلب المأساة ليس فقط لأوكرانيا”.
وتشير “واشنطن بوست” إلى “أن الأوكرانيين يدركون أن بلادهم تعيش على الأسلحة والأموال المتبرع بها والمقترضة والمهداة من الخارج، إذا قُطعت أي من هذه الشرايين، فإن أوكرانيا ستكون في ورطة كبيرة”.
لهذا السبب، تركت أنباء صفقة السجناء، نتيجة أشهر من المفاوضات الدبلوماسية الدقيقة والمعقدة بين موسكو وواشنطن بعض الأوكرانيين حذرين.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية تفاصيل أشهر من المفاوضات المعقدة والدبلوماسية المحفوفة بالمخاطر، التي قادت إلى ما وصفت بأنها أكبر عملية تبادل سجناء بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة، إذ كانت تلك الأحكام بالسجن إشارة معتادة من روسيا على أنه سيعفى عنهم، ليدخلوا في صفقة التبادل.
وشمل الاتفاق الذي أعلن عنه، الخميس، ما لا يقل عن 16 شخصًا محتجزًا في روسيا، مقابل 8 روس سجناء في الولايات المتحدة وألمانيا والنرويج وبولندا وسلوفينيا.
وتضم قائمة المفرج عنهم 3 أمريكيين ورابع يحمل الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، بينهم صحفيون.
ولوضع عملية تبادل السجناء في سياقها وتجنب إثارة التوقعات بشأن محادثات السلام، أشار بعض الأوكرانيين إلى أن كييف وموسكو أيضًا قد نفذتا عمليات تبادل متعددة لأسرى الحرب.
ولفتوا إلى أن مثل هذه الصفقات تمثل القاسم المشترك الأدنى للمصلحة الذاتية، ولم تخلق بأي شكل من الأشكال فرصًا لمحادثات السلام.
وقال مسؤول أوكراني، تحدث مع الصحيفة، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن عمليات تبادل السجناء الناجحة لا تعني إجراء محادثات لإنهاء الحرب، ولكن المسؤول شدد على أن أوكرانيا لا تزال منفتحة على المحادثات العادلة والتي تلتزم بالقانون الدولي.
وأضاف المسؤول: “لدينا بعض المحادثات مع الروس أيضًا، عندما يتعلق الأمر بتبادل أسرى الحرب، وآلاف الأشخاص أحرار الآن، ولكن هذا لا يدفعنا إلى التفاوض”.
وأشار آخرون إلى أن الغرب، من خلال تبادل المجرمين والجواسيس الروس، بمن فيهم قاتل مدان مقابل صحفي أمريكي اتهم بلا أساس بالتجسس، وشخصيات المعارضة السياسية الروسية الذين كانت جريمتهم الوحيدة هي الدعوة إلى الديمقراطية، أو آخرون ارتكبوا جرائم يسيرة سيخلق حافزًا إضافيًّا لموسكو للقبض على مزيد من الأبرياء.
وفي حين أن عملية التبادل مثلت انتصارًا دبلوماسيًّا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يصر الأوكرانيون على أنه لن ينجح في إجبار بلادهم على التخلي عن طموحاتها لمستقبل حر وديمقراطي في الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لبعض المسؤولين الأوكرانيين، مثلت الصفقة عودة إلى الماضي. قال أحد كبار المسؤولين الأوكرانيين، متحدثًا شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المسائل الأمنية الحساسة: “تُحيا أفضل ممارسات الحرب الباردة لتبادل المنشقين والجواسيس”.
ولم يعرب كبير المسؤولين عن أي قلق من أن المسؤولين الغربيين المشاركين في التبادل ربما قدموا أي تنازلات فيما يتعلق بدعم الدفاع عن أوكرانيا بوصفه شرطًا للتبادل.
وقال كبير المسؤولين: “المفاوضات تجري طوال الوقت، في أسوأ اللحظات. والشكر لله أنها تحدث، سيكون الأمر أسوأ لو لم تكن جارية وكانت الحكومات تقفز فقط إلى الضربات النووية”.